في صباح هذا اليوم، غاب عن عالمنا عبد الحق المبشور، رجل نذر حياته لخدمة السينما المغربية وتنشيط المشهد الثقافي في الدار البيضاء. برحيله، تفقد الساحة الفنية أحد أعمدتها المخلصة، وصوتًا لطالما دافع عن الفن السابع باعتباره وسيلة للتنوير والإبداع وبناء الإنسان.
كان عبد الحق المبشور أكثر من مجرد مدير مهرجان سيدي عثمان للسينما المغربية؛ كان حاملًا لرسالة نبيلة، يسعى من خلالها إلى إعادة الاعتبار للسينما في العاصمة الاقتصادية، تلك المدينة التي أحبها ورأى فيها مهدًا للطاقات الإبداعية وفضاءً لإحياء الحلم السينمائي.
آمن الراحل بالشباب، وكان دائم السعي لإشراكهم في مشاريعه الفنية، من خلال مسابقات الأفلام القصيرة التي نظمها سنويًا، ليمنحهم منصة للتعبير عن مواهبهم وأفكارهم. لم يكن مبشور مجرد مشرف على المهرجانات، بل كان حاضرًا بقلبه وروحه في كل تفاصيلها، مستمعًا، مشجعًا، وداعمًا لكل من يؤمن بأن السينما ليست مجرد صورة على شاشة، بل نبض حياة ورسالة إنسانية.
تحدث كثيرًا عن أوجاع السينما المغربية، وعن قاعات السينما التي أغلقت أبوابها، لكنه كان يرى في المهرجانات بريق أمل يعيد إحياء الشغف بهذا الفن. واليوم، يغادرنا تاركًا وراءه إرثًا غنيًا من الحب والتفاني والعمل الدؤوب من أجل الثقافة والفن.
عبد الحق المبشور، لن تنساك الدار البيضاء، ولن تنساك قاعات السينما التي أحبت ضجيج أحلامك، ولن ينساك الشباب الذين آمنت بهم. ستبقى ذكراك حيّة في قلوب كل من عرفك، وفي كل فيلم ومهرجان يحمل بصمتك وروحك.
وداعًا أيها الفارس النبيل، رحلتَ عنا جسدًا، لكنك ستظل حاضرًا في كل لقطة سينمائية وفي كل حكاية تُروى عن عشق السينما.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
0 تعليق