الذهب يتخطى حاجز 2900 دولار: ما الأسباب، وهل الوقت مثالي للاستثمار ؟

السبورة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حقق الذهب مؤخرًا قفزة تاريخية تجاوزت حاجز 2900 دولار للأونصة مسجلًا أعلى مستوياته على الإطلاق، هذا الارتفاع القياسي أثار العديد من التساؤلات حول الأسباب وراء ذلك، وهل الوقت الحالي فرصة جيدة للاستثمار في المعدن الثمين؟، في هذه المقالة، سنستعرض أسباب هذا الارتفاع وأهم العوامل التي تقف خلفه، بالإضافة إلى مناقشة ما إذا كان الاستثمار في الذهب الآن هو الخيار الأمثل.

لماذا ارتفع الذهب في الآونة الأخيرة؟

في الأسبوع الأخير من شهر يناير سجل سعر تداول الذهب ارتفاعات جديدة في ظل ضعف الدولار الأمريكي وترك البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة دون تغيير والاندفاع نحو أصول الملاذ الآمن في ظل التهديدات بتعريفات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 1 فبراير، بالإضافة إلى ذلك، أظهرت البيانات الاقتصادية الأمريكية أن الناتج المحلي الإجمالي المعدل حسب التضخم في البلاد ارتفع بنسبة سنوية بلغت 2.3% في الربع الرابع من عام 2024 بعد ارتفاعه بنسبة 3.1% في الربع الثالث.

وخلال شهر فبراير الماضي كسر الذهب مرارًا وتكرارًا مستويات قياسية جديدة مع استمرار حالة عدم اليقين في حكم الإدارة الأمريكية الجديدة، في 20 فبراير ارتفع الذهب لأعلى مستوياته على الاطلاق عند 1955 دولار للأونصة،عندما أعلن الرئيس ترامب عن فرض تعريفات جمركية شاملة بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم، وقبل ذلك، حصل المعدن النفيس على دفعة عندما اقترح ترامب تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة ثم تطويره إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، وقد تم إدانة الاقتراح عالميًا.

لقد أدت المخاوف بشأن تصاعد حروب التجارة إلى ارتفاعات متتالية في سعر الذهب خلال فبراير، وخاصة بعد أن أكد ترامب أنه سيفرض تعريفات جمركية واسعة النطاق على حلفائه في أمريكا الشمالية وهم كندا والمكسيك اعتبارًا من 4 فبراير، وردت الدولتان بالمثل وأعلنتا عن تعريفات انتقامية، ولكن في 3 فبراير وبعد محادثات مع زعماء المكسيك وكندا، وافق ترامب على تأجيل التعريفات الجمركية لمدة شهر واحد.

ما هو التالي لسعر الذهب؟

هناك العديد من العوامل التي تؤثر على سعر الذهب، ولكن يوجد بعض المحركات الأكثر أهمية على المدى الطويل والتي تشمل التوسع الاقتصادي ومخاطر السوق وتكلفة الفرصة والزخم.

يعد التوسع الاقتصادي أحد المساهمين الأساسيين في سعر الذهب لأنه يسهل نمو الطلب في العديد من الفئات بما في ذلك المجوهرات والتكنولوجيا والاستثمار، كما تعد مخاطر السوق حافزًا رئيسيًا لقيم الذهب حيث ينظر المستثمرون إلى المعدن النفيس باعتباره "الملاذ الآمن النهائي"، والتحوط ضد انخفاض قيمة العملة والتضخم والمخاطر النظامية الأخرى.

في المستقبل، بالإضافة إلى سياسات البنك الاحتياطي الفيدرالي والتضخم والأحداث الجيوسياسية، سيبحث الخبراء عن إشارات من عوامل مثل العرض والطلب، من حيث العرض، فإن أكبر خمس دول منتجة للذهب في العالم هي الصين وأستراليا وروسيا وكندا والولايات المتحدة، والإجماع في سوق الذهب هو أن شركات التعدين الكبرى لم تنفق ما يكفي على استكشاف الذهب في السنوات الأخيرة، وانخفض إنتاج مناجم الذهب من حوالي 3200 إلى 3300 طن متري سنويًا بين عامي 2018 و 2020 إلى حوالي 3000 إلى 3100 طن متري سنويًا بين عامي 2021 و 2023.

من ناحية الطلب، تعد الصين والهند أكبر مشتري للذهب المادي، وهما في معركة دائمة على لقب أكبر مستهلك للذهب في العالم، ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن السنوات القليلة الماضية جلبت انتعاشًا كبيرًا في شراء البنوك المركزية للذهب والذي انخفض إلى أدنى مستوى قياسي في عام 2020 لكنه وصل إلى أعلى مستوى له في 55 عامًا عند 1136 طنًا متريًا في عام 2022.

أفاد مجلس الذهب العالمي أن مشتريات البنوك المركزية من الذهب في عام 2023 بلغت 1037 طنًا متريًا مسجلة بذلك العام الثاني على التوالي فوق 1000 طن متري، وفي عام 2024 تقول المنظمة إن مشتريات الذهب من البنوك المركزية وصلت إلى مستوى بلغ 1000 طنًا متريًا.

بقول العديد من خبراء السوق أن دورة خفض أسعار الفائدة من جانب البنك الاحتياطي الفيدرالي خلال هذا العام ستكون جيدة للذهب، لكن مشتريات البنوك المركزية كانت ولا تزال عاملًا رئيسيًا، فهذا الطلب المتزايد يزيل العرض من السوق، إنهم المشاركون النهائيون في الشراء والاحتفاظ وقد اشتروا كميات هائلة في السنوات القليلة الأخيرة.

بالإضافة إلى تحركات البنوك المركزية، يراقب المحللون أيضًا تصاعد التوترات في الشرق الأوسط والتوترات التجارية العالمية المتصاعدة وضعف الدولار الأمريكي وانخفاض عائدات السندات والمزيد من تخفيضات أسعار الفائدة كعوامل قد تدفع الذهب إلى الارتفاع مع سعي المستثمرين إلى تأمين محافظهم، ومع استمرار حالة عدم اليقين في الأسواق من المرجح أن يظل الذهب هو الخيار الأمثل للمستثمرين الذي يبحثون عن الأمان.

هل الوقت الحالي مناسب للاستثمار في الذهب؟

يعتبر الذهب من أهم الملاذات الآمنة التي يلجأ إليها المستثمرون في أوقات الأزمات والتقلبات الاقتصادية، ومع التغيرات المستمرة في الأسواق العالمية، يطرح العديد من المستثمرين سؤالًا مهمًا: هل الوقت الحالي مناسب للاستثمار في الذهب؟ للإجابة على هذا السؤال، يجب النظر إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية التي تؤثر على أسعار الذهب.

لقدشهدت أسعار الذهب ارتفاعات قياسية خلال الأشهر الماضية متجاوزة مستوى 2900 دولار للأونصة في بعض الفترات، ويرجع هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، من بينها تصاعد التوترات التجارية العالمية وانخفاض قيمة الدولار والتوترات الجيوسياسية العالمية وتجدد ارتفاع معدلات التضخم مع التهديدات التجارية، الأمر الذي عزز الطلب على الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا.

العوامل المؤثرة على أسعار الذهب

هناك عدة عوامل رئيسية تؤثر على أسعار الذهب وتحدد مدى جدوى الاستثمار فيه في الوقت الحالي:

1.التضخم وأسعار الفائدة
عندما ترتفع معدلات التضخم يلجأ المستثمرون إلى الذهب لحماية أصولهم من فقدان القيمة، ومع ذلك، فإن رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية قد يؤثر سلبًا على أسعار الذهب، حيث يصبح الاستثمار في الأصول المدرة للفوائد أكثر جاذبية.

2.التوترات الجيوسياسية
الأزمات السياسية والصراعات العالمية تدفع المستثمرين إلى الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا، وإذا استمرت التوترات العالمية في التصاعد، فمن المرجح أن يظل الطلب على الذهب مرتفعًا.

3.قوة الدولار الأمريكي
عادةً ما يكون هناك علاقة عكسية بين الذهب والدولار، فعندما يضعف الدولار ترتفع أسعار الذهب والعكس صحيح، لذلك فإن أي تغييرات في سياسات الاحتياطي الفيدرالي قد تؤثر بشكل مباشر على اتجاه أسعار الذهب.

4.الطلب من البنوك المركزية
العديد من البنوك المركزية حول العالم، خصوصًا في الصين وروسيا، تقوم بزيادة احتياطياتها من الذهب كجزء من استراتيجيات التحوط، هذا الطلب المتزايد يدعم الأسعار على المدى الطويل.

هل الوقت مناسب الآن؟

يعتبر الاستثمار في الذهب خيارًا جيدًا في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي، ولكنه يعتمد على الهدف الاستثماري للمستثمر:

- للمستثمرين على المدى الطويل: الذهب يظل وسيلة جيدة للتحوط ضد التضخم وتقلبات الأسواق، خاصة إذا استمرت العوامل الداعمة لارتفاعه.

- للمضاربين على المدى القصير: قد تكون هناك تقلبات كبيرة في الأسعار، مما يجعل التداول في الذهب محفوفًا بالمخاطر.

أفضل طرق الاستثمار في الذهب

إذا قررت الاستثمار في الذهب، فهناك عدة طرق يمكنك الاختيار من بينها:

1.شراء السبائك والعملات الذهبية: وهي وسيلة تقليدية وملموسة للاستثمار في الذهب.

2.صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) :توفر امكانية الاستثمار في الذهب دون الحاجة إلى تخزينه فعليًا.

3.الأسهم في شركات تعدين الذهب: يمكن أن توفر عوائد مرتفعة ولكنها تحمل مخاطر إضافية مرتبطة بأداء الشركات.

4.العقود الآجلة وعقود الخيارات: مناسبة للمستثمرين ذوي الخبرة العالية في المضاربة.

هل يجب أن تحذر من التلاعب بأسعار الذهب؟

كملاحظة أخيرة حول سعر الذهب وشراء سبائك الذهب، من المهم للمستثمرين أن يدركوا أن التلاعب بأسعار الذهب موضوع هام في هذه الصناعة.

ففي عام 2011، عندما بلغ الذهب أعلى مستوياته القياسية آنذاك انخفض بسرعة في غضون سنوات قليلة، أدى هذا الانخفاض بعد ثلاث سنوات من المكاسب المذهلة إلى دفع العديد من العاملين في قطاع الذهب إلى الصراخ والإشارة إلى التلاعب، في أوائل عام 2015 أشارت عشر بنوك في تحقيق أمريكي عن وجود تلاعب بأسعار المعادن الثمينة، وقد أظهرت الأدلة التي قدمها دويتشه بنك دليلًا دامغًا على تورط مجموعة UBS (NYSE:UBS) وHSBC Holdings (NYSE:HSBC) وبنك نوفا سكوشا (NYSE:BNS) وشركات أخرى في التلاعب بأسعار الذهب والفضة في السوق من عام 2007 إلى عام 2013.

بعد فترة وجيزة، تم استبدال تثبيت الذهب في لندن بسعر الذهب في LBMA في محاولة لزيادة شفافية أسعار الذهب، لا تزال العملية التي تتم مرتين في اليوم والتي تديرها إدارة ICE Benchmark، تنطوي على مجموعة متنوعة من البنوك التي تتعاون لتحديد سعر الذهب، لكن النظام أصبح الآن إلكترونيًا.

ومع ذلك، لم يتم القضاء على التلاعب بأي حال من الأحوال والتي ظهرت في غرامة عام 2020 على بنك JPMorgan، وفي العام التالي، تم إصدار سجلات الدردشة في محاكمة انتحال هوية اثنين من تجار المعادن الثمينة السابقين من وحدة Merrill Lynch التابعة لبنك أوف أميركا وأظهرت صورًا متداولًا يتفاخر بمدى سهولة التلاعب بسعر الذهب.

لقد تحدث المشاركون في سوق الذهب باستمرار عن التلاعب، في منتصف عام 2020 قال "كريس ماركوس" مؤسس Arcadia Economics ومؤلف كتاب "The Big Silver Short"، أنه عندما انخفض الذهب إلى ما دون مستوى 2000 دولار بعد أن اقترب من 2070 دولار، فقد رأى أوجه تشابه مع ما حدث مع سعر الذهب في عام 2011.

692.png
أسعار الذهب 

في الختام:

يعتبر الذهب حاليًا من أبرز الأصول التي تجذب انتباه المستثمرين حول العالم، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل مثل التوترات التجارية والجيوسياسية وتجدد ارتفاع التضخم والضعف في الدولار الأمريكي، في حين أن الوقت الحالي قد لا يكون الأنسب للاستثمار للمستثمرين الذين يفضلون الاستثمار في الأوقات منخفضة المخاطر أو الذين يبحثون عن عوائد سريعة، فإن الذهب لا يزال يمثل خيارًا جيدًا للمستثمرين الذين يبحثون عن استثمار طويل الأجل أو تحوط ضد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.

يعتمد قرار الاستثمار في الذهب على الأوضاع الاقتصادية العالمية وأهدافك الاستثمارية، إذا كنت تبحث عن استثمار طويل الأجل للحماية من التضخم والتقلبات، فقد يكون الذهب خيارًا مناسبًا، أما إذا كنت تسعى لتحقيق مكاسب سريعة، فمن الضروري مراقبة تحركات السوق بعناية، في كل الأحوال، يُنصح بالتنويع في المحفظة الاستثمارية وعدم الاعتماد على الذهب فقط.

ومع استمرار التقلبات العالمية، يبقى الذهب خيارًا قويًا للاستثمار، لكن من المهم متابعة التطورات الاقتصادية والمالية بعناية لضمان اتخاذ القرار الأنسب في الوقت المناسب.

 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق