اقرأ في هذا المقال
- خبراء يرون أن تحالف أوبك+ ينفّذ ما أعلنه بالفعل وأن قرار التخلص من تخفيضات الإنتاج صحيح
- خبراء آخرون يرون أنه كان من الأفضل أن تستمر تخفيضات أوبك+ الطوعية لمدّة أطول
- السوق قد تستوعب العرض المتزايد ولكن الإضافات الأخرى ستحدّد وفق التطورات
- أسعار النفط ستنخفض مع بدء تخفيف تخفيضات أوبك+ الطوعية
أصبح من المؤكد أن يبدأ التخلص التدريجي من تخفيضات أوبك+ الطوعية في الأول من أبريل/نيسان 2025، مثلما هو مقرر، لتستمر على مدار 18 شهرًا.
فقد أكدت الدول الـ8 المشاركة في الكميات المخفّضة، البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا، التزامها بالخطة المعلنة في 5 ديسمبر/كانون الأول 2024 بشأن العودة التدريجية والمرنة لتعديلات الإنتاج الطوعية.
وخلال اجتماعها أمس الإثنين (3 مارس/آذار 2025)، شدّدت الدول -وهي السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وقازاخستان والجزائر وسلطنة عمان- على أنه يمكن تعليق أو عكس هذه الزيادة التدريجية، وفقًا لظروف السوق، ما يمنح المجموعة المرونة اللازمة لدعم استقرار السوق.
كما أكدت الدول عزمها التعويض الكامل عن أي كميات أُنتجت بما يتجاوز الحصص المحددة منذ يناير/كانون الثاني 2024، وذلك وفقًا لخطط التعويض المقدمة إلى أمانة أوبك، على أن تُستكمَل جميع التعويضات بحلول يونيو/حزيران 2026.
وفي هذا السياق، استطلعت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) آراء نخبة من كبار الخبراء بشأن استعداد السوق لإضافة هذه الكميات، مع توقعاتهم لأسعار النفط خلال المدّة المقبلة.
تخفيضات أوبك+ الطوعية
أكد رئيس تحرير منصة "بتروليوم إيكونوميست"، بول هيكن، أهمية إدراك أن كل ما فعله تحالف أوبك+ هو إعلان أنه سيُفعِّل ما أشار إليه بالفعل، أي بدء التخلص التدريجي من تخفيضات الإنتاج الطوعية، ثم شدّد على ضرورة البقاء مرنًا والتكيف مع ظروف السوق.
وقال هيكن، في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة، إن لم يتغيّر شيء بخلاف إخماد تكهنات السوق بأن أوبك+ كان يتطلّع إلى تمديد التخفيضات، وإبداء استجابته إلى الإدارة الأميركية بأنه سيُبقي على أسعار النفط تحت السيطرة.
وأضاف: "قد تكون هذه إيماءات سوقية وجيوسياسية خفية ولكنها مهمة، وهذه الخطوة تدعم أيضًا حقيقة أن أوبك+ يعتقد أنه لن يكون هناك فائض في العرض من خارج أوبك، على عكس ما يتوقّعه بعض المحللين، ولدى المجموعة مجال للمناورة للبقاء على المسار الصحيح لإعادة البراميل تدريجيًا".
في السياق نفسه، أكدت مؤسّسة مركز "فاندا إنسايتس"، المعني بأسواق الطاقة، فاندانا هاري، أن تحالف أوبك+ يفعل الشيء الصحيح من خلال المضي قدمًا في تخفيف تخفيضات الإنتاج.
وأضافت أن الكثير من الضغوط الهبوطية على الخام خلال الشهر والنصف الماضيين كانت مدفوعة بالمشاعر والمضاربة، التي أثارتها المخاوف بشأن الحروب التجارية الأميركية.
وقالت هاري، في تصريحاتها إلى منصة الطاقة المتخصصة: "إن التخلص من التخفيضات تدريجي للغاية، لذلك لن يكون ملحوظًا حتى في الأشهر الأولى".
وأوضحت أن هذا الأمر يمنح أوبك+ الكثير من الوقت للرد وتغيير المسار إذا تحولت ظروف السوق إلى معاكسة، وتوقعت أن يظل التحالف يقظًا ومتجاوبًا، إذا بدا أن السوق تتجه إلى فائض العرض.
استيعاب سوق النفط لبراميل أوبك+
يرى كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة أومود شوكري، أن الزيادة المخطط لها من قِبل الدول الـ8 في تحالف أوبك+ ستُنفّذ بمقدار 2.2 مليون برميل يوميًا تدريجيًا على مدار 18 شهرًا، بدءًا من 138 ألف برميل يوميًا في أبريل/نيسان 2025.
وأوضح، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة، أن هذا النهج الحذر يهدف إلى مواءمة العرض مع التعافي المتوقع للطلب.
ومع ذلك، أشار شوكري إلى تخوّف بعض المحللين بشأن العرض الزائد المحتمل، خاصةً إذا ظل نمو الطلب بطيئًا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العوامل الجيوسياسية، مثل الرسوم الجمركية الأميركية على الواردات من كندا والمكسيك والصين، قد تثبط النمو الاقتصادي، وبالتالي الطلب على النفط.
وقال شوكري: "لذلك، في حين قد تستوعب السوق العرض المتزايد، فإنها تظل حساسة لمختلف التطورات الاقتصادية والجيوسياسية".
ومن جانبه، يعتقد محلل السلع في بنك يو بي إس السويسري، جيوفاني ستانوفو، أن تحالف أوبك+ ما يزال يهدف إلى الحفاظ على توازن سوق النفط.
وقال ستانوفو، في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة: "لن تحدث إضافات أخرى للإمدادات إلا إذا كانت السوق قادرة على استيعابها، في رأيي".
وأوضح أنه من خلال تقديم تخفيضات التعويض عن الإنتاج الزائد في الماضي لبعض الدول الأعضاء في أوبك+، فإن الزيادة الفعلية في الإنتاج ستكون أقل من 138 ألف برميل يوميًا المعلنة.
ولا يوجد ما يشير إلى أن المجموعة تقاتل من أجل حصة السوق؛ بل تركز على إدارة العرض للحفاظ على توازن سوق النفط، بحسب ستانوفو.
قرار مفاجئ لسوق النفط
في المقابل، يرى المستشار والخبير بمجال الطاقة في سلطنة عمان، المدير العام للتسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية -سابقًا- علي بن عبدالله الريامي، أن السوق تفاجأت بقرار الدول الـ8 بإرجاع الكميات المخفضة طوعًا بصورة تدريجية، وهو ما كان له تأثير فوري في أسعار النفط، التي انخفضت أمس واليوم في حدود 2.8%، أي تقريبًا بنحو دولارين أو دولارين ونصف.
وقال الريامي، في تصريحاته إلى منصة الطاقة: "هذا خبر غير متوقع بالنسبة إلى السوق، في ظل جميع المعطيات السابقة التي كانت تشير إلى تمديد الخفض الطوعي لمدة شهرين أو 3 أشهر".
وأرجع الريامي تحرّك الدول الـ8 ببدء التخلص التدريجي من تخفيضات الإنتاج، إلى الضغوط التي يمارسها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ يطالب دول أوبك+ بتخفيض الأسعار.
وأضاف أن هناك أيضًا ضغوطًا أخرى من أعضاء أوبك+ أنفسهم، إذ هناك زيادة في الإنتاج والتصدير من قازاخستان، وقرار آخر بالسماح للإمارات بإضافة بعض الكميات لمدّة طويلة.
وتابع: "السبب المعلن مع القرار هو التخوّف من أن يكون هناك تشديد للعقوبات على إيران وروسيا، ما يؤدي بدوره إلى قلة الإمدادات أو اضطرابها.. هذا القرار سياسي بصفة أساسية، وليست له علاقة بأساسيات السوق، من وجهة نظري".
ومن جانبه، أشار الشريك، مدير المحفظة الأول في شركة ناين بوينت بارتنرز (Ninepoint Partners)، إريك نوتال، إلى معاناة السوق من معنويات مليئة بالتحديات بصورة كبيرة، نظرًا إلى عدم اليقين الشديد بشأن مدى ومدة التعرفات الجمركية الأميركية، والتأثير الذي ستخلفه في الاقتصاد العالمي وبالتالي الطلب على النفط.
وقال نوتال، في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة: "كنا نفضّل تمديد الخفض الطوعي حتى تتضح طموحات ترمب في التعرفات، وما إذا كان سيتعامل بجدية مع فرض العقوبات على صادرات النفط الإيرانية والفنزويلية".
التداعيات على أسعار النفط
بشأن تداعيات قرار التخلص من تخفيضات أوبك+ الطوعية على أسعار النفط، توقّع كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة أومود شوكري، أن يمارس الارتفاع التدريجي في إنتاج أوبك+ بعض الضغوط الهبوطية على أسعار النفط.
وأشار إلى توقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية بأن يبلغ متوسط أسعار خام برنت 74 دولارًا للبرميل في عام 2025، مع انخفاض محتمل إلى 66 دولارًا للبرميل في عام 2026، بسبب ارتفاع المخزونات العالمية.
ومع ذلك، أكد شوكري، في تصريحاته إلى منصة الطاقة، أن هذه التوقعات تخضع لعدم اليقين، بما في ذلك وتيرة التعافي الاقتصادي العالمي، والأحداث الجيوسياسية، وقرارات السياسة التي تؤثر في ديناميكيات العرض والطلب.
ومن جانبه، يرى رئيس تحرير منصة "بتروليوم إيكونوميست"، بول هيكن، أنه إذا بدأت السوق إدراك أن رواية العرض القوي من خارج أوبك كاذبة، خاصةً بالنظر إلى التقديرات المبالغ فيها في السوق للمنتجين الرئيسين مثل الولايات المتحدة والبرازيل والنرويج، فمن المرجح أن تظل أسعار النفط في نطاق 70-80 دولارًا للبرميل بعد هبوط أولي محتمل.
وأوضح المستشار والخبير بمجال الطاقة في سلطنة عمان، المدير العام للتسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية -سابقًا- علي بن عبدالله الريامي، أن قرار بدء التخلص التدريجي من تخفيضات الإنتاج يُمكن أن يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط خلال المدّة المقبلة.
وأضاف أنه كما جرت العادة، ستصحّح السوق نفسها بصورة أو بأخرى بعد استيعاب القرار، ومن ثم سنشاهد السعر الذي يتناسب مع الظروف الاقتصادية والتوقعات والأساسيات.
وقال الريامي: "لن تنخفض أسعار النفط إلى مستوى أقل من الـ60 دولارًا.. قد تصل إلى 65 دولارًا أو أقل من 70 دولارًا خلال المدّة المقبلة، ولكن سرعان ما ستصحّح السوق نفسها، وسنشهد بعض الارتفاعات التي لن تكون كبيرة، إلا إذا كانت أساسيات السوق تساعد في هذه الزيادة، مثل الإمدادات من إيران أو روسيا".
وعدّ الشريك، مدير المحفظة الأول في شركة ناين بوينت بارتنرز (Ninepoint Partners)، إريك نوتال، أنه جرى تسعير النفط بصفة خاطئة بنحو 14 دولارًا للبرميل مع قيمة عادلة تبلغ نحو 87 دولارًا لخام برنت، نظرًا إلى العلاقة التاريخية بين سعر النفط وأيام العرض.
وأضاف: "نعتقد أنه حتى تكتسب السوق المزيد من اليقين بشأن نمو الطلب العالمي، وركود نمو النفط الصخري في الولايات المتحدة، وتطبيق العقوبات، فإن الفجوة بين السوق والقيمة العادلة ستظل قائمة".
وتابع: "يمكننا أن نشهد أسعار النفط عند أواخر أو منتصف الـ60 دولارًا للبرميل.. نظل متفائلين بشأن توقعات الأسعار على المدى المتوسط".
ومن جانبه، صرّح محلل السلع في بنك يو بي إس السويسري، جيوفاني ستانوفو، بأن هناك احتمالاً لحدوث انتكاسات مؤقتة في الأسعار في الأمد القريب، لكنه توقع تعافي الأسعار بمجرد أن تدرك السوق أن الإضافات صغيرة، وأن الأساسيات تظل داعمة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
0 تعليق