جددت رائحة المومياوات المصرية الأسئلة المثيرة حول تقدم العلم في حضارة مصر القديمة.
اكتشف علماء الآثار أن المومياوات المصرية القديمة التي تم تحنيطها بالزيوت المعطرة والشمع ما زالت تنبعث منها روائح لطيفة تتحدى الموت، حتى اليوم، على الرغم من مرور قرون على تحضيرها بعناية للدفن.
وأوضح العلماء أن المومياوات ما زالت تنتج رائحة توصف بأنها خشبية، حارة وحلوة، حيث اعتقد المصريون أن هذه الرائحة تساعد الموتى، وتم تحليل رائحة المومياوات بواسطة أربعة خبراء، تدربوا لمدة ثلاثة أشهر لتحديد الروائح بشكل دقيق، وكانوا قد وصفوا سابقًا رائحة اللوحات التاريخية، بحسب ما نشرته صحيفة ديلي ميل البريطانية.
وفي البداية أكد الباحثون رغبتهم في فهم كيف تبدو رائحة المومياوات بعد فترات طويلة في معارض المتاحف وفي التخزين، فجمعوا عينات من الروائح المنبعثة من تسع مومياوات في المتحف المصري بالقاهرة.
وقال البروفيسور علي عبد الحليم، المشارك في الدراسة ومدير المتحف المصري في القاهرة: «بالنسبة للمصريين القدماء، كان التحنيط ممارسة تتضمن طقوسًا مهمة تهدف إلى الحفاظ على الجسد والروح للآخرة من خلال طقوس دقيقة لتحنيط المتوفى باستخدام الزيوت والشمع ومجموعة من المساحيق والمركبات التي تشبه الكريمات في عصرنا الحديث.
وتمثل الرائحة عنصرًا أساسيًا للمصريين القدماء أثناء عملية التحنيط، حيث كانت الروائح الطيبة مرتبطة بالطهارة، بينما كانت الروائح الكريهة تعتبر مؤشرات على فساد الجسم وتحلله، بحسب الخبير المصري.
وفي معرض تجاربهم وأبحاثهم، قام العلماء بفصل المركبات الكيميائية الفردية، التي تظهر عند درجات حرارة مختلفة وتسخينها ضمن أداة علمية، ثم طلبوا من الخبراء تحليلها ووصفها وصفًا علميًا تحليليًا.
وكانت المومياوات تنبعث منها روائح خشبية، حلوة وحارة، ولكنها أيضًا أصدرت نفحة من البخور والنباتات التي كانت تُستخدم في التحنيط في مصر القديمة.
واطمئن الباحثون لاكتشاف أنه كان هناك القليل جدًا من الرائحة الأرضية المأخوذة من بعض العناصر أحيانًا، التي تشبه رائحة الجبن والفطر وهو ما يشير إلى أن الأجسام ما زالت في حالة جيدة، وأن تقنيات التحنيط المدهشة للمصريين قد صمدت أمام اختبار الزمن.
متاحف للرائحة
وقال البروفيسور ماتيا سترليتش، الذي قاد الدراسة من جامعة لندن: "نحن نعرف كيف كانت رائحة المومياوات عندما تم تحنيطها، من خلال اكتشاف قوائم المواد المستخدمة في التحنيط والاكتشافات الأثرية الحديثة".
وأشار إلى أن "المومياوات تنبعث منها روائح مختلفة، حيث تم تحلل المواد الأصلية للتحنيط، ومعها الروائح الإضافية للمنتجات المستخدمة في الحفظ، بالإضافة إلى المبيدات الحشرية المستخدمة لمكافحة الحشرات والتي قد تأكل التابوت والمومياء".
ومن الممكن أن تساعد هذه النتائج في تقديم صورة أكثر اكتمالًا عن التاريخ، لأن الرائحة جزء مهم من ذلك، ونشرت الدراسة في مجلة الجمعية الكيميائية الأمريكية، وشملت مومياوات تعود إلى الفترة بين 1500 قبل الميلاد، وحتى 500 ميلادي، خلال فترة الإمبراطورية الرومانية.
ووصف الخبراء أن الروائح شملت القيء، والجبن، والتي كانت مرتبطة بتحلل المواد المستخدمة في التحنيط، وكانت إحدى المومياوات التي كان تابوتها مزخرفًا بقناع ذهبي، مما يدل على مكانة اجتماعية رفيعة، ما زالت تحتفظ برائحة المواد المستخدمة بعد الموت. وبعض الروائح التي تم وصفها شملت رائحة الصنوبر، وقشر البرتقال، والكرز، والجرانيوم، التي امتزجت مع الفانيليا واللوز المر من التوابيت الخشبية التي تتفسخ ببطء.
وتشير هذه النتائج إلى أن المومياوات التي خضعت لتحنيط دقيق، خاصةً لأصحاب المكانة الرفيعة، تحتفظ برائحة فترة زمنية أطول، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها دراسة رائحة المومياوات بشكل منهجي باستخدام مزيج من التقنيات الآلية والحسية. وقد تتيح هذه الأبحاث للمتاحف جذب الزوار عن طريق إنشاء متاحف خاصة للروائح العطرية المستخدمة في التحنيط.
0 تعليق