أكد سامويل ميمبو (Samuel Maimbo)، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الميزانية ومراجعة الأداء والتخطيط الإستراتيجي، أن المغرب، بالنظر إلى موقعه ومكانته، يعد “شريكا أساسيا في تنمية القارة الإفريقية”، التي اعتبرَ أنها ما زالت بحاجة إلى نموذج مشابه للمغرب في نوعية قيادة وريادة البلدان وصناعة التنمية.
وأضاف ميمبو، في حوار خص به جريدة هسبريس الإلكترونية على هامش حلوله بالمغرب للقاء مسؤولين مغاربة، مُشيدا بـ”الاستثمارات المغربية الهائلة في مجالات البنيات التحتية في أفق “الكان” والمونديال، والاهتمام المتزايد بالطاقة المستدامة، وتوسع القيمة المضافة للاقتصاد من الفلاحة إلى الصناعة والتجارة”.
كما شدد المرشح نفسه لمنصب رئيس البنك الإفريقي للتنمية، خلال الحوار ذاته، على أهمية “التكامل التجاري بين دول إفريقيا” لمواجهة ضُعف التجارة البيْنية القارية، شارحا وجهة نظره في كيفية استدامة عائدات البنيات التحتية الجاري تشييدها وتطويرها بالمغرب.
وختم المسؤول المالي الإفريقي حديثه للجريدة بإشادة قوية بالمبادرة الملكية الأطلسية الموجهة إلى دول الساحل، مبديا إعجابه الشديد بها، لافتا إلى أنها تتيح إمكانيات هائلة لتحقيق أهداف الربط والتكامل الإقليمي خدمة للأشخاص والمنتجات.
نص الحوار كاملا:
بداية، حدثنا عن دواعي وسياقات زيارتك الحالية إلى المغرب؟
أنا سعيد حقا لوجودي في المغرب. هذه هي المرة الخامسة التي آتي فيها. وفي كل مرة أجدُني أمام تطور مذهل. والآن أنا هنا، بحكم أنني، في الواقع، في المغرب للقيام بحملة انتخابية لأكون رئيسا لمجموعة البنك الإفريقي للتنمية.
سبب وجودي هنا في المغرب هو لأجل ثلاثة أمور: الإعجاب بالعمل الذي قُمتم به في تنويع الاقتصاد من الزراعة إلى التوسع نحو الصناعة/ التصنيع والتجارة. هذه أمور مهمة حقا. وبسبب الطريقة التي تنوع بها الاقتصاد، فعلى الرغم من الجفاف الحاد الذي حدث سنوات 2022 و2023 وأدى إلى انخفاض صادرات الحبوب، فإن الحالة العامة للاقتصاد كانت مرنة. وهذا أمر جيد.
عندما أصل إلى البنك الإفريقي للتنمية، أريد أن أركز على تحسين التجارة بين المغرب وبقية بلدان القارة؛ لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لتنمية هذا الاقتصاد. ولكن أكثر من ذلك أنا معجب أيضا بالاستثمار الذي يقوم به المغرب في قطاعات الرياضة والصناعة الإبداعية؛ هذه الأخيرة التي تعد جد واعدة بين شباب اليوم.
جئت إلى المغرب عام 2022، حيث استضافت المملكة تجمع إفريقيا للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. في ذلك الوقت، كنا نتحدث عن إدارة الديون وكيف يمكنك استخدام ذلك لتنمية الاقتصادات المحلية. كما تجدد مجيئي خلال الاجتماعات السنوية (أكتوبر 2023) التي كان المغرب يستضيفها من أجل مستقبل القارة، على خلفية الحرب في أوكرانيا، وإثر الزلزال هنا… كان وقتا غنيا بنقاشات مهمة. وكانت أيضا المرة الأولى التي يعقد فيها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اجتماعاتهما السنوية هنا في المغرب بعد 50 عاما.
بوصفكم مسؤولا ماليا في مؤسسات تنموية دولية متعددة الأطراف، كيف تقيمون تطور الاقتصاد المغربي؟
الحقيقةُ أن المغرب يستثمر من أجل كأس العالم وكأس إفريقيا وكأس العالم لأقل من 17 سنة، وبنية تحتية هائلة قادمة إلى هنا؛ وهذا أمر مهم للغاية. يُعتبر المغرب، بالنظر إلى موقعه ومكانته البارزة في المنطقة، شريكا مهما في التنمية.
بالإضافة إلى الإعجاب، أنا هنا أيضا لأعترف بأن المغرب لا تزال لديه طموحات كبيرة، أولا، لمعالجة مسألة الشباب والتوظيف، لخلق أكبر عدد ممكن من فرص العمل للشباب، وتوسيع استثماراته في مجال الطاقة؛ فمثلا عندما تنظر إلى مشاريع “نور1 و2 و3″، فهذا أمر بالغ الأهمية للتأكيد والاعتراف بأن المغرب لا تزال لديه طموحات كبيرة من حيث القيمة المضافة.
بنك التنمية الإفريقي حاضر في المملكة منذ السبعينيات؛ وقد استثمر في أكثر من 180 مشروعا. ولديه محفظة بقيمة 12 مليار دولار. وبصفتي رئيسا للبنك الإفريقي للتنمية، أريد أن أواصل دعم ذلك، والتأكد من أننا نواصل تنمية المحفظة الاستثمارية والتمويلية. كما أنني هنا من أجل طلب دعم المغرب لترشيحي. أطلب هذا الدعم من خلال إثبات أنني هنا لأكون شريكا قويا للمغرب لسنوات مقبلة. وآمُل أن تتجدد زياراتي إلى المملكة حيث يتضاعف اهتمامي بها كل مرة.
مستندة على تاريخ عريق من الشراكة في مجالات تنموية عديدة، ما آفاق التعاون بين مجموعة البنك الدولي والمغرب؟
إن منصبي الحالي في البنك الدولي، بصفتي نائب الرئيس المسؤول عن مراجعة أداء الميزانية والتخطيط الاستراتيجي، يعني أنني أعمل مع جميع نواب الرئيس في المنطقة للتأكد من قدرتهم على دعم البرامج في كل منطقة من المناطق والبلدان التي هم مسؤولون عنها. ولذلك، سعدت كثيرا برؤية عثمان ديون، الذي يشغل منصب نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يأتي ويزور المغرب مؤخرا. وأتوقع أن المناقشات كانت بناءة ومثمرة جدا؛ لأن البنك الدولي والمغرب تربطهما علاقة قوية جدا.
ورغم أني حاليا في إجازة من البنك الدولي للتركيز على بنك التنمية الإفريقي، فإنني أتوقع تماما أن تلك المناقشات تركز على ثلاثة مجالات رئيسية: الأول التأكد من أن البنك الدولي يدعم المغرب فيما يتعلق بتنمية واستقرار الاقتصاد الكلي. وأتوقع أن تكون مناقشات حول القطاعات المختلفة التي كان من الممكن أن يتم فيها تنفيذ مشاريع محددة.
كما هو الحال مع معظم المؤسسات، أتوقع أن يكون هناك جدول أعمال معرفي للتأكد من أن هناك تعلما يجري في المنطقة. وهذا أمر أعتزم القيام به في بنك التنمية الإفريقي؛ فالتنمية لا تتعلق بالمال فقط، بل تتعلق بالأشخاص، وتتعلق بالمعرفة، وتتعلق ببناء القدرات.
إننا عندما نستثمر في قطاعات الاقتصاد المختلفة، فإننا نقوم بذلك بطريقة توفر التنمية والدعم الذي تحتاجه الحكومات للتأكد من أنها تتطور بطريقة تدعم بلدانها. من النقاط الجيدة بالمغرب هو أنه مع قيادة الملك، وبقيادة حكومته، كان هناك مسار واضح ومستمر للغاية نحو توسيع الاقتصاد في البنية التحتية والتجارة والخدمات. وهذا ما تحتاجه القارة. والمهم الآن، ودور مؤسسات التنمية، سواء كان البنك الدولي أو بنك التنمية الإفريقي، هو تقديم الدعم حتى تتمكن من توسيع نطاق الاستثمارات؛ فعندما تريد الحد من الفقر، وعندما تريد خلق فرص عمل للشباب، وعندما تريد الحد من عدم المساواة، عليك أن تنمي الاقتصاد بمعدلات أعلى بكثير، وعليك أن تحافظ على هذا النمو على مدى خمس سنوات من أجل التأكد من استدامة هذا الإصلاح.
هذا ما يمكن أن تَفعلَه بنوك التنمية؛ يمكنها توفير ذلك التمويل الميسر، ويمكنها توفير الاستثمار المحفز الذي يجلب استثمارات القطاع الخاص. وهذا ما أتوقع أن تكون الزيارة الأخيرة قد فعلتْه.
متحمس جدا لوجودي بالمملكة، وقد أُتيحت لي الفرصة للقاء وزير الشؤون الخارجية، ووزيرة المالية، ووالي البنك المركزي. إنها فرصة بالنسبة لي للاعتراف بالتقدم الذي تم إحرازه؛ ولكن أيضا للتعلم وإيجاد السبل التي يمكننا من خلالها التأكد من أننا نستثمر بطرق تفيد القارة في المستقبل.
سأعطيك مثالا على ذلك. عندما يتعلق الأمر بالديون، هناك العديد من البلدان الإفريقية التي تعاني من الديون. لقد تمكن المغرب من إدارة ديونه؛ ولكنك تدير ديونك بالتركيز على الإيرادات. هذه أفضل طريقة لإدارة ديونك. أنا وأنت نعرف أصدقاءنا الذين يعانون من شهر إلى آخر، على الرغم من أنهم يكسبون أموالا أكثر منا. إن الأمر يتعلق بإدارة الديون، وقد قام المغرب بعمل جيد حقا في إدارة بيئته الاقتصادية الكلية (الماكرواقتصادية)، وهذا ما يُفترض أن تكون هذه المناقشات من أجله. من المهم دائما، وشخصيا، خلال أكثر من 30 عاما من العمل في مجال التنمية، فإن الشيء الوحيد الذي يُحدث فرقا كبيرا بين البلد الذي ينجح والبلد الذي يفشل هو نوعية القيادة التي لديك في القارة.
برامج البنك الدولي هي نفسُها، سواء كان ذلك في المغرب أو في زامبيا أو في زيمبابوي. الفرق هو نوعية القيادة. ولهذا السبب ستجد الكثير من الناس يستمرون في العودة إلى المغرب بسبب هذا الاستقرار، وبسبب هذه القيادة. ولهذا السبب كان المجيء إلى المغرب مهمًّا بالنسبة لي في هذه الزيارة.
عندما يتعلق الأمر بالقيادة، فنحن مختلفون بالطبع. أحد الأشياء التي أحتفي بها طوال الوقت هو التنوع في القارة. فنحن شعوب مختلفة. ولكن لتنمية الاقتصاد، هناك أمران مهمَّان حقا للنمو على المدى الطويل: أولا، هل لديك رؤية لمدة 10 سنوات أو 5 سنوات أو 15 سنة؟ أن تكون قادرا على استضافة البنك الدولي يتطلب منك اتخاذ قرارات الآن لعام 2030. هذه هي الرؤية. هذا هو المدى البعيد.
الأمر الثاني الذي يحتاجه القطاع الخاص هو اتساق السياسات. وإذا كنت مستثمرا من القطاع الخاص وتريد الاستثمار في صناعة ما، فعليك أن تعرف اليوم ما ستكون عليه السياسة الضريبية هذا العام والعام المقبل. هذه هي المكونات التي أبحث عنها. في كثير من الأحيان يجعل الناس التنمية تبدو معقدة للغاية؛ وهي ليست كذلك. إنها أشياء أساسية أكثر. إلى متى تريد أن تستثمر؟ ما مدى اتساق سياساتك؟ ما هي القطاعات التي تستثمر فيها؟ أحيانا تكون القطاعات التقليدية مثل الزراعة، وأحيانا تكون القطاعات الجديدة مثل صناعة السينما.
ماذا عن إمكانيات تمويل مشاريع كأس العالم واستدامة العائدات التنموية منها؟
متحمسٌ للغاية لحقيقة أننا نجلس هنا بالرباط قريبا من مشاريع البنية التحتية التي يتم بناؤها لعام 2030. وأعتقد أنها تظاهرة ستكون مذهلة. لكن عندما تستثمر الكثير من الأموال في البنية التحتية، وأنا أعلم أن المغرب خَصّص حوالي 5 مليارات دولار لكأس العالم وللأحداث الرياضية الأخرى مع تخصيص حوالي 100 مليون دولار فقط للبنية التحتية، فهذا استثمار كبير.
هناك العديد من المدن في جميع أنحاء العالم التي أخطأت في بناء الملاعب خارج المدينة بعد انتهاء الحدث، ولم يستخدم أحدٌ تلك الملاعب، وحققوا خسائر. أحد الأشياء التي تعجبني فيما أراه هنا في الرباط والمدن حول المغرب هو أن البنية التحتية يتم بناؤها داخل المدينة، حيث إنه حتى بعد انتهاء كأس العالم سيتم استخدام هذه البنية التحتية في فعاليات أخرى. إنها ليست كرة القدم فقط. إنها بنية تحتية يمكن استخدامها لرياضات أخرى وجميع الرياضات المختلفة الأخرى. عندما يتعلق الأمر بالاستثمار في البنية التحتية الرياضية، عليك أن تنظر إليها كما لو كانت استثمارا تجاريا، بالطريقة نفسها التي تستثمر بها في شركة تصنيع.
علينا التساؤل عما هي مصادر الإيرادات التي سأحصل عليها من هذه البنية التحتية؟ إنها صناعة بأكملها، وعليك أن تتأكد من أنك تدعم كل ذلك في الوقت نفسه. والشيء الثاني الذي يجب أن تفكر فيه هو: ما هي الآفاق المستقبلية على المدى الطويل؟ في الرياضة، الغالبية العظمى من الأشخاص الذين يمارسون الرياضة اليوم هم من الشباب. المغرب فيه هيمنة شبابية واضحة. كما أن القارة الإفريقية أيضا سكانها من الشباب. هذه منشآت ستستخدم لسنوات عديدة مقبلة.
ثالثا، بماذا ترتبط هذه البنية التحتية؟ عندما تتحدث عن شبكة الطرق، فإن الأمر يتعلق بمشاريع التنقل الحضري وشبكة السكك الحديدية. يتعلق الأمر بنقل الناس من منازلهم إلى أماكن عملهم. ولأن هذه البنية التحتية موجودة هنا في المدينة، فإن هذه الطرقات لن تُستخدم فقط من أجل الملعب في يوم واحد، بل ستُستخدم لبقية الاقتصاد. بالطبع، هناك مخاطر مرتبطة بها. بعض المخاطر عندما يتعلق الأمر بالأحداث الرياضية، هو كيفية أن تدعم الحكومة استيراد أو تطوير البنية التحتية لاستخدامها في هذه المرافق بأسعارها الضريبية المناسبة.
تبعا لما ذكرت.. كيف ترى مستقبل الاستثمار في الرياضة بالمغرب؟
أنا متحمس للغاية بشأن آفاق الاستثمار في الرياضة، كما أنهم يفكرون في ذلك كعمل تجاري، كخيار مُدر للدخل، كمصدر للدخل. أحد الأشياء التي أجدها مثيرة للاهتمام أيضا هو أنه عندما يتعلق الأمر بالرياضة، فإن الأمر لا يقتصر على الملعب المادي فقط. في الوقت الحالي، هناك توسع سريع في الرياضات الإلكترونية والمسابقات عبر الأنترنيت. المغرب لديه شباب هناك جمعية للرياضات الإلكترونية. إنهم يدرون إيرادات لهذا البلد دون بناء ملعب واحد. وهذا ما يثيرني بشأن هذه الآفاق. الرياضة بشكل عام هي سفير عظيم لبناء وتعزيز العلاقات بين الدول، وبين المناطق، وبين القارات(…)
عندما يتعلق الأمر بتمويل كأس العالم، عليك أن تتذكر أن هناك أنواعا مختلفة من التمويل. الجزء الأكثر تكلفة هو البنية التحتية، وتوسيع المطارات، والطرق، والاستثمار في السكك الحديدية، والملاعب. هذا اقتراح مكلف.
عندما نتحدث عن استثمار 5 مليارات دولار في كأس العالم وكل هذه الأحداث الرياضية. أحد الأشياء التي يقوم بها البنك الدولي بشكل جيد، والتي أريد من بنك التنمية الإفريقي أن يدفع بها بقوة هو كيفية إشراك القطاع الخاص لأنه لا يمكنك وضع كل شيء في الميزانية العمومية للحكومة. يمكنك أن تحصل على شراكات بين القطاعين العام والخاص، وأن تقوم بهذه الاستثمارات التجارية بحيث يكون القطاع الخاص هو الذي يقوم بأكبر قدر من البنية التحتية.
إن أهمية القيام بذلك تكمن في التفكير في هيكلية التمويل قبل أن تحفر حفرة واحدة في الأرض، يجب أن تفكر في اليوم التالي. ماذا سيحدث بعد المباراة الأخيرة وكلنا نشعر بالهتاف لأن المغرب فاز بكأس العالم. إن الأمر يتعلق بالتأكد من أننا استثمرنا ما يكفي من العقارات التجارية حول الأنشطة حتى يكون لدينا أعمال تجارية تدعَـم ذلك حتى بعد المباراة.
ما نوعية المحادثات والمباحثات التي أجريتَها مع المسؤولين المغاربة؟ وحول ماذا تمحورت؟
من المهم بالنسبة لي ليس فقط أن آتي إلى هنا لمشاركة رؤيتي للمؤسسة، ولكن أيضا للاستماع إلى ما يفعله صانعو السياسات والمسؤولون الحكوميون وتبادل الأفكار حول كيفية دعمنا لهم، وكذلك كيف يمكن لبنك التنمية الإفريقي أن يكون داعما لأفكارهم.
إحدى المحادثات التي أجريتها هنا، والتي أقدرها حقا، كانت المحادثة مع البنك المركزي. فكما نعلم جميعا، لقد قاموا بقدر كبير من الإصلاحات لرقمنة النظام المالي، والاستثمار في نظام الدفع، والاستثمار في الشمول المالي. والنتائج واضحة عندما ترى أداء المغرب على المؤشر الذي يصنف البلدان من حيث أدائها.
والآن، يستغرق هذا النوع من العمل وقتا طويلا؛ لأن عليك أن تبني البنية التحتية، وعليك أن تبني وثقة النظام البنكي في أن بإمكانهم تجربة هذه المنتجات دون مخاطر على ميزانياتهم العمومية. كما عليك التأكد من أن هذه هي الخدمات التي تستخدمها الصناعة بالفعل من حيث قطاع التجزئة والنظام المالي والمصنعين والخدمات.
لا يتعلق الأمر ببناء الأنظمة فحسب؛ بل يتعلق بالاستخدام أيضا. لقد ناقشنا أيضا أحد الأشياء التي كنت مهتما بها حقا، هو كيف يمكننا استخدام الأنظمة المالية للربط بين البلدان، عبر المنطقة بأكملها. فكما نعلم جميعا، لا تتاجر البلدان الإفريقية إلا بحوالي 15 في المائة مما تُنتجه مع بعضها البعض، ويتم تصدير معظمه.
في العديد من بلدان القارة، نستورد الكثير من المواد الغذائية التي نستهلكها. وفي كل مرة نفعل ذلك، فإننا حرفيا نأخذ رأس المال المحدود جدا الذي نملكه ونصدره إلى مناطق أخرى. ما أريد أن أراه هو أن البلدان الإفريقية تشتري الأغذية من بعضها البعض، وتشتري الخدمات من بعضها البعض؛ لأنك في كل مرة تفعل ذلك، فأنت حرفيا تأخذ رأس المال القليل الذي تملكه وتستثمره في أعمال جيرانك حتى يتمكنوا من فعل الشيء نفسه. هكذا تنمو إفريقيا. والآن، لكي تنجح في ذلك، يجب أن يكون هذا الأمر تحت قيادتك. لا يمكنك تسهيل ذلك إلا إذا كان لديك نظام دفع جيد.
الإمكانات هائلة؛ لكن تحقيق هذه الإمكانية يتطلب الكثير من العمل الشاق؛ وسيتطلب ذلك العمل مع دول مثل المغرب وإقامة علاقات مفيدة للطرفين.
هناك ثلاث طرق أريد التركيز عليها لتحقيق ذلك. أولا، التركيز على بنك التنمية الإفريقي كمؤسسة والتأكد من أنه في أفضل حالاته، وتحسين التنوع بحيث أرى المغاربة داخل بنك التنمية الإفريقي فالأمر يتعلق بالهياكل المالية التي لدينا.
ثانيا، المحفظة التي نملكها كبنك التنمية الإفريقي تزيد عن 12 مليار دولار. وهو ما يطرح كيف يمكننا الدخول في شراكة مع مؤسسات أخرى لزيادة ذلك أكثر؟
ثالثا، يتعلق الأمر بالتأكد من أننا نقوم بذلك بكفاءة وفعالية… وكذا دعم الحكومات في المشاريع والتحديات التي تتعامل معها، سواء كان ذلك في مجال المناخ أو في مجال الديون أو في مجال خلق فرص عمل للشباب. هذا هو المجال الذي لا يمكن لبنك التنمية متعدد الأطراف أن يأتي ويفترض أن لدينا جميع الإجابات. يجب علينا تسهيل تبادل المعرفة بين الحكومات. وهناك بعض الأمور التي قام بها المغرب بشكل صحيح.
كلمة أخيرة عن المغرب وإفريقيا..؟
أنا من أشد المُعجبين بالمبادرة الملكية لربط منطقة الساحل بالمحيط الأطلسي. فعندما أفكر في الربط، أفكر في التكامل الإقليمي. ويجب أن يشمل التكامل الإقليمي البنية التحتية، سواء كانت سكك حديدية أو خطوط أنابيب أو طرقا برية. ويجب أن يشمل المنتجات؛ لأن هذا ما سيتبادله الناس بطريقة أو بأخرى.
والأهم من ذلك هو أنه يجب أن يشمل الناس. ما يحرص عليه الناس ونحن نرى هذا التواصل يحدث هو أن نفعل ذلك بكرامة، وأن نفعل ذلك باحترام ثقافاتنا المختلفة، وأن نصبح أقوى.
لقد كان المغرب في هذا الموقع الاستراتيجي منذ آلاف السنين، ثقافات مختلفة، وكان المغرب بوتقة تنصهر فيها ثقافات مختلفة. وبالتالي، كلما سمعت عن أي مشروع ملكي حول التواصل والتكامل الإقليمي، هذه هي الأشياء الثلاثة التي أفكر فيها، البنية التحتية والمنتجات والأشخاص. وأعتقد أن الصيغة التي قرأتها في هذا المشروع هي الصيغة الصحيحة.
0 تعليق