هدم السبت، مبنى تاريخي بملتقى زنقة الباشا وشارع يعقوب المنصور بمراكش، يعود تاريخ تشييده إلى عام 1900، مما أثار موجة من الاستنكار والاستياء، وتعليقات متذمرة من إعدام بناية تاريخية تعد من التراث الكولونيالي لعاصمة النخيل.
وكانت السلطة المحلية بمدينة مراكش قد أوقفت، خلال شهر يونيو الماضي، مستثمرا عقاريا كان بصدد هدم هذه البناية التاريخية، بعد توصلها بمراسلة من فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة جماعة مدينة مراكش ووزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، بهذا الخصوص.
وأوضح مصدر مسؤول بالمجلس الجماعي، طلب من هسبريس عدم الكشف عن هويته، أن “المجلس الجماعي راسل وزارة الثقافة من أجل تصنيف التراث المعماري بحي جليز، وعلى هذا الأساس تدخلت السلطة المحلية من أجل وقف أشغال هدم البناية، التي كان المستثمر بصدد مباشرتها قبل صدور قرار حماية هذا الإرث التاريخي”.
وأضاف المسؤول ذاته أن “المستثمر لا يتوفر على حكم التنفيذ لأن قضية هذا المبنى لم تستوف مدتها القانونية في الطعن، ولدى جماعة مراكش توجه نحو تشييد متحف للعيش المشترك على أنقاض الفيلا، واتخذت كافة الإجراءات الإدارية من أجل تصنيف التراث المعماري بحي جليز، وحمايته باعتباره يشكل هوية المدينة الحمراء”.
وحسب المعطيات التي حصلت عليها هسبريس، فالحكم الاستئنافي بهدم هذا المبنى صدر لصالح المستثمر، زوال يوم الجمعة، وأبلغ قسم المنازعات بالمجلس الجماعي، عبر مفوض قضائي في اليوم نفسه، ابتداء من الساعة الرابعة بعد الزوال، ومسطريا على قسم المنازعات بالمجلس الجماعي إحالة القرار على قسم التعمير بعمالة مراكش والمجلس الجماعي قصد مباشرة إجراءات النقض في أجل لا يتعدى 30 يوما، لكن عملية الهدم تمت في وقت مبكر من اليوم السبت، دون المرور إلى مسطرة التبليغ القانوني بالمحكمة المختصة.
وحول تصنيف التراث المعماري بحي جليز، توصلت المحافظة الجهوية للتراث الثقافي بمراكش، يوم 21 يونيو الماضي، برسالة جوابية من مديرية التراث بوزارة الثقافة تؤكد أنها “باشرت مسطرة التقييد، وأحالت ملف تقييد البناية المسماة دار القبطان بحي جليز في مراكش على أعضاء لجنة التقييد والترتيب”، مضيفة أنها “ستخبر لاحقا بمستجدات الملف والقرارات التي اتخذت في هذا الشأن”.
وكانت مؤسسة جليز، وهي هيئة مدنية مهتمة بحماية التراث المادي واللامادي بمدينة مراكش، قد وجهت رسالة إلى رئيسة المجلس الجماعي لمراكش بخصوص هذه البناية وغيرها من البنايات الاستعمارية التاريخية.
وطالبت المؤسسة الجهات المسؤولة بالمدينة الحمراء بـ”الاهتمام بالموروث الثقافي والمعماري الأوروبي بمقاطعة جليز لأن استمرار بناء عمارات عصرية من شأنه أن يقوض التراث المعماري بالمدنية، ويؤدي إلى مزيد من خسارة هذا الموروث الثقافي الذي يميز المدينة الحمراء”.
وعبرت المؤسسة عن تخوفها من “هدم هذا التراث المعماري بحي جليز بقلب مدينة مراكش، الذي تأخر إدراجه ضمن الآثار الوطنية، كما جرى ذلك في مدن مغربية عديدة، من قبيل العاصمة الاقتصادية للمملكة المغربية، مما يشجع على بناء عمارات عصرية، والقضاء على هذه المباني النادرة”.
ووفق مضمون رسالة مؤسسة جليز، فإن هذه البنايات “تعد تاريخيا رمزا للتسامح الديني وللتعايش الثقافي بمدينة مراكش لأن بعضها، مما كان مستهدفا من أحد المنعشين العقاريين بمدينة مراكش، شكل جزءا سابقا من الكنيس العبري”، معتبرة ذلك استمرارا في “إلحاق خسائر بالمعمار التاريخي لمدينة مراكش، وتشويه الطابع الفريد والجمالي لحي جليز والمدينة ككل”.
يذكر أن عمارات عملاقة شيدت على أنقاض البنايات المعمارية الاستعمارية، الأمر الذي ساهم في تقويض الطابع المعماري الكولونيالي بالمدينة الحمراء، وإضعاف جمالية حي جليز الشهير.
0 تعليق