الاستعانة بكتاب دولة تراهن على تقوية المردودية في "الوزارات المركبة"

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عززت حكومة عزيز أخنوش تركيبتها خلال التعديل الحكومي الأخير بستة كتاب دولة، بعدما لم يتم تعيينهم خلال هيكلة المؤسسة التنفيذية في أكتوبر من سنة 2021 وأفاد وقتها بلاغ الديوان الملكي بأنه “سيتم لاحقا تعيين كتاب دولة”.

وكان من المتوقع سلفا أن تمر الحكومة إلى هذه الخطوة خلال التعديل الحكومي، وذلك بغرض تطعيم ترسانتها البشرية من أجل “الرفع من منسوب الأداء” على مستوى مجموعة من القطاعات الحيوية خلال الفترة الأخيرة من عمرها، قبل انتخابات 2026، خصوصا القطاعات ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بـ”فلسفة البرنامج الحكومي”.

ويأتي كتاب الدولة في آخر التراتبية الحكومية بعد كل من رئيس الحكومة والوزراء والوزراء المنتدبين، كما لا يحضرون أشغال المجلس الوزاري الذي حدد الفصل 48 من الدستور المعنيين به، وهم الوزراء والملك، على أن يمارس هؤلاء صلاحياتهم انطلاقا من الاختصاصات التي يفوضها لهم الوزراء، ليكونوا بذلك مشرفين على قطاع تدير الوزارة شؤونه إلى جانب قطاعات أخرى.

الانتماء الحزبي

وشد الاختيار الذي بصم عليه مهندسو التعديل الحكومي، من خلال إلحاق كل كاتب دولة بوزارة يديرها وزير من الحزب نفسه، أنظار متتبعين للشأن السياسي ممن قرؤوا هذه الخطوة على أنها “سعيٌ نحو تلافي أي إشكالية من الإشكاليات التي تطرأ بين الوزير وكاتب الدولة عادة كما كان الحال خلال حكومة سعد الدين العثماني”.

في سياق متصل، سجل باحثون في الشؤون السياسية والدستورية أن “الإتيان بكتاب دولة في الوقت الراهن، يعني سعي الحكومة إلى الدفع بعجلة الأداء على مستوى مجموعة من الوزارات التي تشرف على تدبير أكثر من قطاع، على أن يتم تكليف كل واحد من هؤلاء بقطاع معين، الأمر الذي يعني الرهان على تسريع وتيرة الاشتغال قبل حلول موعد الانتخابات التشريعية المقبلة”.

كما استبعد هؤلاء “حدوث ما وقع خلال الحكومات السابقة بين الوزراء وكتاب الدولة من عدم التوافق، حيث إن الشق السياسي حاضر بقوة في هذا الصدد من خلال استحضار اللون السياسي ذاته، بما يمكن أن يخدم عمل الطرفين داخل الوزارة الواحدة”.

مفاوضات التحالف

حفيظ الزهري، باحث في الدراسات السياسية والدولية، قال إن “التعديل الحكومي الأخير جاء تماشيا مع ما جاء في بلاغ الديوان الملكي عقب النسخة الأولى من حكومة عزيز أخنوش، بعدما أشار إلى أنه سيتم لاحقا تعيين كتاب دولة، كما جاء في إطار السعي الحكومي نحو تخفيف العبء عن بعض القطاعات الوزارية التي تم تجميعها في وزارة واحدة”.

وأضاف الزهري، في تصريح لهسبريس، أن “ضمان النجاعة في الأداء على مستوى بعض القطاعات التي عرفت الجمود خلال النصف الأول من عمر الحكومة، دفع كذلك هذه الأخيرة إلى القيام بهذا التعديل. أما تعيين كتابِ الدولة، فهو في عمقه تعيينٌ سياسي يدخل في إطار المفاوضات بين أحزاب التحالف الحكومي، ويحمل كذلك إشارات إلى السعي نحو إحداث تنفيس على مستوى المكاتب السياسية واللجان التنفيذية التي تخص الأحزاب الثلاثة، بالنظر إلى الضغوطات التي تتعرض لها القيادات الحزبية من قبل قياديين يتطلعون أساسا إلى الاستوزار”.

وذهب المتحدث إلى أنه “على المستوى التدبيري من الممكن القول بإمكانية مساهمة تعيين كتاب الدولة في إعطاء نفس جديد للحكومة قبيل فترة الانتخابات”، مشيرا في جوابه على سؤال بخصوص منسوب التوافق المنتظر بين الوزراء وكتاب الدولة المعينين لديهم إلى أنه “من المستبعد أن تكون هناك حالات عدم التوافق، خصوصا إذا استحضرنا أن عملية التعيين تبقى بمثابة تنزيل لمخرجات المفاوضات السياسية بين الأحزاب خلال مرحلة رسم معالم التعديل الحكومي”.

مفصلا في هذه النقطة، ذكر الباحث في الدراسات السياسية والدولية أن “فلسفة تعيين وزراء الدولة الستة كانت على أساسا إلحاق كل واحد منهم بوزير من حزبه نفسه، مما يعني عدم إمكانية وجود إشكالية مستقبلية في توزيع المهام والاختصاصات؛ فالتعيينات الأخيرة تبرز ما يمكن أن نسميه شراكة بين الوزارة وكتابة الدولة في تسيير قطاع معين، على أن يتحمل الحزب مسؤولية تسييره سياسيا”.

تطوير الحصيلة

بنيونس المرزوقي، باحث في القضايا الدستورية والسياسية، أكد من جهته أن “فهم دلالات تعيين كتاب الدولة في إطار التعديل الحكومي الجديد، بعد أن كانت النسخة الأولى من الحكومة تفتقدهم، ينبغي أن يستند إلى أساسيْن؛ الأول دستوري صرف، والثاني يرتبط بمنسوب الحصيلة التي بصمت عليها الحكومة في النصف الأول من عمرها”.

المرزوقي أكد لهسبريس أن “الدستور في فصله 87 جعل من تعيين كتاب الدولة مسألة ممكنة، في وقت يتحدث الفصل 48 على أن مجلس الوزراء، الذي يرأسه الملك، يضم الوزراء والملك، لا غير. أما من الناحية التنظيمية والواقعية، فيظهر أن تعيين كتاب الدولة الستة يمس قطاعات استراتيجية وحساسة، سواء تعلق الأمر بالسكنى وسياسة المدينة أو بالشغل أو بالتجارة الخارجية وحتى الاقتصاد الاجتماعي والتضامني”.

وأشار إلى أنه “يبدو أن الحكومة أحست بنوع من الضعف في الحصيلة التي حققتها في هذه القطاعات، مما جعلها تعين كتاب دولة لدى وزرائها”، مشيرا إلى أن “الخلافات التي عادة ما تنشأ بين كتاب الدولة والوزراء تبقى نتيجة لعدم الالتزام بمقتضيات القانون التنظيمي 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة”.

الباحث في القضايا الدستورية والسياسية سجل في السياق نفسه أن “كتاب الدولة يشتغلون أساسا ما بين تفويض التوقيع والإمضاء، وكذا تفويض السلطة والصلاحية.

فإذا كان تفويض التوقيع والإمضاء هو الحاصل، فإن كاتب الدولة يمارسه لصالح الوزير في نهاية المطاف. أما إذا كان تفويض السلطة والصلاحية، فإنه يمارسهما باسمه ولصالحه”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق