يؤدي الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في صناعة الغاز المسال، وما يجعل هذا الدور محوريًا في الوقت الحالي، هو التطورات الجديدة التي شهدها العالم خلال الأيام الماضية، مع ظهور تطبيق "ديب سيك" (DeepSeek) الصيني.
ويقول الخبير في الذكاء الاصطناعي واستعماله في مجال الطاقة الدكتور زياد يوسف الشباني، إن ما حدث يُعَد تطورًا كبيرًا للغاية، لكن يجب التنويه أولًا -في مقدمة تمهيدية بسيطة- بأنه في عالم الذكاء الصناعي توجد دائمًا معضلة، وهي الموازنة بين الأداء العالي للنماذج، والاستهلاك الكبير للطاقة.
وأضاف: "هناك تقنية تسمى (مزيج الخبراء)، يمكن تشبيهها بأن هناك فريقًا من 100 خبير بشري في قاعدة واحدة، وهناك طريقتان للتعامل معهم؛ الأولى هي طريقة (Chat gpt)، وهذه النماذج في كل مرة تأتي إلى هذه القاعة المليئة بالخبراء تسألهم سؤالًا مثل: كم يساوي جمع 1+1؟".
وتابع: "يجتمع هؤلاء الـ100 خبير معًا، ويستهلكون طاقة، ويتناقشون ويعطونك جوابًا واحدًا، هذه هي حالة الاستهلاك الأعظم للطاقة في أغلب نماذج الذكاء الاصطناعي، أما تقنية مزيج الخبراء فتختلف؛ فأنت تدخل القاعة تسأل السؤال، لكن فقط سيجتمع الخبراء ذوو العلاقة بالسؤال، وليس الـ100 جميعًا، ممكن 5 أو 10 خبراء، ويعطونك جوابًا أيضًا".
جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور زياد يوسف، في حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، على مساحات منصة "إكس" بعنوان "مستقبل أسواق الغاز المسال الذكاء الاصطناعي.. هل يقلب ديب سيك الطاولة؟".
تخفيض استهلاك الطاقة
لفت الدكتور زياد يوسف إلى أنه في هذه الحالة، تبلغ نسبة تخفيض استهلاك الطاقة ما بين 50 و80%، وهذه نقطة إيجابية، وتُعَد تطورًا كبيرًا جدًا، ولهذا -ليس فقط- تخلخلت التوقعات الخاصة بالتنبؤ بأسواق الغاز المسال، ولكن أصبح هناك ضغط شديد على الشركات العاملة بالذكاء الاصطناعي، لخفض الاستهلاك مثل "ديب سيك".
وأضاف: "تقنية الخبراء هي التي قلبت الطاولة، وبالطبع طُوِّرَ تطبيق الذكاء الاصطناعي "ديب سيك" بحسب ما صرّحوا، بنحو 6 ملايين دولار، في مقابل تطوير شات جي بي تي وتطبيقات أخرى بنحو 600 مليون دولار، من شركات منافسة".
ولهذا، وفق الخبير، فإن هذه التقنية التي يستعملونها، هي تقنية تعمل على تخفيض استهلاك الطاقة، وهذا تقدم برمجي، ويجب الانتباه إلى أنه يمكن أن تكون هناك مراكز البيانات نفسها، والقدرة الحوسبية نفسها، ولكن يمكن خفض استهلاك الطاقة من خلال الخوارزميات التي يُتَعامل بها.
وتابع: "هذا يقود العالم إلى تغييرات كبيرة جدًا؛ لأن هذه الشركة تعد شركة ناشئة صغيرة، وهو أمر أعتبره بادرة خير، وأصابني تفاؤل كبير أن هذا الشيء يمكن أن تكون لديه إمكانات أخرى، وأيضًا طالما هو ممكن في الصين، ولا سيما أنه -مقارنة مع (Chat gpt) ينافس ويتفوق من حيث السرعة أحيانًا".
في المقابل، وفق الخبير، فإن كثيرًا من تقنيات هذا التطبيق -بالكامل- مجانية، كما أن الخصائص نفسها التي يمنحها يجب دفع مقابل لها في تطبيقات أخرى، وهو أمر ليس من المرجح أن يستمر طويلًا؛ لأن الشركة حاليًا تحتاج إلى مستعملين كثر، لتدريب التطبيق أكثر، وهو أمر له تأثير مباشر في توقعات استهلاك الطاقة.
وأردف: "غوغل -أيضًا- تستعمل الذكاء الاصطناعي بنفس تكلفة ديب سيك، ولكن الأخير طُوِّر بتكلفة منخفضة جدًا، ولهذا فهو أصاب الشركات في مقتل؛ لأنه فيما يخص توقعات الطاقة زاد التفاؤل بأنه أصبح بالإمكان تطوير الخوارزميات مع محدودية القدرة الحوسبية ومحدودية قدرة تخزين البيانات، مع الحصول على نتائج أفضل".
سوق الذكاء الاصطناعي
قال الدكتور زياد يوسف إن "ديب سيك" سيعيد تشكيل سوق الذكاء الاصطناعي بالكامل؛ لأن الجميع ينظرون الآن إلى الشركات الكبرى ويتساءلون: لماذا لا تعمل مثل ديب سيك وتخفض المتطلبات أو الموارد اللازمة لتشغيل مراكز بياناتها، أو حتى لتدريب النماذج عندها.
وأضاف: "الكل سيعيد حساباته بشأن كميات الطاقة المراد استيرادها في المستقبل أو الحصول عليها لتأمين الطاقة اللازمة لمراكز البيانات وشركات الذكاء الاصطناعي، وهذا أمر سيشجع الشركات الناشئة الأخرى".
ولفت الخبير إلى أنه لا يزال يُشجِّع أن تكون هناك شركات ناشئة خاصة في منطقة الشرق الأوسط، تعتمد التدريب على نماذج تكون مدربة باللغة العربية، موضحًا أن هناك مبادرة كهذه في دولة الإمارات.
ولكن، ما حدث مع استعمال تقنية "مزيج الخبراء"، أصبح هذا الأمر ممكنًا بدرجة أكبر، ولا سيما أنه يحدث مع شركة ناشئة صغيرة، ومع مبلغ من المال لم يكن في الحسبان أو يتخيل أحد أنه يمكنه تحقيق إنجاز كهذا؛ فالنتائج التي تحققت كانت بمبلغ 6 ملايين دولار فقط.
وردًا على سؤال من مستشار تحرير منصة الطاقة بشأن التركيز على استعمال شرائح من شركة "إنفيديا" بعدد كبير، قال الدكتور زياد يوسف إن هذه الشرائح نفسها استُعمِلت في أماكن أخرى، وذلك فهي محاولة للتشكيك في تكلفة الذكاء الاصطناعي هناك؛ لأن الشرائح نفسها استُعمِلت في الشركات الأخرى وتطلّب الأمر 600 مليون دولار لتدريب النماذج نفسها.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
0 تعليق