سوق الغاز الأوروبية تغرق في دوامة التقلبات.. الأسعار تثقل كاهل الأسر والشركات

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اقرأ في هذا المقال

  • أسعار الغاز في أوروبا أقل من ذروتها في 2022، لكنها ما تزال ضعف مستويات ما قبل الأزمة
  • انخفاض مخزونات الغاز في الاتحاد الأوروبية بنسبة 36% مقارنة بالعام الماضي
  • لا انفراجة متوقعة في سوق الغاز العالمية قبل 2026
  • مشروعات الغاز المسال بقيادة أميركا وقطر قد تزيد قدرة التصدير العالمية بنسبة 50% بحلول 2030

بدأ عام 2025 على وقع اضطرابات حادة في سوق الغاز الأوروبية، مع ارتفاع الأسعار إلى أعلى مستوى لها منذ عامين، مهددة بجرّ القارة إلى دوامة جديدة من الضغوط الاقتصادية والمعيشية.

وحاليًا، تقف أسعار الغاز الأوروبية في مؤشر "تي تي إف" الهولندي (مقياس أسعار الغاز في أوروبا) إلى 47 يورو (49.3 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة، بحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

ورغم أن هذا المستوى أقل بكثير من الذروة التي شهدتها الأسعار بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، فإنه ضعف مستويات ما قبل الأزمة تقريبًا.

وأدت عدّة عوامل إلى تفاقم الأزمة داخل سوق الغاز الأوروبية، حيث جاءت نتيجة مزيج معقّد من العوامل السياسية والاقتصادية والمناخية.

أسباب تقلبات سوق الغاز الأوروبية

على الرغم من الجهود الحثيثة التي بُذلت خلال الأعوام الماضية لتعزيز سوق الغاز الأوروبية وتقليل الاعتماد على الإمدادات الروسية، جاءت سلسلة من العوامل المتشابكة لتعيد خلط الأوراق، وتضع أمن الطاقة في أوروبا أمام اختبار قاسٍ.

ومن أبرز هذه الأسباب:

  • توقّف عبور الغاز الروسي عبر أوكرانيا في يناير/كانون الثاني (2025)، ليحرم السوق الأوروبية من أحد آخر شرايين الإمدادات المتبقية.
  • عودة الشتاء البارد بعد عامين من طقس أكثر اعتدالًا، لتتصاعد وتيرة السحب من المخزونات.
  • تعرُّض توليد الطاقة المتجددة لانتكاسة نتيجة انخفاض سرعة الرياح وقلة مدة سطوع أشعة الشمس خلال النصف الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، ما دفع إلى زيادة الاعتماد على الغاز في توليد الكهرباء بنسبة 80% مقارنة بعام 2023.
  • رغم توقعات نمو إمدادات الغاز المسال العالمية بنسبة 5% في 2025 مقابل 1.5% فقط في 2024، فإنّ توقُّف تدفقات الغاز الروسي عبر أوكرانيا يحدّ من التأثير الإيجابي لهذه الزيادة.

ويستعرض الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- صادرات غازبروم الروسية من الغاز إلى الاتحاد الأوروبي شهريًا:

صادرات روسيا من الغاز عبر الأنابيب إلى أوروبا

أثر انخفاض مخزونات الغاز في الأسعار

أشعل انخفاض مخزونات الغاز في الاتحاد الأوروبي بنسبة 36%، أو بما يعادل 24 مليار متر مكعب، مقارنة بالعام الماضي، فتيل ارتفاع الأسعار مجددًا، وفق التقرير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية.

وتجد الحكومات نفسها أمام تحدٍّ يتمثل في تأمين الإمدادات قبل شتاء 2025/2026، وسط منافسة شرسة على الغاز المسال في الأسواق العالمية.

ولا تتوقف الأزمة عند هذا الحدّ، بل يمتد تداعياتها إلى الاقتصاد الأوروبي بأسره، فبعد 4 سنوات من تقلبات الأسعار وارتفاعها، بات التأثير واضحًا في أسعار الكهرباء والمواد الغذائية والقطاعات الصناعية، ما زاد الضغوط على الأسر والشركات.

بالإضافة إلى ذلك، أدّت صدمة الأسعار دورًا رئيسًا في تغذية التضخم، وأثقلت كاهل المستهلكين، في حين تسببت بتفاقم معدلات فقر الطاقة بجميع أنحاء أوروبا.

أمّا القطاع الصناعي، فيدفع ثمنًا باهظًا لهذه الأزمة، إذ ارتفع متوسط أسعار الغاز للمستهلكين الصناعيين في أوروبا منذ عام 2022 بنسبة 30% من نظيره في الصين، و5 أضعاف الأسعار في أميركا، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ونتيجة لذلك، اضطر العديد من الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة إلى تقليص إنتاجه أو حتى إغلاق بعض مصانعه، وباتت القارة العجوز في سباق ضد الزمن للحفاظ على قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية.

إجراءات الحكومات الأوروبية لتخفيف الأزمة

مع استمرار تداعيات الانخفاض الحاد في إمدادات الغاز الروسي عبر الأنابيب -التي تراجعت بأكثر من 80 مليار متر مكعب، أو 50%، منذ عام 2022- تسعى الحكومات الأوروبية لوضع حلول جذرية لحماية المستهلكين والشركات من التداعيات الاقتصادية العميقة للأزمة.

ومن بين هذه الحلول:

  • وضع سياسات لدعم القدرة على تحمُّل التكاليف، وإلزام الدول الأعضاء بمستويات معينة من تخزين الغاز، وفرض أهداف طوعية لخفض الاستهلاك، وإنشاء آلية شراء مشتركة للغاز.
  • الاستفادة من البنية التحتية لاستيراد لغاز المسال لتعويض تراجع تدفقات الغاز الروسي وتنويع إمداداتها.
  • تعزيز قدرات الطاقة المتجددة، حيث أضافت الكتلة 250 غيغاواط من السعة الجديدة منذ 2022؛ ما أسهم بتقليل استهلاك الغاز في توليد الكهرباء بأكثر من 60 مليار متر مكعب.
  • رغم التباطؤ الحاد في مبيعات المضخات الحرارية من ذروتها في 2022 و2023، فإن بيع 8 ملايين وحدة منذ 2022 ساعد في تقليل الطلب على الغاز خلال موسم التدفئة.
  • تعزيز كفاءة الطاقة، إذ أسهمت الإجراءات المتخذة في 2022 و2023 في تخفيف الضغط على الإمدادات والأسعار، رغم تباطؤ وتيرة التقدم خلال 2024.

ويرى تقرير وكالة الطاقة أنه رغم تراجع الطلب على الغاز في توليد الكهرباء بنسبة 8% في 2024، فإن الغاز ما يزال ضروريًا لتأمين إمدادات الكهرباء، خاصة عند انخفاض إنتاج الطاقة المتجددة، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويرصد الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- واردات أوروبا من الغاز المسال من 2023 حتى يناير/كانون الثاني (2025):

واردات أوروبا من الغاز المسال

تحديات تواجه سوق الغاز الأوروبية

لا تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تشهد الأسواق العالمية انفراجة قبل عام 2026، وهو الموعد الذي تبدأ فيه موجة ضخمة من الإمدادات الجديدة للغاز المسال.

وقد ترفع المشروعات الجديدة، التي تتصدرها الولايات المتحدة وقطر، القدرة التصديرية العالمية للغاز المسال بنحو 50% بحلول عام 2030، إذا التزمت بالجدول الزمني المعلن.

بيْدَ أن الرهان على هذه الإمدادات المستقبلية ليس خيارًا مطروحًا أمام الاقتصادات الأوروبية التي تواجه أسعار غاز مرتفعة للعام الرابع على التوالي.

لذلك، تجد الحكومات نفسها مضطرة إلى تكثيف جهودها لتعزيز كفاءة الطاقة، وتنويع مصادر الإمدادات، وتعزيز المرونة في أنظمة الكهرباء.

ويجب أن ينصبّ التركيز الآن على تعزيز مرونة إمدادات الغاز؛ وهو ما يتطلب إبرام عقود طويلة الأجل لضمان استقرار الإمدادات، إضافة إلى تعزيز الشراكة عبر الأطلسي في تجارة الغاز المسال.

الخلاصة:

تشهد سوق الغاز الأوروبية اضطرابات حادة منذ بداية 2025 مع ارتفاع الأسعار بسبب تراجع الإمدادات الروسية والسحب من المخزونات وتراجع إنتاج الطاقة المتجددة، وأدى ذلك إلى تفاقم الضغوط على الأسر والقطاعات الصناعية، في حين تسعى الحكومات لتعزيز الإمدادات وكفاءة الطاقة لتخفيف الأزمة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

  1. تقلبات في سوق الغاز الأوروبية من وكالة الطاقة الدولية.
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق