أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الأسبوع الماضى، تقريراً جديداً تناول من خلاله "توقعات المؤسسات الدولية لأداء الاقتصاد المصرى خلال عام 2025"، حيث أوضح التقرير أن العالم شهد فى عام 2024 تحديات اقتصادية طالت تأثيراتها مختلف الدول، وشكلت استمرارًا لفترة مضطربة اقتصاديًّا على المستوى الدولى، نتيجة التوترات الجيوسياسية العالمية والإقليمية، ومواصلة تشديد السياسات النقدية فى عدد من البنوك المركزية لمكافحة التضخم، مع استمرار بعض التحديات التى تواجه سلاسل الإمداد التى ما زالت لم تتعاف بشكل تام من آثار جائحة كوفيد -19، ومن بعدها الأزمة الروسية الأوكرانية، والتوترات فى منطقة الشرق الأوسط.
ومع استقبال العام الجديد، تتباين توقعات أداء الاقتصاد المصرى بما يعكس الآمال والطموحات، وأيضاً استمرار التداعيات القائمة للتحديات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية، وسط أجواء تتواصل فيها جهود الدولة المصرية على عدد من الأصعدة لتحقيق الاستقرار الاقتصادى، ودفع وتيرة النمو الشامل والمستدام، الأمر الذى جعل من الأهمية ضرورة التعرف على أهم توقعات المؤسسات الدولية لأداء الاقتصاد المصرى خلال عام 2025.
أشار التقرير فى بدايته إلى توقعات المؤسسات الدولية بشأن نمو الاقتصاد العالمى خلال 2025، مشيراً إلى كونه نمو عالمى حذر فى مواجهة التحديات العالمية، حيث تضمنت توقعات صندوق النقد الدولى المتضمنة فى تقريره بشأن آفاق الاقتصاد العالمى الصادر فى أكتوبر 2024، استقرار وتيرة النمو العالمى عند معدلات دون المأمولة تقدر بنحو 3.2% فى عام 2025 وهى نفس المعدلات المتوقعة لنمو الاقتصاد العالمى فى عام 2024، فيما توقع الصندوق تسجيل معدل نمو الاقتصاد العالمى لمستوى 3.1 % بعد خمس سنوات من الآن، وهو أداء يُعد متواضعًا مقارنة بمتوسط معدل النمو المسجل قبل جائحة كوفيد-19.
وأضاف التقرير أنه على مستوى مجموعات الدول، توقع الصندوق تحسنًا طفيفًا فى معدلات نمو الاقتصادات المتقدمة لتسجل 1.8% خلال عامى 2024 و2025، مقارنة بـنحو 1.7% فى عام 2023، وفى المقابل، خفض صندوق النقد الدولى توقعاته لنمو اقتصادات الدول النامية والاقتصادات الناشئة بشكل طفيف لتبلغ 4.2% خلال عامى 2024 و2025، مقارنة بـ 4.4% فى عام 2023، مشيرًا إلى أن الاضطرابات فى إنتاج وشحن السلع الأساسية - وخاصة النفط - والصراعات والاضطرابات والأحداث المناخية القاسية أدت إلى تراجع التوقعات المستقبلية لدول منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وإفريقيا جنوب الصحراء، وفى المقابل تحسنت التوقعات بشأن معدلات نمو دول آسيا الناشئة، مدفوعًا بتزايد الطلب على أشباه الموصلات والإلكترونيات بسبب تنامى الاستثمارات فى مجال الذكاء الاصطناعى.
وفى السياق ذاته، توقع البنك الدولى فى تقريره "الآفاق الاقتصادية العالمية" فى يونيو 2024، ارتفاع النمو العالمى إلى نحو 2.7% فى عام 2025 وهو ما يمثل تحسنًا طفيفًا مقارنة بالنمو المتوقع لعام 2024 عند مستوى 2.6%، وهو أقل بكثير من المتوسط البالغ 3.1% فى العقد السابق على تفشى جائحة كوفيد 19.
أما فيما يتعلق بالاقتصاد المصرى، فقد أشار التقرير إلى أنه واجه عددًا من التحديات خلال عام 2024 ناتجة عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية العالمية والإقليمية، والتى أثَّرت بدورها على العديد من الدول من بينها مصر خاصةً مع استمرار التوترات الجيوسياسية الإقليمية وتأثيراتها غير المواتية على سلاسل الإمداد العالمية، ومع مختلف تلك الظروف الاقتصادية الضاغطة بذلت الدولة المصرية جهودًا كبيرة للتعامل مع هذه التحديات مرتكزة على خطط إصلاح اقتصادى وإجراءات موجهة لتحفيز النمو.
وأوضح التقرير أنه فى عام 2024 واصلت الحكومة المصرية تنفيذ وثيقة سياسة الملكية التى تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص فى الاقتصاد المصرى وتقليل تدخل الدولة فى الأنشطة الاقتصادية، وفى هذا الإطار تم تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية الذى أسهم فى جمع نحو 30 مليار دولار حتى يونيو 2024 مع التركيز على تحسين حوكمة الأصول المملوكة للدولة وفقًا لأفضل المعايير الدولية، وشمل الإصلاح مشروع تنظيم ملكية الدولة فى الشركات المملوكة لها بهدف تحسين الكفاءة وجذب الاستثمارات وتعزيز المنافسة وحوكمة الأسواق المالية، كما تم إنشاء وحدة مركزية بمجلس الوزراء تسمى "وحدة حصر ومتابعة الشركات المملوكة للدولة" لمتابعة تنفيذ هذه الإصلاحات وفقًا لآليات محددة، كما تم جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث تم إبرام صفقة لتطوير منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالى الغربى مع شركة أبو ظبى التنموية القابضة (ADQ) فى فبراير 2024 بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار أمريكى.
وتتوقع العديد من المؤسسات الدولية نموًا إيجابيًا للاقتصاد المصرى فى عام 2025 نتيجة الإصلاحات الاقتصادية التى نفذتها الحكومة، ومن المتوقع أن تؤدى هذه الإصلاحات إلى زيادة الاستثمارات وارتفاع معدلات الاستهلاك الخاص نتيجة لتراجع التضخم وارتفاع تحويلات العاملين بالخارج، وبناءً على هذه العوامل يُتوقع ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد المصرى لعام 2025 لتتراوح ما بين 3.5% إلى 4.5%، حيث يتوقع صندوق النقد الدولى أن يشهد الاقتصاد المصرى نموًا بنسبة 4% فى عام 2025 مقارنًة بنمو متوقع بنسبة 2.7% فى 2024، ومن المتوقع أيضاً أن يرتفع الناتج المحلى الإجمالى بالأسعار الثابتة إلى 8.7 تريليونات جنيه فى 2025 مقابل 8.4 تريليونات جنيه فى 2024، كما يتوقع ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى بالأسعار الجارية ليصل إلى 17.5 تريليون جنيه فى 2025 مقارنًة بنحو 13.8 تريليون جنيه فى 2024، وتأتى هذه التوقعات لتعكس انتعاشًا متوقعًا لأداء الاقتصاد المصرى مع تطوير منطقة رأس الحكمة وتلاشى الضغوط الجيوسياسية فى النصف الثانى من السنة المالية 2024/ 2025، وعلى المدى المتوسط يتوقع صندوق النقد الدولى ارتفاع وتيرة نمو الاقتصاد المصرى خلال الفترة (2025- 2029) لتسجل نحو 5% بما يعكس الأثر الإيجابى لتنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية الرامية إلى تعزيز مناخ الأعمال.
فى البداية قال الدكتور خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، إن أهم الحوافز التى تحتم السعى لضمان تحقيق أداء جيد للاقتصاد المصرى فى 2025 تتمثل فى توطين الصناعة بما يساهم فى انخفاض عجز الميزان التجارى، وأوضح أن المساهمة فى توفير الخامات اللازمة للصناعة وزيادة المكون المحلى فى الصناعات سيؤدى إلى تقليل الفاتورة الاستيرادية.
وأضاف الشافعى فى تصريحاته لـ"السوق العربية"،أن توطين الصناعة سيؤدى إلى زيادة القدرة الإنتاجية للشركات والاتجاه نحو زيادة الصادرات بما ينعكس على قيمة الصادرات المصرية.
وطالب بضرورة تقديم التمويلات اللازمة للقطاع الصناعى مع إعطاء أولوية على أكثر الصناعات احتياجًا لتلك التمويلات متمثلة فى القطاعات الأكثر استيرادا لمستلزمات الإنتاج من الخارج.
وأكد الخبير الاقتصادى، أن السعى نحو الاهتمام بالقطاع الصناعى والزراعى يعد أولوية خاصة لما له مردود إيجابى على الناتج المحلى الإجمالى لذلك لابد من السعى نحو إزالة المصاعب المتواجدة بقطاعى بما ينعكس بصورة إيجابية على الاقتصاد المصرى فى 2025.
وأشار إلى ضرورة السعى نحو توفير معلومات دقيقة وكافية عن القطاع الصناعى من حيث حجم الإنتاج وحجم الهوامش الربحية المحققة فى كل صناعة وغيرها؛ بما يمكن الدولة بتوجه الحوافز للقطاعات الأكثر احتياجًا للمساندة.
وأكد الشافعى أن القطاع السياحى يعد من القطاعات الهامة أيضَا نظرًا لأنها تعد مصدرًا لتوفير العملة الصعبة لذلك لابد من السعى نحو التماشى مع رؤية الدولة الخاصة برغبتها فى زيادة أعداد السائحين، وأضاف أن وضع خطة لاستغلال إمكانيات الدولة المتاحة يعد أمرا ضروريا حيث تمتلك ثلث أثار العالم وغيرها.
وأوضح الشافعى أن التمويلات المقدمة للقطاع تعد دافعًا ليتمكن القطاع من تحقيق المستهدفات، واستكمل أن القطاع العقارى شهد خلال العام الماضى صعودًا فى حجم الاستثمارات جاءت مدفوعة بمشروع رأس الحكمة، وحل اشكالية البناء فى الريف والمدن وإتاحة البناء مرة أخرى للأفراد فى إطار قوانين منظمة لعمليات البناء يعد مطلبا أساسيا بما سيكون له مردوًا إيجابيًا على القطاع خلال العام الجديد 2025.
وأكد الخبير الاقتصادى، أن إعادة إصلاح الخلل فى مختلف القطاعات ووجود رؤية واستراتيجية من المختصين لخروج الاقتصاد المصرى من عنق الزجاجة سيساهم فى تحسن أداء الاقتصاد المصرى.
بينما أكد النائب أحمد سمير زكريا، عضو الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار بمجلس الشيوخ، أن عام 2025 بمثابة محطة محورية للبلاد بعد سنوات من الإصلاحات الهيكلية التى اتخذتها الدولة على مختلف الأصعدة، بداية من الإصلاح الاقتصادى ووصولا إلى جهود التنمية المستدامة، والإصلاحات التى من شانها تحقيق نمو اقتصادى وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
وأشار زكريا فى تصريحاته، إلى أن عام 2025 سيكون عام التعافى للاقتصاد المصرى، وهذا ما أكده رئيس مجلس الوزراء فى وقت سابق، بما يحمل رسالة طمأنة للمواطنين، كما يعكس الرؤية الطموحة التى تتبناها الحكومة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التى تواجه مصر.
وأشاد النائب البرلمانى، بإعلان وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، بدء العمل على إعداد مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى 2025/2026، وذلك باستخدام منهجيات حديثة تواكب قانون التخطيط العام رقم (18) لسنة 2022 وقانون المالية العامة الموحد رقم (6) لسنة 2022.
وأوضح أن هذه الخطط تستهدف تحقيق كفاءة الإنفاق العام بما يتماشى مع التنمية الشاملة والمتوازنة وأهداف التخطيط القومى طويلة المدى، مع مراعاة الأولويات متوسطة وقصيرة المدى للدولة.
وفى المقابل، يرى الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، أن الانخفاض المحتمل فى التضخم يعكس جملة من العوامل المرتبطة بالتحسن التدريجى فى الأوضاع الاقتصادية، مشيرًا إلى أن التحسن فى قيمة الجنيه أمام الدولار وزيادة التدفقات الأجنبية قد يكونان من أهم العوامل التى تسهم فى هذا التراجع.
وأضاف جاب الله فى تصريحاته لـ"السوق العربية" أن التضخم قد يشهد تراجعًا ملحوظًا مع بداية عام 2025 نتيجة لتحسن الأوضاع المالية العامة، خاصة فى ظل انخفاض أسعار النفط والمواد الخام عالميًا.
بينما أكد النائب عبدالفتاح يحيى، عضو مجلس النواب، أن الاقتصاد المصرى قادر على تحقيق نمو كبير، من خلال إتاحة خريطة استثمارية متنوعة، وجذب رؤوس الأموال إلى شراييين الاقتصاد.
وأشار يحيى فى تصريحاته، إلى أن الإصلاحات الهيكلية وزيادة مساهمة القطاع الخاص ستلعب دورا رئيسيا فى تعزيز النمو.
كما أوضح عضو النواب أن برنامج الطروحات الذى أعلنه رئيس مجلس الوزراء د. مصطفى مدبولى، جاء ليستكمل خطوات الإصلاح الاقتصادى والمالى فى مصر، مؤكدا أنه بمثابة خطوة محورية ضمن استراتيجية الحكومة لتحفيز الاقتصاد وتتماشى مع الاقتصاد الحر الذى تتبناه الدولة المصرية.
وقال الدكتورعلى الإدريسى، الخبير الاقتصادى، إن السعى نحو تحقيق المستهدف للنمو الاقتصادى يعد مطلبًا للعام الجديد 2025.
وأوضح الإدريسى فى تصريحاته لـ"السوق العربية" "كنا نمتلك مستهدفات بنمو الاقتصاد بنسبة تصل لـ 5% ومع زيادة التحديات خلال العام الماضى تم تخفيض تلك النسبة بشكل تدريجى 4.2%". كما تستهدف وزارة المالية تحقيق نمو اقتصادى 4.2% خلال العام المالى الجارى الذى ينتهى فى يونيو 2025.
وفيما يتعلق بمعدلات التضخم المرتفعة التى دفعت البنك المركزى لتشديد السياسة النقدية خلال 2024 أوضح الإدريسى أن الدولة كانت تتطلع نحو تحقيق معدلات تضخم أحادية من 1% لــ 9% إلا أن معدلات التضخم جاءت مخيبة للتوقعات- مسجلًا 25% لذلك لابد من السعى نحو وضع مستهدفات تتماشى مع الظروف الراهنة، وكان معدل التضخم السنوى على مستوى مدن مصر تراجع إلى 25.5% فى نوفمبر من 26.5% فى أكتوبر الماضى لأول مرة من 3 أشهر.
وبرر الخبير الاقتصادى، عدم قدرة الدولة على تحقيق مستهدفات التضخم جاءت مدفوعة بقرار تحرير سعر صرف الجنيه فى مارس 2024 الذى أدى إلى ارتفاع الدولار من 31 جنيها إلى 51 جنيه مع نهاية العام الماضى بما تسبب فى ارتفاع معدلات التضخم والخروج عن المستهدفات، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة وأسعار التليفونات "باقات الإنترنت " وغيرها من السلع والخدمات التى حققت ارتفاعات كبيرة طوال العام الماضى.
وأضاف الإدريسى، أن تحسن الوضع الاقتصادى خلال العام الجديد 2025 يستلزم السعى نحو اتباع سياسة ترتيب الأولويات وضخ الأموال فى قطاعات مثل الزراعة والصناعة بما له مردود إيجابى على الناتج المحلى الإجمالى لمصر، والسعى نحو تقليل صادراتنا من المواد الخام اللازمة للصناعة.
وأوضح الخبير الاقتصادى أن تخفيض معدلات الفائدة خلال العام الجديد 2025 تمثل ضرورة لدعم أداء الاقتصاد المصرى، موضحًا أننا من ضمن أكبر خمس دول على مستوى العالم فى ارتفاع أسعار الفائدة.
يقول الدكتور رمزى الجرم الخبير الاقتصادى والمصرفى إن الاقتصاد المصرى واجه العديد من التحديات الشديدة فى عامى 2023...2024 تحديدا حيث تزامن مع هذا التطور النوعى استحقاق آجال أقساط القروض الخارجية وفوائدها حيث تم سداد نحو 32 مليار دولار فى عام 2023 وسداد نحو 33.5 مليار دولار فى عام 2024 مما كان أكبر الأثر فى نقص المعروض من الدولار الأمريكى والعملات الأجنبية الأخرى فى السوق المصرى والذى انعكس بشكل كبير على سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكى والعملات الأجنبية الأخرى إلا أن تنفيذ أكبر صفقة استثمار مباشر فى تاريخ مصر فى رأس كان لها انعكاسات إيجابية ملموسة على تحسين جميع المؤشرات الكلية للاقتصاد المصرى ودعم قدرة البنك المركزى المصرى.
وتوقع دكتور الجرم أن التحسن الذى تم إحرازه فى نهاية العام 2024 سيستمر وبشكل افضل فى هذا العام على خلفية الانتهاء من سداد أقساط الدين الخارجى لعامى 2023 ... 2024 بقيمة تجاوزت 65.5 مليار دولار امريكى وهذه القيمة تعتبر الأكبر على الإطلاق فيما يتعلق بالدين العام الخارجى خصوصا اذا ما علمنا أن أقساط الدين الخارجى لمصر فى النصف الأول عام 2025 تبلغ نحو 13.8 مليار دولار أما قيمة الأقساط المستحقة فى النصف الثانى من العام نفسه تبلغ نحو 8.6 مليار دولار امريكى وهذا يفسر كيف يمكن التوقع بحدوث انفراجه كبيرة فى هذا العام فيما يتعلق باستقرار سوق الصرف الأجنبى خصوصا فى النصف الثانى منه إذ من المتوقع أن نلحظ انخفاض ملحوظ فى سعر صرف الدولار والعملات الأجنبية الأخرى أمام الجنيه المصرى بما قد يصل إلى نحو 45 جنيها للدولار الواحد فى بداية النصف الثانى من عام 2025.
أوضح أنه بالنسبة لتحويلات العاملين بالخارج هناك زيادة ملموسة فى التحويلات منذ تبنى قرارات مارس الماضى حيث قفزت تحويلات العاملين بالخارج بمعدل 42.6% مع نهاية الربع الثالث من العام الجارى بقيمة قدرها 20.8 مليار دولار مقابل 14.6 مليار دولار عن نفس الفترة من عام 2023 بل بلغت قيمتها فى شهر سبتمبر الماضى فقط نحو 2.7 مليار دولار مقابل 1.3 مليار دولار عن نفس الشهر من العام السابق له فضلا عن تزايد الإقبال على التنازل عن الأرصدة الدولارية التى بحوزة عملاء البنوك للحصول على قيمتها بالعملة المحلية والتخلص من ظاهرة الدولرة خصوصا فى ظل توفير منتجات مصرفية مرتفعة العائد بالجنيه المصرى وهذا التطور سيصل إلى مستويات أعلى خلال الفترة المقبلة نتيجة تحقيق المزيد من الاستقرار الاقتصادى والنقدى فى البلاد وعدم وجود أى سبيل لعودة السوق السوداء للصرف الأجنبى من جديد مما يخلق المزيد من الثقة من قبل العاملين بالخارج فى قوة الاقتصاد المصرى وعدم وجود قنوات أخرى لتحويل أموالهم غير القنوات الرسمية المتمثلة فى الجهاز المصرفى الرسمى.
هذا كله مدعوما بالتوقعات المتفائلة من قبل المؤسسات المالية العالمية بشأن تحقيق معدلات نمو مرتفعة للاقتصاد المصرى قد تصل إلى نحو 4.1% وفق توقعات صندوق النقد الدولى بالمقارنة بمستهدفات الحكومة عند مستوى 5% فى العام المالى إلى 2025 ..2026 وارتفاع قيمة الصادرات غير النفطية وتحقيق زيادة ملموسة فى تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة على خلفية توقعات بتنفيذ صفقات رأس الحكمة وتنفيذ حزمة من الطروحات الحكومية فى منتصف العام القادم مما سيوفر حصيلة وافرة من موارد النقد الأجنبى تدعم قيمة الاحتياطيات الدولية لمصر لدى البنك المركزى وتخفيض عجز الموازنة العامة بالتزامن مع توقعات بضعف قوة الدولار إلى حد ما وانحسار التوترات الجيوسياسية واستقرار إيرادات قناة السويس مما يدعم قوة العملة المحلية أمام الدولار الأمريكى واستعادة خسائر بشكل ملحوظ فضلا عن أن تخفيض الفائدة الأمريكية بواقع 100 نقطة أساس خلال آخر ثلاثة اجتماعات فى هذا العام سيكون له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المصرى.
يقول دكتور محمد عبدالهادى خبير أسواق المال قال إن البورصة المصرية شهدت خلال عام 2024 حركة عرضية للمؤشر الرئيسى بعد أن سجل أعلى قمة تاريخية فى مارس 2024 والتى سجل 34500 نقطة وكانت بمثابة أعلى قيمة تاريخية وأوضح أن سوق المال تأثر بما يحدث من توترات جيوسياسية فى منطقة الشرق الأوسط أثرت فى منابع النقد الأجنبى ومنها قناة السويس التى انخفضت إلى 60% وهذا التأثير بالطبع انعكس على الضغوط البيعية من قبل المؤسسات الأجنبية ولكن ثقة المستثمرين المحليين والعرب فى الاقتصاد المصرى والبورصة المصرية عوضت ضغوط البيع موضحاً أن أهم أسباب تماسك المؤشرات خلال العام كان تغير التصنيف الائتمانى لمصر من قبل المؤسسات المؤسسات العالمية موديز واستاندر وفيتش التى أعطت ثقة المستثمرين فى مدى قوة الاقتصاد المصرى.
ويرى أن الدولة بدأت بالفعل مع نهاية عام 2024 فى الخروج من تداعيات الأزمة العالمية من خلال طرح المصرف المتحد والتى تخطى 59 مرة تغطية من قبل الأفراد وتم تغطية 6 مرات من قبل المؤسسات وبالتالى يثبت مدى جودة الطلب على الشركات المصرية من قبل الأفراد والمؤسسات مشيراً إلى تصريحات رئيس الوزراء عن طرح 10 شركات بداية من الربع الأول من عام 2025 وبالتالى تعتبر هذه الطروحات بداية لزيادة ثقل سوق المال المصرى وجذب شرائح جديده من المستثمرين وتوقع أن يكون عام 2025 عام الاكتتابات والطروحات مطالبا بتهيئة سوق المال وزيادة احجام التداولات حتى تنعكس على نجاح باقى الطروحات وكذلك ارتفاع جميع المؤشرات فى ظل أهداف نجاح الشركات التى يتم الإعلان عنه.
توقع عدد من خبراء الاقتصاد أن عام 2025 فرصاً واعدة للاقتصاد المصرى مع استغلال الإمكانات المتاحة لا سيما فى ظل الثورة الصناعية الرابعة وتطبيق التقنيات الحديثة وتعزيز مشاركة المرأة فى سوق العمل ومع استمرار جهود الحكومة لتحسين مناخ الاستثمار ودعم المشروعات الصغيرة والاقتصاد المصرى يمتلك فرصاً استثمارية جاذبة لكل انواع الاستثمارات الصناعية والزراعية والتكنولوجية كما يمتلك قدرات غير مسبوقة فى البنية التحتية.
دكتور وليد جاب الله خبير التشريعات الاقتصادية وعضو بالجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والاحصاء والتشريع يؤكد أن عام 2024 اثبت امتلاك الدولة المصرية للكثير من الأوراق الاقتصادية التى تعزز من قدرتها على مواجهة تحديات الصراعات التى تضرب الاقتصاد العالمى وتزيد من ضبابية مستقبلية وأهم حدث اقتصادى خلال 2024 هو نجاح الدولة المصرية فى التصدى لملف سعر الصرف والقضاء على السوق الموازى للعملة.
واضاف أن الاقتصاد المصرى يقف على أعتاب عام 2025 بآمال كبيرة فى تحقيق الكثير من التحسن حيث تنخفض التزامات خدمة الدين الخارجى بصورة كبيرة خلال 2025 مقارنة بعام 2024 كما أن التوقعات تؤكد على تراجع حدة الصراعات مع وعود الإدارة الأمريكية الجديدة بإنهاء اشتعال الحروب فى العالم ما ينعكس بالايجاب على إيرادات قناة السويس وقطاع السياحة وغيرها من القطاعات الاقتصادية كما أن توجه الفيدرالى الأمريكى لاستكمال مسار التيسير النقدى سيخفض من تكلفة التمويل فى العالم مما ينعكس بالايجاب على الاقتصاد المصرى حيث سيكون عاملا مهماً يدفع نحو خفض أسعار الفائدة خلال 2025 مما يخفض من تكلفة الديون الداخلية ويشجع المستثمرين من الداخل والخارج على زيادة حجم نشاطهم فى مصر لا سيما مع قيام الدولة المصرية بمنح الكثير من الحوافز لتمكين القطاع الخاص وزيادة نسبة مشاركته فى النشاط الاقتصادى حيث تتوقع العديد من مؤسسات الدولة نجاح مصر فى المضى قدماً نحو تفعيل وثيقة سياسات ملكية الدولة عبر التقدم فى برنامج الطروحات لعدد من الشركات الحكومية وإجمالا فإننا يمكن القول إن تحديات عام 2025 ستكون أخف وطأة مما حدث خلال 2024 مما يمكن الإدارة الاقتصادية على تطبيق التوجهات الاستراتيجية للتنمية ويكسبها قدرا أكبر من المرونة والقدرة على المناورة فى مسارات التنمية المصرية.
دكتور عبدالرحمن طه خبير الاقتصاد الرقمى يرى أن ام الثورة الصناعية الرابعة توفر فرصاً هائلة يمكن لمصر استغلالها لتحقيق قفزات نوعية فى الاقتصاد فتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعى انترنت الأشياء والبيانات الضخمة فى القطاعات الزراعية الصناعية الخدمية يمكن أن يرفع من الكفاءة الإنتاجية ويقلل من التكاليف ما يعزز تنافسية المنتجات المصرية عالمياً متوقعا أنه مع بداية عام 2025 سوف تستمر مساعى الحكومة نحو تحسين مناخ الاستثمار لا سيما فى القطاعات التكنولوجية والزراعية والطاقة المتجددة بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية وتحسين بيئة الأعمال لجذب الاستثمارات الأجنبية ويرى طه أن التحديات الرئيسية تكمن فى السيطرة على معدلات التضخم ودعم الجنيه المصرى وزيادة الإنتاجية ويتطلب ذلك إصلاحات هيكلية جذرية وتعزيز الشراكات الإقليمية والدولية موضحاً أن نجاح مصر فى تحقيق هذه الأهداف واستغلال الفرص التى نتيجتها الثورة الصناعية الرابعة سيكون بمثابة نموذج يحتذى به مما يرسخ مكانتها كأحد أبرز الاقتصادات الإقليمية.
وقالت دكتور يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ام المشروعات الصغيرة والمتوسطة من أهم ركائز الاقتصاد المصرى حيث توفر فرص عمل كبيرة وتمثل رافعة أساسية للنمو وتعزيز هذه المشروعات من خلال تفعيل المبادرات التمويلية والمتابعة الجادة سيخلق فرصاً جديدة للتصدير ويوفر حلولاً مبتكرة للتشغيل والإنتاجية ويتوقع أن يشهد الاقتصاد المصرى تحسناً فى ملف الاستثمارات الأجنبية مع دخول مشروعات كبيرة فى مجالات الطاقة والبنية التحتية ومع تحقيق استدامة هذا النمو يتطلب التركيز على دعم الصناعات الصغيرة بجانب المشروعات الكبرى باعتبارها محركا أساسيا لتوفير فرص العمل وتحقيق الامان الاجتماعى مشيرة إلى أن الفرصة ما زالت قائمة لاحداث تغيير إيجابى حيث تطالب بضرورة التحول وتفعيل المبادرات التمويلية وضبط الأسواق ومتابعة نتائج السياسات على أرض الواقع مع هذا التحول يمكن للاقتصاد المصرى أن يتجاوز العقبات ويحقق العقبات ويحقق تقدما ملموساً فى السنوات المقبلة.
0 تعليق