الحياد الكربوني في بريطانيا يؤجج شبح الظلام.. وخطر جديد بسبب النرويج

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تحيط التحديات بإستراتيجية الحياد الكربوني في بريطانيا بحلول عام 2050، إذ تستهدف حكومة حزب العمال الحاكم إزالة الكربون من شبكة الكهرباء عبر الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة بحلول عام 2030.

لكن ذلك النهج يهدد بانقطاع التيار خلال الشتاء عندما ينخفض أو يتوقف إنتاج الطاقة الشمسية أو الرياح، بما قد يؤدي إلى زيادة واردات الكهرباء أو الاعتماد على محطات الغاز الطبيعي، كما حدث مؤخرًا، وفق متابعات الأزمة لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وتزايدت المخاوف من انقطاع واردات بريطانيا من الكهرباء النرويجية، على خلفية تَسبُّبها في رفع فواتير المواطنين هناك، وكذلك تهديدات بقطع الخطوط البحرية على يد مخرّبين موالين للصين وروسيا.

وبحسب مراقبين، تهدد تلك الأزمة أمن الطاقة في بريطانيا؛ نتيجة لتزايد الاعتماد على واردات الكهرباء لتلبية جزء من احتياجات مواطنيها.

خطة الحياد الكربوني في بريطانيا

تدعم النرويج خطة الحياد الكربوني في بريطانيا من خلال تصدير الكهرباء بخطّ بحري يمرّ عبر بحر الشمال، وينقل الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية، لتزويد سكان بريطانيا بالإمدادات.

وفي مطلع شهر يناير/كانون الثاني 2025، تراجع إنتاج الكهرباء في بريطانيا بسبب انخفاض سرعة الرياح.

وتراهن لندن على طاقة الرياح، إذ تعدّ ضلعًا رئيسًا في خطط الحياد الكربوني، وهو ما تجلّى في رفع قدرات طاقة الرياح البرية والبحرية بحلول نهاية العقد الجاري، وإزالة الحظر الفعلي على بناء مزارع بحرية، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة.

بدورها، شكّلت الواردات من النرويج نسبة 4% من استهلاك الكهرباء خلال نهاية الأسبوع الماضي، بما يؤكد مكانتها بوصفها مصدرًا رئيسًا للإمدادات الحاسمة خلال الشتاء.

وعلى العكس من مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة التي تسعى بريطانيا للاعتماد عليها، تُنتج النرويج الكهرباء من سدود الطاقة الكهرومائية، وهي مصدر مستقر ونظيف.

محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في النرويج
محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في النرويج- الصورة من موقع شركة إي كو إنرجي هولدينغ

وكشف خلاف سياسي حادّ في النرويج إمكان انقطاع تلك الإمدادات الحاسمة في الوقت الذي تهدد فيه خطط الحياد الكربوني في بريطانيا بتزايد الاعتماد على واردات الكهرباء.

إذ كانت صادرات الكهرباء النرويجية مثار جدل سياسي وشعبي حديثًا؛ حيث يقول المواطنون، إنها ترفع أسعار الكهرباء وسط تصاعد نبرة توطين موارد الطاقة.

كما انسحب الشريك الأصغر بالتحالف الحاكم اعتراضًا على خطط تطبيق سياسات الاتحاد الأوروبية الخاصة بسياسات التحول الأخضر عبر زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة.

وقبل تفكك الحكومة، ألمح الحزبان الحاكمان إلى الرغبة في إنهاء اتفاق لتزويد الدنمارك بالكهرباء وإعادة التفاوض على بنود العقود مع بريطانيا وألمانيا.

وارتفعت أسعار الكهرباء في جنوب النرويج (حيث تتصل خطوط التصدير بالشبكة) خلال شهر ديسمبر/كانون الأول المنصرم (2024) بأكثر من 20 ضعفًا، في الوقت الذي تزايدت فيه صادرات الكهرباء إلى ألمانيا.

وعندما بدأت النرويج تصدير الكهرباء عبر الخطوط البحرية إلى ألمانيا وبريطانيا في عام 2022، ارتفعت أسعار الكهرباء في جنوب النرويج بمقدار العشر.

واردات بريطانيا من الكهرباء

من المتوقع أن يتزايد الاعتماد على واردات بريطانيا من الكهرباء بسبب خطط الحياد الكربوني وما يرافقها من شبح انقطاع التيار نتيجة توقُّف هبوب الرياح، أو عند غروب الشمس.

بدورها، حذّرت مستشارة شؤون الطاقة في شركة "واط لوجيك" ( Watt-Logic)، كاثرين بورتر، من تزايد الضغوط داخل النرويج لإعادة تقييم علاقات تصدير الكهرباء مع بريطانيا.

مرزعة رياح برية
مزرعة رياح برية- الصورة من موقع شركة دراكس

ورغم تأكيدها عدم وجود خطر وشيك لوقف الإمدادات، أشارت إلى أنه من المرجح أن ترغب أوسلو في إعادة التفاوض حول بنود العقد لفرض رسوم محتملة.

وفي سياق متصل، حذّر سياسيون من أن سياسة الحياد الكربوني ستجعل بريطانيا معتمدة على جيرانها لحماية أمنها الطاقي.

يؤكد ذلك البرلماني المحافظ نيك تيموثي، بقوله، إن الخلاف في النرويج يفضح خطرين، أولهما الاعتماد الزائد على الواردات لإنارة منازل البريطانيين، وأيضًا الاندفاع وراء هدف إزالة الكربون من الشبكة بحلول عام 2030، قبل 5 سنوات من هدف حزب المحافظين في 2035.

وحذّر تيموثي رئيس الحكومة السير كير ستارمر من أن سياسة الحياد الكربوني في بريطانيا لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تتجاوز نمو تقنيات الطاقة المتجددة، مضيفًا: "تجاهل هذه الحقيقة يخاطر بأمن الطاقة لدينا وتنافسيتنا على الصعيد الدولي ورفاهية الشعب".

تأتي المخاوف بشأن الإمدادات المستوردة في الوقت الذي كشفت فيه تقارير خطرَ تخريب خطوط نقل الكهرباء وأنابيب الغاز تحت سطح البحر في أوروبا، وسط تصاعد حدة التوترات بين الشرق والغرب على سفن روسية وصينية.

بدورهم، كثّف المسؤولون الأمنيون في ديسمبر/كانون الأول (2024) من أعمال المراقبة والرصد لخطوط الأنابيب والموصلات البحرية في النرويج وبريطانيا، وذلك بمشاركة أميركية للمرة الأولى منذ الحرب الباردة.

من جانبه، نفى متحدث باسم وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني في بريطانيا، جملة وتفصيلًا، انقطاع إمدادات الكهرباء أو الغاز خلال الشتاء الحالي، مُعربًا عن ثقته في كفاية المعروض على نحو يلبي الطلب بسبب "نظام الكهرباء المتنوع والمرن"، على حدّ وصفه.

ولفت إلى إعلان مشترك وقّعه رئيسا وزراء بريطانيا والنرويج في العام الماضي (2024) بهدف تعميق الشراكة القوية وطويلة الأمد، ولا سيما في أمن الطاقة، كما يربط البلدين ترتيبات شاملة تخصّ خطوط النقل بينهما لإرساء قواعد تجارة متبادلة النفع.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

  1. خطر انقطاع الكهرباء بسبب أزمة النرويج السياسية من صحيفة "ذا تيليغراف"
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق