فتحت مصادقة مجلس النواب على مشروع قانون رقم 27.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، القاضي بنقل اختصاصات محددة إلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عوضا عن الوزارة المكلفة بالشغل، الأسبوع الماضي، الباب أمام مطالب تهم إعادة النظر في التشريعات والقوانين الخاصة بتدبير تعويضات الأجراء عن حوادث الشغل.
وركّزت توضيحات قانونية ونقابية في هذا الإطار على وجود مجموعة من النقاط ذات علاقة بهذا الملف من الموجب دراستها، على رأسها إعمال الرقابة على أرباب العمل من أجل ضمان توفير تأمينات عن الحوادث الشغلية لفائدة الأجراء، فضلا عن أولوية تعديل مختلف النصوص التشريعية التي تحدد التعويضات المطلوب صرفها لفائدة ضحايا حوادث الشغل.
تشريعات واضحة
قال شعيب حريث، خبير قانوني محام بهيئة المحامين بالدار البيضاء، إن “ضمان الحماية الاجتماعية لفائدة الأجراء، خصوصا بالقطاع الخاص، رهين بتعزيز الترسانة القانونية الزجرية على مستوى مدونة الشغل، لا سيما فيما يتعلق بضرورة توفير التأمين للأجراء”.
واعتبر حريث، في تصريح لهسبريس، أنه “عادة ما نجد أن ضحايا حوادث الشغل لا يتم التصريح بهم وتوفير التأمين الخاص بهم المتعلق بالأمراض وهذه الحوادث؛ فمن الأساسي فرض الرقابة على المقاولات وطريقة تصريحها بالأجراء وتوفير التأمين عن الحوادث والأخطار المهنية لفائدتهم”، موضحا أنه “من الأولى توفير ترسانة زجرية تكون رادعة لهذه المقاولات، إذ إنه من السليم أن يتم التصريح بالأجير وضمان تأمينه عن حوادث الشغل”.
وزاد: “الحاجة ملحة ليس فقط من أجل نقل الاختصاصات إلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، على اعتبار أن هذا الإجراء سيشكّل مكسبا للشغيلة المغربية، وعلى اعتبار أن المعطى الكفيل بحمايتهم هو إقرار رادع زجري وإلزام الشركات والمقاولات بالمعالجة الصريحة والواضحة لهذه الملفات، في حين إنه في نهاية المطاف إجراء يتعلق فقط بمحاولة الحكومة مواكبة تحول منظومة الحماية الاجتماعية بالمغرب”.
ولم يتوقف المتحدث عند هذه النقطة، بل أكد “أولوية إعادة النظر في القانون المتعلق بتدبير حوادث الشغل والظهير الذي يحدد التعويضات لفائدة الأجراء ضحايا حوادث الشغل والأمراض المهنية، على اعتبار أن هذه التعويضات الهزيلة والبسيطة عادة ما لا تتناسب مع الظروف الاجتماعية للضحايا”، مع تسجيله “مِلحاحية التوسّع القانوني في ماهية حوادث الشغل، بما يواكب التطورات التي عرفها عالم الشغل وأنماطه، إذ صرنا أمام أنماط جديدة، بما فيها العمل عن بعد، مما يوجب التوسع في تحديد ماهية هذه الحوادث بشكل واضح”.
رفع التعويضات
وقال ادريس عدة، نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، إن “هذا الإجراء الذي صادق عليه مجلس النواب عمل مسطري كان من المنتظر أن يتم القيام به منذ نقل اختصاصات الحماية الاجتماعية من الوزارة المكلفة بالشغل إلى وزارة الصحة، أي منذ تشكيل هذه الوزارة في النسخة الحكومية الأولى، إذ يوجد في هذا الإطار تأخير نتمنى ألّا تكون له انعكاسات على تدبير ملفات الأجراء ضحايا حوادث الشغل”.
وأضاف عدة في تصريح لهسبريس: “بهذه المناسبة، فإننا نثير إشكاليات يعرفها موضوع تدبير تعويضات حوادث الشغل، إذ يتم سنويا تسجيل 40 ألف حادثة شغل بالمغرب، لعل آخرها ما كان حدث بسد المختار السوسي بتارودانت. فهذا الملف يكلف البلد حوالي 63 مليار درهم ككلفة سنوية جماعية تتقاسمها الدولة والمقاولات والأجراء كذلك”، مفيدا بأن “أخطار الشغل في المغرب أكثر من نظيرتها المسجلة عادة بالمنطقة العربية وشمال إفريقيا بواقع ضِعفين ونصف، إذ نسجل حوالي 48 حالة عن كل 100 ألف أجير”، وفق تعبيره.
وأقرّ المتحدث بـ”كون الانتباه يجب أن يصوّب تجاه هذا الملف الذي يخص صرف تعويضات أخطار الشغل لفائدة الأجراء، إذ إن المطلب المركزي هو مراجعة كيفية احتساب إيرادات ضحايا حوادث الشغل، على اعتبار أن ذلك يتم بشكل مجحف، وهو ما يفسره بشكل واضح تسول عدد من الأفراد ضحايا هذه الحوادث بسبب هزالة التعويض أو الحرمان منه تماما لغياب التأمين.
وعلى ذكر غياب التأمين، تحضرنا فضيحة غيابه للموظفين العموميين منذ مطلع الاستقلال إلى يومنا هذا رغم الوعود وغم الاتفاق على إنهاء هذه الفضيحة منذ اتفاق 2011 “.
وزاد: “ننبه كذلك إلى مسألة تبسيط المساطر؛ لأن الأجراء البسطاء لا يقدرون على مواكبة كل التعقيدات المسطرية الموجودة حاليا. كما نذكّر بمطلب أساسي هو جعل خدمة التأمين عن حوادث الشغل من الاختصاص الحصري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تفاديا لمساومة الضحايا من طرف شركات التأمين في إطار مسطرة الصلح الإجبارية، إذ إن هذه المؤسسات تجعلهم يقبلون باتفاقات غير منصفة عوضا عن اتباع المساطر، مخافة تعقيدات المساطر القضائية وطول مدتها مع كل الأخطار التي تهدد بعدم الحكم لفائدتهم لهذا السبب أو ذاك”.
وذكّر المتحدث ذاته بأن ملاحظاتهم ومطالبهم كنقابات عمالية “كانت موضع تأكيد من طرف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دون أن يجد ذلك صدى لدى الجهات الحكومية المعنية”.
0 تعليق