ما أحوجنا إلى: السياقة فن وذوق

صدي العرب 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تثار‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬خليجنا‭ ‬العربي‭ ‬تشديد‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬المخالفين‭ ‬لقواعد‭ ‬المرور‭ ‬الجديدة‭ ‬فقديمًا‭ ‬ما‭ ‬اعتدنا‭ ‬عليه‭ ‬هو‭ ‬السرعة‭ ‬التي‭ ‬تتجاوز‭ ‬الحد‭ ‬المسموح‭ ‬به،‭ ‬وكنا‭ ‬نسميها‭ ‬‮«‬السرعة‭ ‬المجنونة‮»‬‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬قواعد‭ ‬السير‭ ‬المعتادة‭ ‬التي‭ ‬تعلمناها‭ ‬منذ‭ ‬بدأنا‭ ‬تعليم‭ ‬السياقة،‭ ‬وكان‭ ‬المعلم‭ ‬يؤكد‭ ‬علينا‭ ‬بتثبيت‭ ‬المرآة‭ ‬والتأكيد‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬تكشف‭ ‬السيارات‭ ‬التي‭ ‬خلفنا‭ ‬وتجاوزها‭ ‬للسيارة‭ ‬التي‭ ‬نقودها‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬الفرامل‭ ‬وسلامة‭ ‬الإطارات،‭ ‬والمرآة‭ ‬الجانبية،‭ ‬وأن‭ ‬السيارة‭ ‬خزانها‭ ‬من‭ ‬البانزين‭ ‬معقول‭ ‬لمواصلة‭ ‬السير،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬سلامة‭ ‬الماء‭ ‬وسلامة‭ ‬الزيت،‭ ‬وطبعًا‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬نظافة‭ ‬السيارة‭ ‬والتأمين‭ ‬عليها‭ ‬وفحصها‭ ‬بإدارة‭ ‬المرور‭ ‬والترخيص‭.‬

واليوم‭ ‬نتكلم‭ ‬عن‭ ‬مستجدات‭ ‬جديدة‭ ‬وأهمها‭ ‬حزام‭ ‬الأمان‭ ‬للسائق‭ ‬ولمن‭ ‬بالقرب‭ ‬منه،‭ ‬والآن‭ ‬حتى‭ ‬الركاب‭ ‬في‭ ‬الخلف‭ ‬عليهم‭ ‬تضبيط‭ ‬حزام‭ ‬الأمان،‭ ‬وكنا‭ ‬نسخر‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬القواعد‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬حتى‭ ‬تأكدنا‭ ‬من‭ ‬سلامة‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬وضرورتها‭... ‬حتى‭ ‬جاء‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال‭ ‬‮«‬الموبايل‮»‬‭ ‬وإذا‭ ‬به‭ ‬أشد‭ ‬خطورة‭ ‬من‭ ‬سواه‭ ‬إذا‭ ‬نحن‭ ‬لم‭ ‬نلتزم‭ ‬بقواعد‭ ‬المرور‭ ‬التي‭ ‬تمنع‭ ‬استخدام‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال‭ ‬أثناء‭ ‬السياقة‭ ‬حتى‭ ‬أصابنا‭ ‬ما‭ ‬أصابنا‭ ‬من‭ ‬شرور‭ ‬نتيجة‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال‭ ‬أثناء‭ ‬السياقة‭ ‬والإفراط‭ ‬في‭ ‬استخدامه‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬سواق‭ ‬عربات‭ ‬التوصيل‭ ‬أفرطوا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاستخدام‭ ‬الخطر‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬دون‭ ‬مبالاة‭ ‬أو‭ ‬اكتراث‭ ‬وهمه‭ ‬أن‭ ‬يوصل‭ ‬الطلبات‭ ‬لراغبيها‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬سلامته‭.‬

وأنا‭ ‬أستمع‭ ‬للأخوة‭ ‬الذين‭ ‬يلتزمون‭ ‬بهذه‭ ‬القواعد‭ ‬المرورية‭ ‬الجديدة،‭ ‬ويذكرون‭ ‬إن‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬التقدير‭ ‬المالي‭ ‬للمخالفات‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يستوعبوا‭ ‬ذلك،‭ ‬ولكننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬بأن‭ ‬صحتنا‭ ‬وسلامتنا‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬مادي،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬سمح‭ ‬الله‭ ‬إذا‭ ‬حدث‭ ‬مكروه‭ ‬نتيجة‭ ‬إهمال‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬الثمن‭ ‬سيكون‭ ‬باهضًا‭ ‬ماديًا‭ ‬ومعنويًا‭ ‬واجتماعيًا‭ ‬واقتصاديًا‭.‬

قديمًا‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬أمثالنا‭ ‬المرتبطة‭ ‬بقواعد‭ ‬المرور‭ ‬‮«‬خيرًا‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬متأخرًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬أبدًا‮»‬‭ ‬كان‭ ‬رجل‭ ‬توعية‭ ‬المرور‭ ‬الأول‭ ‬البحريني‭ ‬المقدم‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬بوحجي‭ ‬الله‭ ‬يعطيه‭ ‬الصحة‭ ‬والعافية‭ ‬يذكرنا‭ ‬يوميًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إذاعة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬السابعة‭ ‬صباحًا‭ ‬تقريبًا‭ ‬بقواعد‭ ‬المرور‭ ‬وكان‭ ‬باسلوبه‭ ‬المحبب‭ ‬والروائي‭ ‬يذكر‭ ‬بعض‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تجعلك‭ ‬أكثر‭ ‬إقناعًا‭ ‬بأهمية‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬المرور‭ ‬والالتزام‭ ‬بما‭ ‬يحفظ‭ ‬سلامتنا‭ ‬وسلامة‭ ‬الآخرين‭ ‬وكنا‭ ‬نحرص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نستمع‭ ‬إليه‭ ‬ونحن‭ ‬نقوم‭ ‬بتوصيل‭ ‬فلذات‭ ‬أكبادنا‭ ‬إلى‭ ‬المدارس‭ ‬لكي‭ ‬يعوا‭ ‬أهمية‭ ‬الالتزام‭ ‬بقواعد‭ ‬المرور‭ ‬منذ‭ ‬الصغر،‭ ‬وكان‭ ‬المقدم‭ ‬بو‭ ‬محمد‭ ‬قد‭ ‬نال‭ ‬شعبية‭ ‬طاغية‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬مجتمعنا‭ ‬البحريني،‭ ‬وكان‭ ‬يحرص‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬تزوده‭ ‬بها‭ ‬إدارة‭ ‬المرور‭ ‬والترخيص‭ ‬على‭ ‬إيراد‭ ‬الحقائق‭ ‬والشواهد‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬يوميًا،‭ ‬ضاربًا‭ ‬بها‭ ‬المثل‭ ‬وكيف‭ ‬يمكننا‭ ‬تجنب‭ ‬هذه‭ ‬الأخطار‭ ‬بتعاوننا‭ ‬مع‭ ‬بعضنا‭ ‬بعضًا،‭ ‬وأذكر‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬زيارات‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬إلى‭ ‬مبنى‭ ‬الإذاعة‭ ‬والتلفزيون‭ ‬أن‭ ‬طلب‭ ‬حضور‭ ‬المقدم‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬بوحجي‭ ‬بومحمد‭ ‬وطلب‭ ‬منه‭ ‬شرح‭ ‬لحادث‭ ‬مروري‭ ‬مروع‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬شوارع‭ ‬البحرين،‭ ‬وكان‭ ‬حديث‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬آنذاك،‭ ‬حيث‭ ‬ذهب‭ ‬ضحيته‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأرواح‭ ‬وحثه‭ ‬سموه‭ ‬يرحمه‭ ‬الله‭ ‬المقدم‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬هذه‭ ‬التوعية‭ ‬المرورية‭ ‬اليومية‭ ‬في‭ ‬إذاعة‭ ‬البحرين،‭ ‬وأكد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المتابعين‭ ‬لحلقاته‭ ‬اليومية‭ ‬في‭ ‬لإذاعة‭ ‬البحرين‭.‬

إن‭ ‬قواعد‭ ‬المرور‭ ‬ضرورية؛‭ ‬لأنها‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬وعلم،‭ ‬ورجال‭ ‬المرور‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬مر‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬ظروف‭ ‬يدركون‭ ‬أبعاد‭ ‬وخطورة‭ ‬عدم‭ ‬الالتزام‭ ‬بهذه‭ ‬القواعد‭.‬

وخيرًا‭ ‬تفعل‭ ‬إدارة‭ ‬المرور‭ ‬والترخيص‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬بتوعية‭ ‬طلبة‭ ‬المدارس‭ ‬من‭ ‬البنين‭ ‬والبنات‭ ‬وهم‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬مبكرة‭ ‬بأهمية‭ ‬الالتزام‭ ‬بقواعد‭ ‬المرور‭ ‬وقد‭ ‬يتساءل‭ ‬المرء‭ ‬كيف‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الصبية‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬مقتبل‭ ‬العمر‭ ‬يدركون‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬المرور،‭ ‬وعن‭ ‬تجربة‭ ‬فقد‭ ‬لمست‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬رجال‭ ‬المرور‭ ‬إدراكهم‭ ‬حفظهم‭ ‬الله‭ ‬للأسلوب‭ ‬الذي‭ ‬يصلون‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الناشئة،‭ ‬وكما‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬حكمنا‭: ‬إننا‭ ‬نتعلم‭ ‬من‭ ‬الصغير‭ ‬والكبير،‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬يقول‭ ‬لك‭ ‬ابنك‭ ‬أو‭ ‬حفيدك‭ ‬نصيحة‭ ‬تستغرب‭ ‬منها‭ ‬لكنك‭ ‬إذا‭ ‬تأملتها‭ ‬تدرك‭ ‬إنه‭ ‬على‭ ‬حق‭.‬

فنحن‭ ‬بحاجة‭ ‬فعلاً‭ ‬إلى‭ ‬التوعية‭ ‬المرورية‭ ‬ومع‭ ‬ازدياد‭ ‬كثافة‭ ‬الحركة‭ ‬المرورية‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الذروة‭ ‬وذهاب‭ ‬الطلبة‭ ‬إلى‭ ‬المدارس‭ ‬والموظفين‭ ‬والعاملين‭ ‬إلى‭ ‬أعمالهم‭ ‬والشاحنات‭ ‬التي‭ ‬تجوب‭ ‬الشوارع‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الذروة‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬توعية‭ ‬مرورية‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬مختلف‭ ‬وباسلوب‭ ‬المقدم‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬بوحجي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتوعية‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬يعتبرون‭ ‬السرعة‭ ‬المفرطة‭ ‬في‭ ‬السياقة‭ ‬فن،‭ ‬ويتناسون‭ ‬تكملة‭ ‬العبارة‭ ‬‮«‬السياقة‭ ‬فن‭ ‬وذوق‮»‬‭.‬

فلنحرص‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬المرور‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سلامتنا‭ ‬وسلامة‭ ‬مجتمعنا‭ ‬ولنستمع‭ ‬إلى‭ ‬رجال‭ ‬المرور‭ ‬فهم‭ ‬يتعاملون‭ ‬يوميًا‭ ‬بل‭ ‬لحظة‭ ‬بلحظة‭ ‬مع‭ ‬مشاكل‭ ‬ناجمة‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬الالتزام‭ ‬بقواعد‭ ‬المرور‭ ‬القديمة‭ ‬والحديثة‭ ‬والمستقبلية،‭ ‬وياريت‭ ‬نكون‭ ‬نحن‭ ‬أيضًا‭ ‬نقوم‭ ‬بنفس‭ ‬أدوارهم‭ ‬في‭ ‬منازلنا‭ ‬ومجالسنا‭ ‬التي‭ ‬نغشاها‭ ‬والمرء‭ ‬يسعد‭ ‬عندما‭ ‬يقال‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬المجالس‭ ‬بدأت‭ ‬تناقش‭ ‬مشاكل‭ ‬المرور‭ ‬حرصًا‭ ‬على‭ ‬مجتمعنا‭ ‬الآمن‭ ‬المستقر‭ ‬فجزاهم‭ ‬الله‭ ‬خيرًا‭.‬

‭ ‬وعلى‭ ‬الخير‭ ‬والمحبة‭ ‬نلتقي

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق