وُصفت محاولة وفد برلماني أوروبي دخول مدينة العيون المغربية بصفة سياحية، بحر هذا الأسبوع، بكونها استفزازية رغم الغطاء السياسي الذي طبع التحرك، كما اعتبرت تجاوزا واضحا للمساطر القانونية والأعراف الدبلوماسية العالمية المعمول بها.
وكشفت معطيات أمنية استباقية أن “أهداف الزيارة كانت تحمل طابعا سياسيا محضا يحاول المعنيون به القيام بتحركات وعقد لقاءات غير معلنة تخدم أجندة تنظيم البوليساريو الانفصالي داخل الأقاليم الجنوبية للمملكة”.
ولأن هذا السلوك يتنافى مع الضوابط القانونية المنظمة لدخول الأجانب إلى التراب المغربي، فقد تدخّلت السلطات المحلية بعاصمة الأقاليم الجنوبية، وقامت باتخاذ إجراءات المنع والترحيل، تأكيدا على أن “احترام السيادة الوطنية تظل خطا أحمر لا يمكن تجاوزه تحت أي مبرر”.
ويضم الوفد الأوروبي، الذي كان يعتزم القيام بزيارة للأقاليم الجنوبية للمملكة تحت غطاء سياحي، وتدشين لقاءات سياسية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة، ليمستروم آنا كاتي، وخوسي أنتيرو سارامو، النائبين البرلمانيين عن الحزب الفنلندي “تحالف اليسار”، وسيرا سانشيز إيزابيل، النائبة عن حزب “بوديموس” الإسباني، وكاتارينا مارتينز، النائبة عن الحزب الاشتراكي البرتغالي “كتلة اليسار”، وكيسادا مارتين بابلو، مساعد نائبة رئيس مجموعة اليسار في البرلمان الأوروبي، إضافة إلى شخص آخر مكلف بالإعلام والتواصل رافقهم في هذه الرحلة.
السيادة الوطنية
تعليقا على قرار ترحيل أربعة نواب في البرلمان الأوروبي واثنين من مرافقيهم بعد محاولتهم دخول مدينة العيون بطريقة غير قانونية، قالت لالة الحجة الجماني، النائبة البرلمانية عن جهة العيون الساقية الحمراء، “لا يخفى على أحد أن المملكة المغربية دولة مؤسسات ذات سيادة كاملة على ترابها الوطني، وتحترم القوانين والأعراف الدولية المعمول بها”.
وأكدت النائبة ذاتها، في تصريح خصت به جريدة هسبريس الإلكترونية، أن أي زيارة أو تحرك لمسؤول سياسي أجنبي، سواء كان يمثل دولة أو مؤسسة سياسية، يجب أن يتم وفق القنوات الرسمية واحترام السيادة الوطنية، مشيرة إلى أن “ما أقدم عليه أعضاء هذا الوفد الأوروبي يتعارض بشكل واضح مع القواعد الدبلوماسية والمؤسساتية، لاسيما في ظل عدم احترامهم الإجراءات المتعارف عليها، التي تستوجب تنسيقا مسبقا مع البرلمان المغربي والسلطات المختصة”.
وأضافت عضو حزب الأصالة والمعاصرة أن البرلمان الأوروبي نفسه يفرض على أعضائه الحصول على تفويض رسمي قبل القيام بأي مهام خارجية، مما يجعل هذه الخطوة غير مبررة ومخالفة حتى لقواعد المؤسسة التي ينتمي إليها أعضاء هذا الوفد.
وفي هذا السياق أوضحت الجماني أن “قرار السلطات المغربية بمنع هذا الوفد يتسق بشكل طبيعي مع الممارسات المتبعة دوليا لحماية سيادة الدول، لاسيما أن خلفيات أعضاء الوفد ونواياهم العدائية ليست خافية على أحد”، لافتة الانتباه إلى أن “تحركاتهم تندرج في إطار محاولات التشويش والتضليل الممنهج، الذي يندرج ضمن حملة دعائية تستهدف النجاحات الدبلوماسية التي تحققها المملكة تحت قيادة الملك محمد السادس”.
“نحن، كممثلين شرعيين لسكان الصحراء المغربية، ندعم بشكل كامل قرار السلطات في هذا السياق، ونقف كبرلمانيين ومنتخبين وشيوخ وأعيان، بل كمواطنين مغاربة فوق أرضنا التي ننعم فيها بالاستقرار والأمن، أمام كل محاولة خبيثة ويائسة تسعى إلى زعزعة الاستقرار عبر التشويش وبث المغالطات وتزييف الحقائق”، تقول المتحدثة ذاتها، قبل أن تضيف أن “حماية السيادة الوطنية والتصدي لمثل هذه المناورات لا يقعان فقط على عاتق السلطات، بل هي مسؤولية جماعية تشمل مختلف المؤسسات الوطنية والهيئات السياسية والمجتمعية، التي تظل متيقظة لكل المحاولات الرامية إلى المساس بمصالح المغرب ووحدته الترابية”.
وختمت الجماني حديثها لهسبريس بالتأكيد على أن المغرب سيظل ثابتا في مواقفه السيادية، متسلحا بإجماع وطني راسخ في الدفاع عن قضاياه العادلة، ومستمرا في مواصلة مسيرته التنموية بقيادة الملك، بعيدا عن أي محاولات للتشويش أو الاستفزاز.
رفض الاستفزاز
قالت فاطمة سيدة، النائبة البرلمانية عن حزب الاستقلال بجهة العيون الساقية الحمراء، إن الإجراء المتخذ بحق أعضاء الوفد الأوروبي يندرج ضمن ممارسة المغرب لسيادته الوطنية، وحرصه على احترام القوانين المنظمة لدخول وإقامة الأجانب فوق أراضيه، خاصة عندما يتعلق الأمر بأفراد يحاولون توظيف التأشيرة السياحية لأغراض سياسية تتنافى مع القوانين المغربية.
وأوضحت سيدة، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “المغرب، كعادته، يظل منفتحا على الزوار الأجانب، لكنه في المقابل لا يمكن أن يقبل بأي استغلال لأراضيه في التحريض أو المساس بوحدته الترابية”، مشيرة إلى أن “هذا ما ينطبق على هؤلاء الأشخاص الذين تجمعهم روابط بكيانات معادية للمملكة”.
وتابعت المتحدثة، التي تشغل أيضا منصب رئيسة جماعة أمكالة التابعة لإقليم السمارة، أن “الوفود البرلمانية الجادة تحترم الأعراف الدبلوماسية، وتأتي عبر القنوات الرسمية المعتمدة، وفق تنسيق مسبق، وليس من خلال محاولات فردية تفتقر للإطار القانوني والتنسيقي”، مسجلة أن “المنطقة تستقبل بانتظام وفودا سياسية وبرلمانية من مختلف الدول، تزور الأقاليم الجنوبية، وتعاين بنفسها مسار التنمية الذي تشهده هذه المناطق، في ظل الترحاب الذي يلقاه كل من يرغب في الاطلاع على الواقع كما هو، وفق الضوابط والقوانين المعمول بها”.
وأضافت أن السلطات المغربية تعاملت مع تحركات أولئك البرلمانيين بحزم واستباقية، حفاظا على الأمن والاستقرار بالأقاليم الجنوبية، مؤكدة أن “الموالين لجبهة البوليساريو يحاولون العودة إلى أساليب الضغط التقليدية، عبر التواصل مع بعض الأحزاب اليسارية الداعمة للطرح الانفصالي، في محاولات يائسة لإعادة إحياء خطاب فقد كل مصداقية منذ سنوات بعيدة”.
مناورات فاشلة
قال محمد عياش، النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار بالعيون، إن قرار منع نواب برلمانيين أوروبيين ومرافقيهم من دخول التراب الوطني يأتي في إطار تطبيق مقتضيات القانون رقم 03-02 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية، موضحا أن “هذا القرار، الذي جاء بناء على طلب من الهيئات المنتخبة بمدينة العيون، يعكس التزام المغرب بالحفاظ على سيادته، ورفضه أي محاولات للالتفاف على القوانين المنظمة للزيارات الأجنبية”.
وأضاف عياش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هؤلاء الأفراد لم يلتزموا بالقنوات الرسمية المتعارف عليها، بل حاولوا الدخول إلى العيون بطريقة تتنافى مع المساطر القانونية، وهو ما يكشف عن نوايا غير بريئة”، مؤكدا أن “المغرب، الذي يستقبل باستمرار وفودا دبلوماسية وحقوقية في إطار احترام القوانين، لن يسمح بأي تحركات مشبوهة تهدف إلى التشويش على أمنه واستقراره”.
وأوضح أن احترام سيادة الدول والتنسيق مع مؤسساتها يعد مبدأ أساسيا في العلاقات الدولية، مشيرا إلى أن أي زيارة برلمانية يجب أن تتم وفق القنوات الرسمية المعمول بها، قبل أن يضيف أن “النواب المغاربة، كمنتخبين ومسؤولين، لا يمكن أن يفكروا يوما في الانتقال إلى أي بلد آخر بصفتهم البرلمانية دون احترام مؤسساته وقوانينه، فكيف يمكن القبول بأن يأتي برلمانيون أجانب إلى المغرب بغرض دعم أطروحات انفصالية تهدد أمنه واستقراره؟”
وسجل المتحدث، الذي يترأس مجلس جماعة فم الواد التابع لإقليم العيون، أن هذه المحاولة تأتي ضمن مناورات جبهة البوليساريو، التي تسعى بعد فشلها على المستوى الدبلوماسي إلى استغلال بعض التيارات اليسارية في أوروبا من أجل خلق ضجة إعلامية لا أساس لها من التأثير الواقعي، موردا أن “المغرب بفضل دبلوماسيته القوية نجح في كشف زيف هذه الادعاءات، وهو ما يتجلى في التراجع المستمر للدعم الدولي للطرح الانفصالي”.
وأضاف أن الأقاليم الجنوبية للمملكة تشهد دينامية تنموية متواصلة، مبرزا أنها مفتوحة أمام كل الزوار الذين يحترمون الإجراءات القانونية المعمول بها، قبل أن يؤكد أن “المملكة لن تقبل بأي استغلال غير مشروع للتأشيرات السياحية لتنفيذ أجندة سياسية تخدم أطرافا معادية لوحدتها الترابية”، وأن “القوانين المغربية تُطبق بصرامة على الجميع دون استثناء”.
وختم محمد عياش حديثه لهسبريس بالقول إن المغرب سيواصل تعزيز مكتسباته الدبلوماسية والدفاع عن وحدته الترابية بكل حزم، لافتا الانتباه إلى أن “أي محاولات لزعزعة الاستقرار ستواجه برد صارم من قبل السلطات المعنية”، وأن “احترام السيادة الوطنية والالتزام بالمساطر القانونية يشكلان القاعدة الأساسية لأي تعاون دولي، الشيء الذي يفرض على جميع الجهات الفاعلة احترام القوانين المغربية وعدم السقوط في فخ الاستفزازات العقيمة”.
0 تعليق