للمتابعة اضغط هنا

"كرويلة" و"بيكوب".. غياب النقل المدرسي يضطر تلاميذ القرى إلى بدائل خطرة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

على الرغم من الدينامية التي شهدها ميدان النقل المدرسي بالمملكة، خُصوصا بعد إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فإن عددا من الجماعات القروية المغربية لا تزال تشهد أشكالا غير قانونية ولا تستجيب لأدنى معايير السلامة الطرقية لنقل التلاميذ؛ إذ يجد العديد من هؤلاء أنفسهم مضطرين إلى “التكدس” بأعداد كبيرة في دراجات ثلاثية العجلات أو سيارات نقل البضائع من طراز “بيكوب”، بل وحتى العربات المجرورة بالخيول “الكرويلات”.

وبعد مضي أسبوعين على “الجدل” الذي رافق اضطرار ساكنة أحد الدواوير بجماعة سيدي إسماعيل بإقليم الجديدة إلى تخصيص عربة مجرورة “كرويلة” لنقل أبنائها إلى المدراس الموجودة بمركز الجماعة بسبب عدم توفر الدوار على حافلة للنقل المدرسي، حتى كشفت مواقع التواصل الاجتماعي معاناة مماثلة يعيشها تلاميذ دواوير تينزرت بجماعة تغجيجت بإقليم كلميم الذين يتم نقلهم إلى مدارسهم بواسطة “بيكوب”. وإلى هاتين الحالتين، برزت أيضا حالة تلاميذ أحد الدواوير بإقليم تندرارة، الذين يتم نقلهم “متكدسين” داخل وفوق سقف سيارة أحد المواطنين بالدوار.

ويثير اعتماد هذه الوسائل للنقل المدرسي قلق فاعلين مهتمين بمجال السلامة الطرقية، أكدوا لهسبريس “انطواء الأمر على خرق قانوني يهدد بتسجيل حوادث سير بخسائر بشرية ثقيلة في صفوف التلاميذ بالنظر إلى عدم توفر هذه الوسائل على أدنى معايير السلامة والحماية لفائدتهم”، ونبهوا إلى “إشكال آخر يتعلق بكون هذه الوسائل تتوفر على تأمين لنقل البضائع؛ ما يعني أنه في حال تعرضها لحادثة سير، فإن التلاميذ المصابين لن ينالوا درهما من أموال شركات التأمين”، مُستغربين “عدم قيام السدود الأمنية للأمن الوطني والدرك الملكي بدورها في حجز وتوقيف هذه العربات والمركبات”، ومحملين مسؤولية “المجازفة بأرواح التلاميذ إلى الجماعات القروية المقصرة في توفير حافلات النقل المدرسي”.

“أخطار متعددة”

مصطفى الحاجي، رئيس الهيئة المغربية لجمعيات السلامة الطرقية، سجل أن “نقل التلاميذ عبر هذه الوسائل خرق قانوني لمقتضيات مدونة السير ومراسيمها التطبيقية التي حددت نوعية المركبات المستعملة للنقل المدرسي وشكلها وسقف عدد المقاعد بها، وشددت على وجوب توفر سائق النقل المدرسي على بطاقة السائق المهني واستيفائه لمجموعة من الشروط والمعايير الخاصة إضافة لتلك المطلوبة بالنسبة للمهنيين”، مُبرزا أن “الخروقات المهددة بحوادث سير كارثية بخسائر بشرية ثقيلة في صفوف التلاميذ، رصدتها الهيئة بجميع الجهات والأقاليم المغربية”.

وبيّن الحاجي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “فُرص تسجيل وفيات وجروح خطيرة في صفوف التلاميذ الذين يجري نقلهم بهذه الوسائل في حالة وقوع حادثة سير تبقى كبيرة، بسبب قوة الارتطامات المرتقبة نتيجة كثرة عدد هؤلاء على ظهر العربة أو المركبة، وانعدام كل وسائل الحماية لهم وعلى رأسها أحزمة السلامة”، مُضيفا أن “هذه التريبورتورات أو العربات لا تتوفر على مستلزمات الإسعافات الأولية كما وسائل حماية مكان الحادثة؛ وبالتالي فإنها قد تتعرض لحوادث سير مضاعفة في حال وجود الضباب أو الظلام، خاصة أننا على أبواب الشتاء حيث يذهب التلاميذ إلى المدارس ويعودون منها في جنح الظلام”.

وتابع رئيس الهيئة المغربية لجمعيات السلامة الطرقية: “إشكال آخر يثيره استخدام هذه الوسائل سواء التريبورتورات أو “البيكوب” أو شاحنات الرمال بغرض النقل المدرسي، يتمثل في توفرها على تأمين للبضائع فقط؛ وبالتالي ففي حال تعرضها إلى حادثة السير فإن شركات التأمين ستتبرأ من تعويض التلاميذ المتضررين”، مُردفا أن “جهود إسعاف التلاميذ في هذه الحال ستكون متعثرة، حيث إن سيارات الإسعاف حين يتم إبلاغها ستضع بعين الاعتبار وجود سائق فقط ومرافق أو مرافقين على أقصى تقدير يحتاجون الإسعاف وليس عدد غير محصور من التلاميذ”.

وأورد المهتم بمجال السلامة الطرقية أن “هذا الإشكال رصدناه خلال حادثة انقلاب حافلة للنقل المدرسي بإقليم الجديدة؛ فقد وضع المسعفون في حسابهم أن عدد هؤلاء التلاميذ سيكون ضئيلا ولن يتجاوز في أغلب الحالات الحد القانوني المسموح به أي 22 شخصا”، مُبرزا أن “هذه الحادثة تجر إلى إشكالية أخرى تتمثل في عدم مراعاة مركبات النقل المدرسي المسموح بها للضوابط القانونية التي تكفل الحماية للتلاميذ”.

من هذا المنطلق، طالب رئيس الهيئة المغربية لجمعيات السلامة الطرقية “جميع مجالس العمالات والأقاليم والجماعات الترابية بالكف عن الاستهتار بحياة التلاميذ المغاربة، وتوفير عدد كاف من حافلات النقل المدرسي لفائدتهم، والحرص على استجابة تلك الموجودة للمعايير وكذا سائقيها للمعايير القانونية”، مناشدا “الكف عن الترخيص للتريبورتورات والشاحنات وغيرها للقيام بالنقل المدرسي؛ بالنظر إلى أن هذا ليس مجالا للترقيع أو المقامرة”.

“غياب المراقبة”

إلياس سليب، رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية، قال إن “نقل التلاميذ عبر “التريبورتورات” أو “البيكوبات” أو العربات المجرورة خرق قانوني مُنتشر بعدد من الجماعات القروية وبالمراكز الحضرية بالمغرب”، مُبرزا أن “المستغرب هو أن هذه العربات التي لا تحترم عدد المقاعد المحدد لها على مستوى بطاقة التسجيل (البطاقة الرمادية) وشهادة التأمين، وغير المخصصة للنقل الجماعي، تمر يوميا أمام العديد من السدود الأمنية التابعة للأمن الوطني أو الدرك الملكي دون أن يتم توقيفها أو حجزها أو تحرير مخالفات بحق سائقيها”.

وأكد سليب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه الوسائل تنعدم فيها أدنى مستلزمات السلامة الطرقية والحماية لفائدة التلاميذ وعلى رأسها حزام السلامة، ويجري نقلهم بأعداد كبيرة؛ ما يجعل قوة الارتطام بينهم ستكون قوية في حال تعرضوا لحادثة سير”، مُحملا “مسؤولية هذا الوضع إلى الجماعات القروية المُقصرة في توفير حافلات النقل المدرسي لفائدة التلاميذ المنتمين إلى ترابها والمحرومين من فرعيات قريبة من منازلهم”.

وسجل رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية أن “الإشكال هو أن نقل التلاميذ عبر حافلات النقل المدرسي الخاضعة للقانون بدوره لا يراعى فيه توفير أدنى شروط سلامتهم؛ إذ رغم الجهود التي بذلها الفاعلون المهتمون بمجال السلامة الطرقية للتحسيس بأهمية ربط التلاميذ لحزام السلامة، نجد أن أغلب سائقي هذه الحافلات لا يبذلون أدنى جهد لحث التلاميذ”، مُوردا أنه “الإشكال هو كون عناصر الأمن الوطني والدرك لا يقومون بتوقيف هذه الحافلات وصعودها لمراقبة مدى امتثالها لشروط السلامة الطرقية”.

وطالب الفاعل المتم بمجال السلامة الطرقية “الحكومة بالتدخل من أجل إلزام المجالس المنتخبة بتوفير أساطيل تضم أعدادلاا كافية من حافلات للنقل المدرسي، من أجل تجنيب التلاميذ عواقب التنقل بهذه الآليات التي لا تتوفر على أدنى معايير السلامة الطرقية. كما لا تستجيب لأدنى متطلبات حفظ الكرامة الإنسانية؛ لأن هؤلاء التلاميذ أو العاملين والعاملات الزراعية الذين يتم نقلهم بدوره عبر “البيكوبات” هم بشر قبل كل شيء”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق