وظائف كثيرة يصعب معرفة خباياها الداخلية، خاصة فيما يتعلق بالأجور والتعويضات والترقيات، ما عدا إذا ما تم المرور عبر بعض المنصات والتطبيقات الرقمية، ومنها على الخصوص موقع مماثلة الأجر التابع لوزارة الانتقال الرقمي والإدارة، ما يجعل الغسيل يكتسي طابع الخصوصية والكتمان، ولا يعلم خباباه إلا أهل الدار، وبخلاف ذلك، يصر نساء ورجال التعليم – مع وجود الاستثناء بالطبع – على نشر غسيلهم الداخلي أمام العامة، على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، دون مراعاة لا ضرورات كتمان أسرار البيت الداخلي، ولا واجبات الحرص الفردي والجماعي، على شرف المهنة وعذريتها؛
يكفي قولا أن مواقع التواصل الاجتماعي، تحولت بالنسبة لبعض نساء ورجال التعليم، إلى ما يشبه “سوق عكاظ”، فهذا يستفسر عن موعد صرف الأجرة الشهرية، والآخر يتساءل عن قيمة رتبة لا تتعدى قيمتها في أحسن الحالات عتبة مائة درهم، وذاك يبحث عن سنوات اعتبارية، تنقله بشكل “براقي” إلى خارج السلم، والآخر يرافع يمينا وشمالا وغربا وشرقا، بحثا عن “تعويض تكميلي” إسوة بزملائه بالثانوي التأهيلي، دون أن يغير اتجاه العدسة نحو فئات أخرى مدت لها اليد بسخاء، وهذا، يستفسر عن تعويضات النجاح في الامتحان المهني، والآخر عينه على سنوات اعتبارية، تزفه عريسا خارج السلم، وذاك يتطلع إلى التقليص من ساعات العمل الأسبوعية الخاصة بالسلك الذي ينتمي إليه، ويجهز على حق زملائه في الأسلاك الأخرى على ذلك …
أمثلة من ضمن أخرى، تعكس بجلاء أن نساء ورجال التعليم هم الأكثر نشرا للغسيل الداخلي، دون سواهم من الموظفين والمستخدمين، الذين يستفيدون من الزيادات الأجرية والتعويضات، دون أن يسمع لهم صوت ولا حس ولا خبر، وهذا الغسيل الداخلي، لا يتجاوز في شموليته، حدود المطالب ذات الصبغة المادية، والتي تدور في فلك “الأجور” و”التعويضات التكميلية” و”الترقيات” و”الامتحان المهني”، ما يجعلها منفصلة تماما، عن الجوانب البيداغوجية والديدكتيكية والمعرفية والممارسات الصفية والظروف المهنية، وهذه الحالة التربوية، تسائل صانعي القرار التعليمي، كما تسائل الفاعلين البيداغوجيين والتربويين والاجتماعيين والنفسيين والقانونيين…، في سياق تربوي تعيش فيه المنظومة التربوية دينامية إصلاحية غير مسبوقة؛
وفي المجمل، فما يكتب ويتداول في مواقع التواصل الاجتماعي من قبل بعض نساء ورجال التعليم، قد يرى فيه البعض، مرآة عاكسة، لما عرف طيلة سنوات عن هذه الفئة، من جشع وبخل وشح، حتى سار أهلها، موضوعا للنكتة والسخرية والاستهزاء، وقد يربطه البعض الآخر بالكتلة العددية لأسرة التعليم، ما يجعلها الأكثر حضورا ونشاطا على مستوى العالم الافتراضي مقارنة مع باقي الموظفين والمستخدمين، ومهما حاولنا مقاربة العوامل المفسرة وما يرتب عنها من آثار متعددة الزوايا، فهذه الحالة التربوية، هي رسالة مفتوحة، تستدعي القراءة والدراسة، لا من طرف الوزارة الوصية على القطاع، ولا من جانب النقابات التعليمية، استحضارا للحوار الاجتماعي القطاعي الجاري بين الطرفين، تنزيلا لمقتضيات مرسوم النظام الأساسي الجديد؛
ونرى حسب تقديرنا، أنه كان بالإمكان الحد من ظاهرة نشر الغسيل التعليمي، أو الأقل التخفيف من حدتها، لو حضرت قيم المصداقية والوفاء بالوعود والالتزامات، وحضرت معها، ثقافة الإنصات والتواصل الناجع والفعال، وقبل هذا وذاك، لو كان صانعو القرار التعليمي، يتعاطون مع قضايا وانتظارات الشغيلة التعليمية، بما يلزم من المسؤولية والجاهزية والاستعداد والسرعة اللازمة، خاصة على مستوى معالجة الترقيات والتسويات المالية المرتبطة بها، وفي هذا الإطار، فلا يعقل أن يظل الأستاذ/ة ينتظر أشهرا لتسوية وضعيته الإدارية في الرتبة أو في الدرجة، وينتظر أشهرا مماثلة لتسلم مستحقاته المالية المترتبة عنها، بخلاف ما يحدث بالنسبة لباقي الموظفين…؛
ونختم بتوجيه رسالة مفتوحة إلى كافة الزملاء بأسرة التعليم، ندعو من خلالها إلى تحمل المسؤولية الفردية والجماعية، في كتمان أسرار البيت الداخلي، والحرص كل الحرص على سمعة المهنة وشرفها، بالارتقاء بمستوى السلوك وتحييد ممارسات الأنانية والجشع والطمع، وذات الرسالة نوجهها إلى صانعي القرار التعليمي، من أجل التعامل مع قضايا وانشغالات الشغيلة التعليمية، بما يلزم من المسؤولية والجاهزية والاستباقية، دون إغفال النقابات التعليمية، التي تتحمل من جهتها، مسؤولية الدفاع عن حقوق ومصالح الشغيلة في بعدها الشمولي، بمسؤولية وتجرد ونكران ذات، بعيدا عن لغة المصالح والحسابات الضيقة …
النشرة الإخبارية
اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة هسبريس، لتصلك آخر الأخبار يوميا
اشترك
يرجى التحقق من البريد الإلكتروني
لإتمام عملية الاشتراك .. اتبع الخطوات المذكورة في البريد الإلكتروني لتأكيد الاشتراك.
لا يمكن إضافة هذا البريد الإلكتروني إلى هذه القائمة. الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني مختلف.>
0 تعليق