مسرحيون يبحثون عن الأندلس المفقود

أحداث أنفو 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ظل الأندلس حاضرا في الإبداع العربي لاسيما على مستوى المسرح، واستأثرت باهتمام المبدعين الذين اشتغلوا على هذا الموضوع وفق مقاربة مختلفة لكنها تتفق من حيث الحنين لهذه المرحلة من التاريخ. ولمقاربة هذا الموضوع استضافت ندوة أقيمت في إطار البرنامج الثقافي لأيام الشارقة المسرحية يوم الجمعة الماضي ثلثة من الباحثين والمسرحيين، أدارتها الفنانة المسرحية نادية برشيد.

مصر في حكاية الأندلس

في سياق حديثه عن حضور الاندلس في المسرح العربي تعرض المخرج المصري عصام السيد إلى ثلاث مسرحيات كتبها كتاب مصريون، منبها إلى أن هذه المسرحيات بقدر ما يظهر أنها من حيث الشكل تحكي عن الأندلس، إلا أنها في العمق كانت تتحدث عن مصر.

أول هذه المسرحيات هي مسرحية أميرة الأندلس لأحمد شوقي، معتبرا أن الشاعر المصري عندما كتب هذه المسرحية في 1915 كان منفيا في إسبانيا بسبب أشعاره ضد الاحتلال الإنجليزي لمصر وعلاقته بالأسرة الحاكمة، ولم يكن في نيته استرجاع سقوط الأندلس ولا أمجادها، ولكنه كتبها بفكرة عودة مصر للخلافة العثمانية مرة أخرى

وأشار عصام السيد إلى أن المسرحية تتضمن اختلالا على مستوى الدقة التاريخية، حيث وضع شخصية بثنية ابنة الحاكم التي تحب واحدا من الشعب الذي يقاوم تشتت الأندلس.

وتنتهي المسرحية بجملة الحاكم التي تبين الاتجاه السياسي الذي يقصده أحمد شوقي والتي تقول "خير لي أن أرعى الجمال لملك مسلم على أن أرعى الخنازير لملك صليبي". أي أنه يختار العودة للخلافة العثمانية.

بعد ذلك ينتقل عصام السيد إلى محاولة أخرى تتجلى في المسرحية التي كتبها الشاعر محمد عزيز أباظة تحت عنوان غروب الأندلس، ويُعتبر هذا الشاعر الذي ينحذر من عائلة إقطاعية كبيرة، الوريث الشرعي لأحمد شوقي في كتابة المسرح الشعري. وهو أيضا لم يتكلم عن الأندلس أو استرجاعها وإنما كان يصور الحالة المصرية.

هذه المسرحية، يذكر عصام السيد انها قائمة على ثلاثة محاور أولها: الملك أبو عبد الله الصغير والمحور الثاني: والدته الملكة عائشة الحرة، ثم المحور الثالث وهو الملكين الكاثوليكيين فرناندو ويزابيلا. وكان الصراع متمحورا حول السؤال: هل نقاوم الاحتلال الاسباني الذي يتقدم ويحاصر أو نستسلم له؟ وفي هذه المسرحية يبين الشاعر أنه لا بد من الاتحاد لمقاومة المستعمر. لكن ما يؤكد أن هذه المسرحية تتحدث في العمق عن مصر وليس عن الأندلس، ما أكده عميد الأدب العربي طه حسين في مقدمة هذه المسرحية عندما طبعت، عندما قال إن المسرحية تتحدث بالفعل عن ناس مصريين ووقائع مصرية لكن متلبسة صورا أندلسية. كما تهرب من الحكم على المسرحية من الناحية الفنية لأنها عبارة عن قصيدة طويلة، لكن على المستوى الدرامي تم تقسيمها إلى خمسة فصول كما هو الشأن بالنسبة لمسرحية أحمد شوقي، وهو تقليد في الحقيقة لشكسبير.

المحاولة الثالثة للكتابة عن الأندلس، قال عصام السيد إنها تتجلى في مسرحية فاروق جويدة "الوزير العاشق"، وهي مسرحية تحكي عن ولادة وحبها لابن زيدون، وقد اشتغل فيها الكاتب على التغريب الزمني بمعنى أن النص الذي من المفروض أن وقائع تدور في الاندلس، لا أحد يستطيع تحديد الزمن بدقة، فولادة بنت المستكفي تتحدث عن "المباحث" وهي كلمة لم تكن معروفة في زمن ولادة.

هذا العرض المسرحي كتب في بداية الثمانينات، ويحكي عن محاولة توحيد ملوك الطوائف الشيء الذي أدى إلى خلافات بينه وبين عدد من الناس، قد صور الكاتب ابن زيدون على أنه بطل تراجيدي، مضيفا أن هذا البطل لم يسمع صوت الشعب وكانت قراراته فوقية ويظهر ذلك في حواره مع ولادة، وقد انتهى النص بموت ابن زيدون.

ويخلص المخرج عصام السيد إلى أن هذه النصوص الثلاثة تبين أن المسرح الشعري المصري لم يسع إلى استعادة الأندلس ولم يطرح هذه القضية إطلاقا ولكن كان يتحدث عن واقع سياسي واقتصادي واجتماعي مصري وعربي في نفس الوقت. كما أن النصوص الثلاثة تتأسس على علاقة بين رجل وامرأة هي التي تحرك الأحداث التي نسقطها على الواقع وهي سمة عامة تطبع هذه النصوص بالإضافة إلى اللجوء إلى شعارات رنانة من قبيل الوحدة وخيانة الوطن والشعب.

المجد المفقود والنصر المنشود

من جهة أخرى قدم الباحث والمخرج المغربي الدكتور عبد المجيد شاكر مقاربة تحليلية لموضوع الأندلس في المسرح العربي معتبرا أن هذا الموضوع يمتلك حيوية خاصة.

وقال شاكر إن الحديث عن الأندلس هو حديث متشعب ويمتد لأكثر من مسار، مشيرا إلى أن الأندلس تمثل لحظة تاريخية فارقة ومنعطفا حضاريا استثنائيا، الشيء الذي أهلها لاحتلال حيز في الوجدان العربي من حيث كونها نقطة تماس بين المشرق والمغرب العربيين وجعلها مصدر إلهام إبداعي في مختلف صنوف التعبير الفني عند العرب وغيرهم، فحضرت بقوة في رواية فتح الأندلس لجرجي زيدان وثلاثية غرناطة لرضوى عاشور والمورسكي لحسن أوريد، البيت الأندلسي لواسني الأعرج.

كما أن هذا موضوع الأندلس يقول عبد المجيد شاكر، حضر في السينما من خلال "الأندلس مون أمور" لمحمد نظيف و"لامورا" لمحمد إسماعيل وهما من المغرب، و"الأندلسي" لمحمد الشويخ من الجزائر و"المصير" ليوسف شاهين.

كما حضرت الأندلس تلفزيونيا من خلال مسلسل ليلة سقوط غرناطة لمحفوظ عبد الرحمان، وأيضا من خلال رباعية وليد سيف وحاتم علي، لكن هذا العمل ظل ثلاثيا لأن الجزء الرابع (سقوط غرناطة) لم يصور على خلاف باقي الأجزاء وهي صقر قريش وربيع قرطبة وملوك الطوائف.

كما حضرت الأندلس في الشعر من خلال أحمد شوقي، وتم استعملها استعمالا رمزيا في كل رموز الفقد، منها قصيدة في رثاء أدرنة (يا أخت أندلس عليك سلام... هوت الخلافة عنك والإسلام). وأيضا حضرت الأندلس في الشعر الحديث من حيث كونها أيقونة رمزية لثنائية الفقد والاسترجاع، وعند البياتي (النور يأتي من غرناطة) ولدى عبد المعطي حجازي (مرثية للعمر جميل) وكذا سعدي يوسف (غرناطة) وأدونيس (سقوط غرناطة) إلى غير ذلك من الأمثلة.

وفيما يخص المسرح قال شاكر إن الأندلس احتلت مكانة خاصة في الابداع المسرحي العربي عبر رمزية تماثل الماضي والحاضر أو باعتبارها أيقونة الفقد الذي لم يستسغه الخاطر العربي عبر التاريخ.

وقد تمثل المسرح العربي ثنائية الفقد والنشدان عند أكثر من مبدع بما هي فقد للمجد العربي عبر سقوط الأندلس ونشدان نصر حضاري جديد عبر استخلاص الدرس الأندلسي لما عرفه التاريخ العربي من تشابه بين الماضي الأندلس والحاضر العربي.

وللوقوفعلى أمثلة تؤكد هذه الثنائية استعرض شاكر بالتحليل نصين أحدهما بعنوان المهرج لمحمد الماغوط والثاني بعنوان "القضية" للدكتور سلطان القاسمي باعتبرهما اختزالا إبداعيا للتناول المسرحي للأندلس ومدخلا لتمثل صورة الأندلس لمسرحنا العربي.

رمزية الأندلس

على مستوى آخر أكد المخرج الجزائري حليم زدام حضارة الأندلس يشعر بالفخر والحسرة في نفس الآن وكأنه إحساس راسخ في الذاكرة الجماعية. واعتبر ان سقوط ليس مجرد حقبة زمنية مرت وانقضت بل تجربة مليئة بالعبر التي يمكن ان تفيد المجتمعات العربية على حد سواء خاصة اليوم.

واستحضر زدام المسرح الجزائري الذي تعرض لموضوع الأندلس بحيث أن سقوط الأندلس فتح أبواب المغرب العربي للأندلسيين، وأشار إلى أن المسرح الجزائري استلهم قصة الأندلس ليتعرض لقضايا معاصرة، معتبرا أن استحضار هذه القضية فيه إشارة ضمنية للاحتلال الفرنسي للجزائر، ومن ناحية أخرى سمح بالتعرض لموضوع التسامح الديني والثقافي وبالتطرق للهوية حيث يعتبر بعض الجزائريين أنهم أحفاد للأندلسيين.

وانتقد المخرج الجزائري التركيز على الحنين والمبالغة في البكاء على الأندلس باعتبارها الجنة المفقودة وهي صورة غير دقيقة بحسب رأيه.


انهزم فريق المغرب التطواني أمام ضيفه الدفاع الحسني الجديدي، بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد في المباراة التي جمعتهما اليوم السبت على أرضية ملعب سانية الرمل بتطوان، لحساب منافسات الدورة 22 من البطولة الاحترافية.

وكان المغرب التطواني السباق للتسجيل عبر اللاعب أيوب لكحل (د 9)، فيما أدرك التعادل للفريق الدكالي مصطفى السهد (د 63) وعاد نفس اللاعب ليضيف الهدف الثاني (د 68) فيما سجل خالد بابا الهدف الثالث (د 83).

وبعد هذه النتيجة، زادت محنة المغرب التطواني الذي بقي في المركز 15 برصيد 12 نقطة، بينما ارتقى الدفاع الحسني الجديدي إلى المركز التاسع برصيد 28 نقطة.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق