لماذا لم يؤثر ChatGPT في نمو بحث جوجل حتى الآن؟

البوابة العربية لأخبار التقنية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شهد العالم ثورة معلوماتية متسارعة منذ إطلاق شبكة الويب العالمية في عام 1993، وقد بلغت ذروتها مع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي في نهاية عام 2022، وبين هذين التاريخين، ظهرت تقنيات غيّرت وجه الحياة، لكن محرك بحث جوجل، الذي أُطلق عام 1998، ظل ثابتًا كعمود فقري للعالم الرقمي. تخيل للحظة يومًا دون جوجل، كيف ستجد إجابات لأسئلتك؟

ولكن مع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي برز روبوت (ChatGPT) من (OpenAI) كقوة تهدد هيمنة جوجل على سوق البحث، ومع ذلك كشفت تقارير جديدة أن هذا التهديد لم يُترجم بعد إلى تأثير ملموس على نمو عملاق البحث.

إذ أعلنت جوجل يوم الإثنين أنها تشهد الآن أكثر من 5 تريليونات عملية بحث سنويًا، وهو رقم مذهل يعكس استمرار قوتها في السوق، وقد استند محللو شركة (باركليز) إلى هذا الإعلان، بالإضافة إلى بيانات سابقة من الشركة، وأجروا بعض الحسابات التقريبية التي أظهرت أن استعلامات جوجل ربما ارتفعت بنسبة تزيد على 20% خلال العامين الماضيين، أي منذ إطلاق ChatGPT في أواخر عام 2022.

ويثير هذا النمو تساؤلات حول كون الذكاء الاصطناعي التوليدي يشكل فعلًا تهديدًا وجوديًا لأعمال جوجل أم أنه مجرد ضجيج مؤقت.

صعود (ChatGPT) وقلق المستثمرين:

منذ إطلاقه، شهد روبوت ChatGPT نموًا ملحوظًا في قاعدة مستخدميه، ففي نوفمبر 2023، بلغ عدد المستخدمين النشطين أسبوعيًا 100 مليون مستخدم، ليرتفع هذا الرقم إلى 400 مليون بحلول فبراير 2025.

وقد أثار هذا الارتفاع السريع مخاوف بعض مستثمري جوجل، الذين رأوا فيه منافسًا محتملًا قد يقوض هيمنة جوجل على البحث، لكن تحليل الأرقام يروي قصة مختلفة، فبناءً على تقديرات المحللون لعدد عمليات البحث السنوية لجوجل في أوائل عام 2023، التي بلغت 3.5 تريليونات عملية بحث، واستنادًا إلى إفصاح مايكروسوفت عن 10 مليارات عملية بحث يوميًا في ذلك الوقت، توصل المحللون إلى استنتاج مفاده أن OpenAI لم تؤثر سلبًا في أداء جوجل حتى الآن.

وتجدر الإشارة إلى أن جوجل كانت قد أعلنت أول مرة في 2016 أنها تتعامل مع (تريليونات) من عمليات البحث سنويًا، وهو ما يعني أنها حافظت على مكانتها كمحرك البحث المهيمن على مدى عقد تقريبًا.

وعلق محللو باركليز على التهديد المحتمل الذي يشكله ChatGPT، قائلين: “في حين أن هذا قد يحدث في المستقبل، يبدو أن العكس هو الصحيح خلال العامين الماضيين”. ويعني ذلك أن البيانات الحالية لا تدعم المخاوف بشأن تأثير سلبي فوري لـ ChatGPT على أعمال جوجل في مجال البحث.

ابتكارات جوجل في مجال الذكاء الاصطناعي:

لم تكتفِ جوجل بالدفاع عن موقعها، بل عمدت إلى تعزيز منتجاتها بأدوات بحث مدعومة بالذكاء الاصطناعي، منها: أداة (Google Lens)، التي تتيح للمستخدمين توجيه كاميرا هواتفهم نحو أي شيء ليجري مسحه ضوئيًا ويحصلون على معلومات ذات صلة فورًا، وقد قالت جوجل في يونيو 2023 إن أداتها (Lens) تُستخدم في البحث المرئي 12 مليار مرة شهريًا.

ومزية (Circle to Search)، التي تتيح للمستخدمين البحث بسرعة في الويب عن أي شيء يظهر في شاشة هواتفهم باستخدام رسم دائري بسيط حول هذا الشيء دون الحاجة إلى مغادرة التطبيق المستخدم، أو كتابة ما يبحثون عنه.

و لكن يتمثل الابتكار الأبرز في مزية (AI Overviews)، التي تقدم إجابات مباشرة للاستفسارات في أعلى صفحة البحث، مما يمثل تحولًا كبيرًا عن صفحة نتائج البحث التقليدية المكونة من 10 روابط زرقاء.

ومع أن مزية (AI Overviews) قد واجهت تقلبات في انتشارها بسبب أخطاء مثل اقتراح وصفة (بيتزا بالغراء)، التي أثارت السخرية ودفع جوجل إلى تقليص استخدامها العام الماضي، لكن الشركة تبدو الآن أكثر ثقة بها.

وقد أشار جيم يو، الرئيس التنفيذي لشركة (BrightEdge) المتخصصة في تحسين محركات البحث، إلى أن المحتوى الذي ينشئه المستخدمون، مثل منشورات (Reddit)، بدأ يظهر بنحو أكبر في (AI Overviews) خلال الأسابيع الأخيرة، ويعكس ذلك  تحسنًا في قدرة جوجل على الاستفادة من مصادر متنوعة بثقة متجددة.

مستقبل البحث في ظل وكلاء الذكاء الاصطناعي:

يشير محللو باركليز إلى أننا على أعتاب تحول جذري في عالم الإنترنت، مدفوعًا بظهور وكلاء الذكاء الاصطناعي، ولا يقتصر هذا التحول على تغيير واجهات المستخدم أو تحسين نتائج البحث، بل يمتد ليشمل إعادة تعريف كيفية تفاعلنا مع المعلومات والخدمات الرقمية.

في الوقت الحالي، يغلب الطابع غير التجاري على استخدامات الذكاء الاصطناعي، كما يتضح من منصات مثل ChatGPT، إذ يركز المستخدمون في الاستفسارات العامة والتفاعل غير الهادف إلى الربح. ومع ذلك، فإن وكلاء الذكاء الاصطناعي يمتلكون القدرة على تغيير هذا الواقع جذريًا، إذ  يمكنهم تحويل التفاعلات الرقمية إلى عمليات تجارية سلسة، من خلال أتمتة المهام، وتقديم توصيات مخصصة، وإجراء معاملات مالية بشكل مستقل.

وتدرك جوجل تمامًا هذا التحول كشركة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتعمل على تطوير وكلائها الخاصين، وهؤلاء الوكلاء لا يهدفون فقط إلى تحسين تجربة البحث، بل إلى إنشاء منظومة متكاملة من الخدمات الذكية التي تتفاعل مع المستخدمين بنحو طبيعي وسلس، تخيل وكيلًا ذكيًا يقوم بحجز تذاكر السفر، وإدارة المواعيد، والتسوق عبر الإنترنت، كل ذلك بناءً على أوامر صوتية بسيطة أو طلبات نصية.

ومع انتشار هؤلاء الوكلاء على نطاق واسع، ستتغير طبيعة الإنترنت جذريًا، إذ ستتحول الشبكة من مجرد مستودع للمعلومات إلى منصة تفاعلية ذكية، وسيتولى الوكلاء مهمة تلبية احتياجات المستخدمين بنحو فعال ومباشر، مما سيؤدي إلى ظهور أنماط جديدة من التفاعل الرقمي، وتغيير جذري في نماذج الأعمال، وإعادة تشكيل المشهد الرقمي بأكمله.

معركة لم تحسم بعد:

في الوقت الحالي، تظل جوجل في صدارة عالم البحث، متجاوزة التحديات التي يطرحها ChatGPT، إذ تؤكد الأرقام نموها المستمر، في حين تعزز أدواتها المدعومة بالذكاء الاصطناعي من قدرتها على التكيف والابتكار.

لكن المستقبل قد يحمل مفاجآت، خاصة مع تطور وكلاء الذكاء الاصطناعي الذين قد يعيدون تعريف السوق، ومع ذلك يبدو واضحًا الآن هو أن جوجل ليست مجرد لاعب دفاعي، بل شركة تسعى لقيادة التغيير، مما يجعل هذه المواجهة مع (OpenAI) واحدة من أكثر المعارك التكنولوجية إثارة في عصرنا.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق