دخلت أركينو (arkenu) (شركة خاصة حديثة العهد) سوق النفط الليبية، وسط جدل واسع حول صفقاتها، وتأثيرها في المشهدين الاقتصادي والسياسي في البلاد.
ومنذ بداية نشاطها، أصبحت هذه الشركة محورًا للاتهامات والمخاوف بشأن مصير عائدات النفط الليبية، وسط انقسام سياسي حادّ يعصف بالبلاد.
ووفقًا لتقارير اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أثار تنامي نفوذ أركينو في تصدير النفط العديد من التساؤلات حول مستقبل قطاع النفط الليبي، الذي كان تاريخيًا تحت سيطرة المؤسسة الوطنية للنفط.
وفي ظل غياب الشفافية، ظهرت تقارير تربط الشركة المثيرة للجدل بعلاقات غير رسمية مع شخصيات نافذة، ما زاد المخاوف بشأن احتمال تحويل عائدات النفط بعيدًا عن الدولة.
ويمثّل قطاع النفط الليبي المصدر الأساس للدخل، ومن ثم فإن أيّ تغيير في آلية تصديره يثير حساسية كبيرة، وقد أثارت صفقات أركينو قلقًا دوليًا، لا سيما أن ليبيا تخضع لرقابة مشددة من الأمم المتحدة بشأن إدارة مواردها النفطية.
ومع استمرار الجدل، تتصاعد التساؤلات حول مستقبل هذه الشركة، وما إذا كانت تمثّل تهديدًا لسيادة مؤسسة النفط الليبية، أم أنها بداية لمرحلة جديدة من تحرير قطاع الطاقة في البلاد.
هيمنة الشركة على تصدير النفط
حصلت أركينو -التي تأسست عام 2023- على موطئ قدم قوي في تصدير النفط الليبي، إذ صدّرت 8 شحنات بقيمة 600 مليون دولار منذ مايو/أيار 2024، وفق بيانات صادرات النفط الليبية لدى منصة الطاقة المتخصصة.
ووفقًا لوثائق الشحن وتقارير أممية، تمكنت الشركة من تصدير النفط بشكل مستقل، حتى خلال مدة الإغلاق في أغسطس/آب، وسبتمبر/أيلول 2024، رغم أن الصادرات الليبية كانت تقليديًا تحت سيطرة المؤسسة الوطنية للنفط.
وبحسب بيانات التتبع، صدّرت أركينو شحنات نفط إلى دول عدّة، من بينها إيطاليا وبريطانيا، من خلال صفقات مع شركات عالمية مثل يونيبيك الصينية، وإكسون موبيل، أثارت جدلًا واسعًا، نظرًا لعدم وضوح طبيعة التعاقدات المالية الخاصة بها.

بيانات شركة أركينو
يقع مقر شركة أركينو للنفط في مدينة بنغازي -شرق البلاد-، وتُعد~ من أولى الشركات الخاصة في ليبيا بمجال إنتاج وتطوير النفط والغاز، بالإضافة إلى تطوير الحقول والمواني النفطية.
تمتلك الشركة حفّارات حديثة بقوة 1500 حصان و1200 حصان، بمواصفات عالمية، ووفق أحدث مستويات من التقنية والجودة، بحسب البيانات المنشورة في موقعها الرسمي.
وتضم فريقًا من الخبراء، الذين يمتلكون خبرة تزيد على 35 عامًا، إذ تقلّدوا مناصب رفيعة في كبرى شركات إنتاج الصناعات النفطية وتطويرها، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
علاقة شركة أركينو بصدام حفتر
رغم عدم الإفصاح رسميًا عن ملاك أركينو، فإن تقريرًا للأمم المتحدة أشار إلى أن الشركة تعمل تحت سيطرة غير مباشرة لصدام حفتر، نجل القائد العسكري خليفة حفتر.
ويُعتقد أن العائدات من مبيعات النفط من خلال الشركة لا تدخل إلى المصرف المركزي الليبي، ما يعزز المخاوف من استعمال هذه الأموال خارج إطار الدولة الرسمي.

وتاريخيًا، سيطرت قوات حفتر على معظم الحقول النفطية في شرق ليبيا، وأوقفت الإنتاج مرارًا للضغط على الحكومة المركزية بشأن توزيع العائدات، ويبدو أن ظهور أركينو في المشهد يأتي في إطار إعادة ترتيب آليات الاستفادة من الثروة النفطية لصالح أطراف محددة.
تجاوزات مالية
أظهرت وثائق الشحن أن مدفوعات صادرات أركينو لم تمرّ عبر القنوات المالية الليبية المعتادة، بل حُوِّلت إلى حسابات مصرفية في الإمارات وسويسرا، ما أثار تساؤلات حول مصير هذه الأموال.
وعادةً، تُحوَّل عائدات النفط الليبي إلى حسابات المؤسسة الوطنية للنفط بالمصرف الليبي الخارجي، ومن ثم إلى حساب الحكومة.
إلّا أن أركينو، بحسب المصادر، تستعمل حسابات مصرفية خارجية، وهو ما قد يؤدي إلى حرمان الاقتصاد الليبي من عائدات مهمة.
دور المؤسسة الوطنية للنفط
رغم استمرار المؤسسة الوطنية للنفط في تصدير كميات ضخمة من الخام، فإن دخول أركينو على الخط يقلل من حصتها في السوق، إذ صدّرت المؤسسة خلال المدة نفسها 264 مليون برميل بقيمة 21 مليار دولار، إلّا أن وجود هذه الشركة قد يؤدي إلى تقليل سيطرتها على القطاع.
ويرى محللون أن السماح لشركة خاصة بتصدير النفط دون رقابة حكومية قد يشكّل سابقة خطيرة، قد تؤدي إلى مزيد من الانقسامات حول إدارة الثروة النفطية في ليبيا.

ومع تصاعُد الجدل، بدأت بعض الأطراف الدولية بإثارة مخاوفها بشأن دور أركينو في السوق.
ووفقًا لتقرير صادر عن مجموعة "ذا سنتري"، فإن السماح لشركة خاصة بتصدير النفط دون شفافية قد يزيد من تعقيد الأزمة الليبية، ويمنح نفوذًا غير مبرر لجهات غير حكومية.
وتحذّر تقارير دولية من أن استمرار هذه الصفقات قد يُعرّض ليبيا لعقوبات اقتصادية، ولا سيما إذا ثبَت أن العائدات لا تُستعمل لصالح الدولة، بل لصالح جهات عسكرية أو شخصية.
الخلاصة..
يبقى مستقبل أركينو محلّ جدل، فبينما ترى بعض الأطراف أنها تمثّل فرصة لكسر احتكار المؤسسة الوطنية للنفط، يخشى آخرون أن تكون أداة للالتفاف على القوانين الليبية، وتحويل العائدات بعيدًا عن الاقتصاد الرسمي.
ومع استمرار التحقيقات الدولية، ستحدّد الأشهر القادمة ما إذا كانت هذه الشركة الخاصة ستبقى فاعلًا رئيسًا في السوق، أم أنها ستواجه قيودًا قانونية جديدة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..
0 تعليق