أثار إعلان خلق شخصيتين افتراضيتين، جرى تطويرهما من خلال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من طرف حزب الاستقلال، انتباه الأكاديميين والفاعلين في الحقل السياسي المغربي، مشددين على أن “تأهيل التواصل الحزبي بعناصر جديدة، من إبداع العصر، من شأنه تقوية النقاش السياسي، خصوصا بين فئات الشباب العازفة تماما عن المشهد، في وقت هناك حاجة إلى المزيد من السجال”.
ورفض الأكاديميون الذين ناقشوا الأمر مع هسبريس اعتبار الأمر “عبئا إضافيا على أحزاب مغربية تدعي وجود كفاءات شابّة من شأنها القيام بهذه المهمة التواصلية دون الحاجة إلى ابتكار متكلّمين رقميين”، مسجلين أن “أمال وحكيم المُطوّرين من طرف ‘حزب الميزان’ هما وجهان جديدان لممارسة سياسية لا تستطيع أن تغادر أفق عصرها؛ بل هي مكرهةٌ على الانتماء إليه، حتى لا تغدو خارج التاريخ السياسي الراهن للبلد النامي”.
تحركات مطلوبة
عبد الكبير بنخطاب، أكاديمي جامعي ومحلل سياسي، قال لهسبريس إن “انفتاح الأحزاب المغربية على تأهيل شخصيات من وحي الذكاء الاصطناعي يستبق واقعا محتوما ينتظر التنظيمات السياسية التي ستلتحق عاجلا أو آجلا بهذه الطفرة الرقمية المتسارعة”، معتبرا أن “الشخصيات الافتراضية تضمن الاقتراب أكثر من الشباب”، وزاد: “هذا نوع من الجدة والتجريب في الممارسة السياسية المغربية، لاسيما الحزبية”.
في الوقت ذاته يرى بنخطاب أن “هذا الأمر ليس وعدا نهائيا يضمن جلب الأصوات، خصوصا أصوات الفئات الشابة، لأن الفاعلية الرقمية للشباب لا تترجم دائما إلى أصوات خلال الاستحقاقات”، مبرزا أنه “لا يمكن في هذا الإطار التسليم بوجود علاقة سببية بين الفاعلية الرقمية وعدد الأصوات المحصل عليه في الانتخابات”، وأورد: “هي مسألة غير قائمة بتاتا لو نظرنا إليها بهذه الطريقة الميكانيكية”.
وتابع المحلل السياسي شارحا: “هذا إجراء بين إجراءات أخرى، وسنرى كيف سيتطور في المستقبل”، نافيا أن “يؤدي ذلك إلى تبخيس دور الأطر الشابة داخل الأحزاب”، وقال: “يعد عاديا ابتكار شخصيات رقمية واللجوء إليها بشكل مستمر؛ هي تقلل من تعبئة الموارد، ونحن نعرف أن الفاعلية الحقيقية في السياسة مكلفة زمنيا وماديا، فيما هذه الطرق الطارئة في التواصل لديها أثر واضح في ادّخار الجهد والموارد، كما أنها تضمن الوصول إلى نطاق واسع داخل المجتمع، لاسيما الشباب”.
التحاق بالعصر
عبد العزيز القراقي، أكاديمي ومحلل سياسي، قال إن “العهد الرقمي صار يفرض أبجدياته، ويفرض آلياته، ويفرض تصورا معينا، ويفرض على الجميع في كل المجالات أن ينخرط فيه، بما يشمل الأحزاب السياسية”، مضيفا أن “كل من تخلف عنه اليوم سيجد نفسه في الوضعية نفسها التي كان عليها الناس عند مجيء الثورة الصناعية، فقرر البعض ألا يركبوا قاربها فبقوا متخلفين إلى الآن”.
وأضاف القراقي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الفاعلين السياسيين والحزبيين لابد أن يتفاعلوا مع العهد الرقمي والتحول التكنولوجي الذي يمليه”، وزاد: “من ثم يبدو لي أن الأحزاب السياسية بانفتاحها على هذه الميكانيزمات وهذه الآليات والأدوات هي ترافق الشباب في طلبهم السياسي؛ فكيفما كان الحال نحن نعلم أن الشباب في العالم بالأخص والشباب المغربي اليوم هو جد منخرط ومنهمك في هذا التحول الرقمي، ويستعمله بشكل أساسي إن لم يكن يستعمله بشكل مهني وعلمي ومحترف”.
وتابع المتحدث ذاته: “هذه الفكرة تبين بشكل أساسي أن ‘حزب الميزان’ منفتح على عصره ويستعد للدخول في هذا العهد الجديد الذي سيفرض نفسه على الجميع شئنا أم أبينا”، وأورد: “هذا يتعلق بالسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وهو تحرك إيجابي تعدّ كل الأحزاب المغربية مدعوة إلى الالتحاق به، من أجل تسخير أدوات يفهمها الشباب ويتعاملون معها ويقبلون بها، كجزء أساسي من عصرهم”.
0 تعليق