رصد تقرير أممي حديث الصدور الوضعية الاقتصادية بإفريقيا، منطلقا من دراسة ديناميات التعرض للصدمات الاقتصادية، مرورا بحجم ومردودية الاستثمار الإفريقي البيني، وانتهاء بإشكالية بناء القدرة على صمود الأعمال التجارية والمعاملات عبر الحدود داخل القارة ذاتها.
ووضع التقرير الذي صاغه “مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية”، المعروف اختصارا بـ”أونكتاد”، والخاص بسنة 2024، المغربَ ضمن الدول الخمس بالقارة التي “لديها القدرة على الصمود في مواجهة صدمات الأزمة المتشعبة والمتوفرة على مستويات منخفضة من الضعف”، لينضم بذلك إلى كل من بوتسوانا والرأس الأخضر وموريشيوس وجنوب إفريقيا.
ولفت المصدر ذاته إلى أن “المؤشرات لدى المملكة في هذا الإطار منخفضة، خصوصا في ما يتعلق بالضعف الاقتصادي والضعف الطاقي ثم الحكاماتي والطاقوي والاجتماعي”، مفيدا بأن “وجود هذه المستويات المنخفضة بخصوص جوانب الضعف المذكورة من بين السمات التي يبحث عنها المستثمرون والشركات”.
وأورد تقرير “التنمية الاقتصادية في إفريقيا”، المعنون بـ”إطلاق العنان لإمكانات التجارة في إفريقيا”، أن “الجائحة كانت الأخطر خلال العقدين الماضيين على الاقتصادات الإفريقية، بما فيها المغرب الذي يعتبر من بين أكبر خمسة مصدرين للخدمات بالقارة، إذ بلغ متوسط قيمة صادراته من الخدمات ما بين 2019 و2021 حوالي 16,2 مليار دولار، خلف مصر، التي تليها دول جنوب إفريقيا وغانا وإثيوبيا”.
كما صنفت الوثيقة المغرب من بين الدول التي “تتمتع بدرجة أقوى من البنيات التنظيمية والترابط والتكيف مع المناخ والتنويع الاقتصادي والاستقرار”، وهي كل من بوتسوانا وجنوب إفريقيا والرأس الأخضر وموريشيوس؛ فهذه الدول، حسبها، “تظهر قدرة أفضل على الصمود في مواجهة التحديات المتعلقة بتقلب العملة والتحديات اللوجيستية، في حين أن المشهد يكون معقدا لدى دول أخرى تواجه ضمنها الشركات العقبات البيروقراطية وتعاني من غياب المعايير القانونية الخاصة بكل قطاع”.
وبعدما استعرض التحديات التي تواجه الوسط الإفريقي ككل من الناحية الاقتصادية توقف التقرير المذكور عند اتفاقات التجارة والاستثمار التي وقعها المغرب مع أطراف متعددة، و”تساعد في التقليل إلى حد أدنى من مخاطر التجارة والاستثمار في المنطقة”.
وبحسب المصدر نفسه فإن “المغرب وقع على 76 معاهدة، تليه تونس بحوالي 72 معاهدة، ثم الجزائر بحوالي 45 معاهدة، و38 لدى جنوب إفريقيا؛ في حين أن مصر تبقى دائما في الصدارة بواقع 100 معاهدة؛ 72 منها سارية المفعول مع بلدان في إفريقيا وأماكن أخرى”.
كما تحدث تقرير “أونكتاد” عن كون المخاطر المتصلة بالمناخ في إفريقيا تسببت سنة 2022 في أضرار بلغت 8,5 مليارات دولار، ما أثر على أكثر من 10 ملايين شخص، إذ يفرض تغير المناخ مخاطر وجودية، خاصة على الاقتصادات المعتمدة على الزراعة، مبرزا أن البلدان التي لديها سياسات غير مناسبة للتكيف مع المناخ تعرف تحديات متزايدة ناجمة عن الطقس المتطرف والتدهور البيئي.
كما اعتبرت الوثيقة أن معالجة مصادر شدة التأثر في إفريقيا تتطلب تشجيع التنويع، بعيدا عن الاعتماد على الموارد من أجل الحد من التعرض لصدمات السوق، ثم تنفيذ سياسات مالية سليمة؛ فضلا عن الاستثمار في الطاقات المتجددة ودعم البنية التحتية للوصول إلى مصادر الطاقة بغية الحد من تقلبات الأسواق العالمية.
0 تعليق