عيّنت وزارة الداخلية محمد بهاء الدين الزّباخ وكيلا قضائيا للجماعات الترابية، تُناط به مهام تقديم المساعدة القانونية لهذه الجماعات وهيئاتها ومجموعاتها ومجموعات الجهات والعمالات والأقاليم ومؤسسات التعاون بين الجماعات، وتمثيلها أمام مختلف المحاكم في جميع الدعاوى، باستثناء المنازعات المتعلقة بالمراقبة الإدارية.
يأتي ذلك وفق قرار جديد لوزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، صادر ضمن العدد الأخير من الجريدة الرسمية تحت رقم 315.25، وبناء على القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، والقانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم، فضلا عن القانون رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، ثم المرسوم رقم 2.19.1086 بتحديد وتنظيم اختصاصات وزارة الداخلية.
ووفقا للقرار الوزاري ذاته، فإن “الوكيل القضائي للجماعات يمكن أن يفوض، تحت سلطته ومسؤوليته، إمضاء إلى رؤساء أقسام تابعين للمديرية العامة للجماعات الترابية. كما يمكنه عند الاقتضاء، تفويض إمضائه إلى ممثلين جهويين على مستوى ولايات الجهات، في حين إنه يمكن للوكيل القضائي ذاته، بموجب المادة الثالثة من القرار نفسه، “تكليف محامين لتمثيله”.
المسؤول المعيّن بمنصبه الجديد من قبل “أم الوزارات” شغل مؤخرا منصب رئيس قسم المنازعات القضائية بالوكالة القضائية للمملكة التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، كما كان سابقا من بين الأسماء المرشحة من أجل شغل منصب الوكيل القضائي للمملكة.
ويأتي هذا التعيين في ظل حديث متواصل عن تنامي المنازعات القضائية ضد مؤسسات الدولة، بما فيها الجماعات الترابية، وهو ما أشار إليه مؤخرا عبد الرحمان اللمتوني، الوكيل القضائي للمملكة، سواء كان الأمر يتعلق بقضايا “نزع ملكية العقارات ذات الملكية الخاصة لإقامة منشآت معيّنة، أو حتى قضايا أخرى تسقط فيها هذه المؤسسات دائما بشكل يرهق ميزانيتها”.
في هذا الإطار، أوضح عمر الداودي، خبير قانوني محام بهيئة المحامين بالرباط، أنه “وجب التذكير في البداية بأن هذه الهيئة المتعلقة بالوكيل القضائي للجماعات الترابية تمت الإشارة إليها ضمن القانون التنظيمي رقم 113.14 الخاص بالجماعات، إذ ظهرت الحاجة من قبل وزارة الداخلية إلى تتبع الملفات القضائية لهذه الأخيرة”.
وأكّد الداودي، في تصريح لهسبريس، أن “مؤسسة الوكيل القضائي للجماعات الترابية مهمة مبدئيا لهذه الجماعات في إطار تدبير منازعاتها القضائية”، موضحا أنه “ليس هناك على العموم جديد بخصوص إحصائيات يمكنها أن تبيّن لنا مدى تدبير هذه الأخيرة لمنازعاتها بشكل لائق، خصوصا من خلال تعاقدها مع محامين”.
وبعدما أعاد التأكيد على “صعوبة الحكم على عمل الوكيل القضائي للجماعات الترابية خلال السنوات الأخيرة”، بيّن المتحدث أن “هذا الحكم يجب أن يتم تأسيسه بناء على معطيات وإحصائيات من وزارة الداخلية توضح لنا مدى التطور الإيجابي في هذا الإطار”.
غير أن المحامي بهيئة الرباط نبّه إلى “إمكانية ارتفاع منسوب هذه المنازعات ضد الجماعات التي تستعد لإنشاء مجموعة من المشاريع ترقّبا لاستقبال التظاهرات الكبرى العالمية والقارية، موازاة مع بروز موضوع آخر يتعلق بعدم تنفيذ مؤسسات الدولة للأحكام القضائية الصادرة ضدها، وفقا للتقرير الأخير لمؤسسة الوسيط”.
في سياق متصل، أوضح عبد الكبير طبيح، محام بهيئة الدار البيضاء، أن “دورية سابقة لوزير الداخلية حددت مجالات تدخّل الوكيل القضائي للجماعات الترابية، حيث يُعتبر بمثابة مستشار قانوني لهذه الجماعات، غير أنه طلب منه، بخصوص تدبير المنازعات، أن يلجأ إلى خدمات المحامي، حيث تكون لدى الجماعة الترابية نزاعات متفرقة يجب تدبيرها بشكل جيّد”.
وأكد طبيح، في تصريح لهسبريس، أن “الاستشارة القانونية لفائدة الجماعات بالمغرب ليست كما يجب في الوقت الراهن، على اعتبار أن هذه الجماعات عادة ما تعرف تراكما في المنازعات ضدها على مستوى القضاء الإداري، إذ تسقط في القضايا نفسها دائما، وذلك بالنظر إلى ضعف هذا الجانب لدى أعضائها؛ فهذا الواقع يجعلهم يتخذون إجراءات توجب على الجماعة تقديم تعويضات بخصوصها لصالح الطرف المدّعي”.
ولفت المتحدث إلى أنه “عندما ستعطي الدولة الإحصائيات التي تخص المنازعات ضد الجماعات الترابية، فإننا سنعرف وقتها بشكل دقيق الطريقة التي تُسيّر بها هذه الأخيرة منازعاتها”، مسجلا أن “الوقت قد حان من أجل حماية المال العام من الاستنزاف بفعل قرارات غير مدروسة من قبل الجماعات المحلية تجعلها تواجه منازعات قضائية أمام المحاكم، مما يبرز دور الوكيل القضائي في هذا الصدد”.
0 تعليق