يمتد حقل بارس الجنوبي، الذي يعدّ واحدًا من أكبر حقول الغاز الطبيعي في العالم، على مساحة شاسعة من مياه الخليج العربي بين دولتين، هما إيران وقطر، وهو ما يجعله مصدرًا رئيسًا ومهمًا للدخل في كلا البلدين.
وبحسب بيانات حقول النفط والغاز العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن هذا الحقل العملاق يسهم بشكل كبير في الاقتصاد الإيراني، إذ يمثّل ركيزة رئيسة لصادرات طهران من الغاز إلى الدول المجاورة وحول العالم.
بالإضافة إلى ذلك، تمثّل الاحتياطيات العملاقة التي يحظى بها حقل بارس الجنوبي أهمية إستراتيجية كبيرة، ليست فقط لقطاع الطاقة داخل إيران، في ظل أزمة الكهرباء الحالية، أو لقطر وصادراته، بل لسوق الطاقة العالمية أيضًا.
ومنذ اكتشاف الحقل الغازي العملاق في أواخر القرن العشرين، أصبح يمثّل للعديد من الاستثمارات ومشروعات التطوير الكبرى، إذ تتعاون كل من إيران وقطر -نسبيًا- في استغلاله، على الرغم من النزاع حول الحدود البحرية وحقوق الإنتاج.
وللاطّلاع على الملف الخاص بحقول النفط والغاز لدى منصة الطاقة المتخصصة، يمكنكم المتابعة عبر الضغط (هنا)، إذ يتضمن معلومات وبيانات حصرية تغطي قطاعات الاستكشاف والإنتاج والاحتياطيات.
معلومات عن حقل بارس الجنوبي
بحسب أبرز المعلومات عن حقل بارس الجنوبي، فقد اكتُشِفَ للمرة الأولى في عام 1990 من قِبل شركة النفط الوطنية الإيرانية "نيوك" (NIOC)، وذلك خلال عمليات التنقيب في الخليج العربي، في الأجزاء الواقعة داخل المياه الإقليمية الإيرانية.
وعلى الرغم من وقوع جزء من هذا الحقل داخل المياه الإيرانية، فإن جزءًا منه يقع داخل المياه الإقليمية القطرية، واكتُشِفَ عام 1971، ليكون امتدادًا جيولوجيًا طبيعيًا له، إذ يسمى الحقل من الجهة القطرية باسم "حقل الشمال البحري".
ومع الوصول إلى كميات احتياطية ضخمة داخله، أدركت إيران أهمية حقل بارس الجنوبي، وبدأت العمل في تطويره على الفور، وذلك بالتعاون مع عدد من الشركات العالمية المتخصصة، وهو ما أسهم في تعزيز قدراتها في إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي، لتصبح أحد أكبر منتجي الغاز عالميًا.
![حقل بارس الجنوبي في إيران](https://attaqa.net/wp-content/uploads/2025/01/9228dea3bd3b582fc9dc70dca3d0587b.jpg)
وتبلغ المساحة الإجمالية للحقل نحو 9700 كيلومتر مربع، تقع 3700 كيلومتر مربع منها ضمن المياه الإقليمية الإيرانية، بينما تقع 6000 كيلومتر مربع ضمن المياه القطرية، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وبفضل هذا الموقع الجغرافي والجيوسياسي المميز، يمثّل حقل بارس الجنوبي أهمية إستراتيجية كبيرة، لا سيما مع وقوعه بالقرب من ممرات الملاحة البحرية الرئيسة، وهو ما يُسهّل عمليات التصدير إلى أسواق الطاقة العالمية.
يشار إلى أن الحقل شهدت خلافات تاريخية بشأن ترسيم الحدود البحرية وحقوق الاستغلال بين إيران وقطر، إذ تعدّ الدوحة الأسرع في تطويره واستغلاله في الجزء الخاص بها، مما أعطاها ميزة تنافسية في تصدير الغاز المسال إلى الأسواق العالمية.
أمّا إيران، فقد كانت تواجه تحديات تقنية واقتصادية، تسببت فيها العقوبات الدولية المفروضة عليها، والتي عاقت تطوير حصتها من الحقل، لكن مع تخفيف العقوبات خلال السنوات الأخيرة، شهدت تقدمًا ملحوظًا في عمليات التطوير.
احتياطيات حقل بارس الجنوبي
تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن احتياطيات حقل بارس الجنوبي من الغاز الطبيعي تبلغ نحو 14 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، أي ما يعادل 1800 تريليون قدم مكعبة، ونحو 19% من احتياطيات الغاز المؤكدة عالميًا.
بالإضافة إلى ذلك، يحتوي الحقل الغازي العملاق في إيران على كميات ضخمة من المكثفات الغازية التي تُستعمَل في الصناعات البتروكيمياوية، وهو ما يجعل الحقل واحدًا من أهم مصادر الطاقة في العالم، بحسب بيانات الاحتياطيات والإنتاج العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ويبلغ حجم إنتاج حقل بارس الجنوبي نحو 1.5 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا، وفق أحد الأرقام المعلَنة في 5 يناير/كانون الثاني 2025، وهو ما يمثّل نسبة كبيرة من إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي في إيران.
ويُستعمل جزء كبير من هذا الغاز على المستوى المحلي، لا سيما في محطات توليد الكهرباء وبعض الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، بينما تصدر إيران باقي الإنتاج إلى الأسواق العالمية.
تطوير حقل بارس الجنوبي
مرّت عمليات تطوير حقل بارس الجنوبي للغاز الطبيعي في إيران بمراحل كبيرة، تصل إلى نحو 24 مرحلة، تهدف كل مرحلة منها إلى إضافة سعة إنتاجية جديدة، من خلال حفر آبار أو إدخال مزيد من التطوير والإضافات إلى البنية التحتية المتطورة فيه.
وركّزت المراحل الأولى والثانية والثالثة والرابعة على استخراج الغاز الطبيعي من الحقل، لدعم الإنتاج الإجمالي للبلاد، بالإضافة إلى تطوير المنشآت الأساسية في الحقل، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
أمّا المراحل التالية من الخامسة وحتى المرحلة 12، فقد ركّزت على تحقيق توسعات كبيرة واستثمارات ضخمة لتحسين الإنتاج، بينما استهدفت المراحل الباقية تعزيز قدرات المعالجة وضمان استدامة الإنتاج طويل الأمد.
![حقل بارس الجنوبي الإيراني](https://attaqa.net/wp-content/uploads/2025/01/ff40b691c06418347e31890b6fc1e29f.jpg)
وقد شارك في أعمال تطوير الحقل العملاق العديد من الشركات الدولية، على الرغم من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران، وفي مقدمتها توتال إنرجي الفرنسية، و"سي إن بي سي" الصينية، وغازبروم الروسية، وبتروناس الماليزية.
وفي الوقت الحالي، تقود الشركات الإيرانية، مثل شركة النفط الوطنية الإيرانية، جهود تطوير الحقل بعد انسحاب بعض الشركات الدولية نتيجة العقوبات الاقتصادية، على الرغم من أن عمليات التطوير تتطلب جهودًا تكنولوجية واستثمارات مالية ضخمة.
ولأن حقل بارس الجنوبي يمثّل ركيزة أساسية لقطاع الطاقة الإيراني ومصدرًا رئيسًا لتعزيز الاقتصاد الوطني، وبسبب أهميته الإستراتيجية أيضًا، تواصل إيران جهودها لتطويره رغم التحديات الاقتصادية والسياسية، بالتعاون مع شركاء دوليين.
نرشّح لكم..
المصادر..
- تقرير عن احتياطيات وإنتاج حقل بارس الجنوبي.. من "غلوبال إنرجي مونيتور"
- تقرير عن جهود ومراحل تطوير الحقل.. من شركة "بتروبارس" الإيرانية
- تقرير عن مشروع حقل بارس الجنوبي للغاز.. من "إن إس إنرجي"
0 تعليق