هل ينهي تعديل المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية تلاعبات "مافيا العقار"؟

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

متابعة واسعة تلك التي صاحبت صدور نص المادة الرابعة المعدلة من القانون 39.08 بمثابة مدونة الحقوق العينية ضمن العدد الأخير من الجريدة الرسمية؛ بالنظر إلى اتصال هذا التعديل أساسا بالحقوق العقارية للمواطنين والتوجه نحو معالجة مختلف الجوانب التي تتعلق بمكافحة الترامي على ملك الغير الذي تنهج مافيا العقار بخصوصه طرقا مختلفة.

وتنص المادة الرابعة التي عرفت التعديل على أنه “يجب أن تحرر، تحت طائلة البطلان، جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو تعديلها أو إسقاطها؛ بما في ذلك الوعد بالبيع العقاري وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص قانون على خلاف ذلك”.

“اعترافٌ بوعد البيع”

تفاعلا مع الموضوع، قال محسن الصويب، أكاديمي أستاذ القانون العقاري، إن “التعديل الذي طرأ على المادة الرابعة من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية أعطى قيمة لعقود الوعد بالبيع واقترب من تصنيفها على أنها تصرفات مكتملة الأركان، بما يعني أنها مسألة وقت فقط قبل تحول هذه الوعود بالبيع إلى بيع نهائي”.

وأضاف الصويب، في تصريح لهسبريس، أن “الأمر، في نهاية المطاف، بإمكانه تسهيل العملية على المحافظ العقاري عند بيع عقار معين، حيث إن وعد البيع هذا الذي تم تحريره في إطار قانوني معين وتم إدراجه من قبل عدلٍ أو موثق يسهل عليه إدراجه ضمن الرسم العقاري إلى حين إتمام عملية البيع النهائية بعد كتابة العقد بشكل نهائي”.

ولفت المتحدث إلى أن “هذا الموضوع يثير في نهاية المطاف تساؤلات حول قدرة المحامي على تحرير هذا النوع من العقود، في وقت يتوفر العدول والموثقون على ملكة قانونية وتكوين يساعدانهم على إتمام هذه العملية”، لافتا إلى أن “المحررات الثابتة التاريخ مبدئيا تبقى بمثابة سيف ذي حدين بالنسبة للمحامين الذين أعطيناهم الصلاحية للقيام بهذه العملية دون تكوينهم”.

كما بيّن أن “الإضافة التي قام بها المشرع المغربي هنا هو إضافة عقد الوعد بالبيع إلى قائمة العقود التي تتطلب تحريرها في إطار محرر رسمي أو محرر ثابت في التاريخ، بما يمثل إذن ضمانة؛ وذلك بعدما كان المنعشون العقاريون، على سبيل المثال، سواء قبل صدور القانون رقم 44.00 أو بعده، يلجؤون إلى تمكين الأفراد من وصلٍ سارت المحاكم في توجه اعتباره يمكن فقط من الحصول على الثمن وليس العقار”.

ولم يغفل الأستاذ الجامعي نفسه الإشارة إلى أن “تقييد الوعد بالبيع بالرسم العقاري هو إجراء قانوني يهدف إلى حماية حقوق الأطراف المتعاقدة في عملية بيع العقار. يتم هذا التقييد في السجل العقاري لضمان أن العقار لن يتم بيعه أو التصرف فيه من قبل البائع إلى طرف ثالث خلال فترة الوعد بالبيع”.

وأوضح الصويب أن “التقييد الاحتياطي يعد أحد الوسائل القانونية التي تضمن حقوق المشتري المحتمل، حيث يمكن للمشتري تسجيل الوعد بالبيع في السجل العقاري كإجراء احتياطي لحماية حقه في العقار حتى يتم إتمام البيع بشكل نهائي”.

“تعديلٌ مثمن”

من جهته، قال عمر الداودي، محام بهيئة المحامين بالرباط، إن “التعديل الجديد، الذي عرفته المادة 4 من مدونة الحقوق العينية، نثمنه لكونه سوف يمكن من الحد من التلاعبات التي تكون وراءها مافيات العقار وشركات تنشط في تسويق السكن الاقتصادي، إذ تخلف تصرفات البعض منها في تعاملها مع الزبناء من ذوي الدخل المحدود مآسٍ مجتمعية وخيمة ولا يمكن التغاضي عنها”.

وأضاف الداودي، في تصريح لهسبريس، أن “التعديل الذي نتحدث عنه حاليا أتى متأخرا؛ لكن قدومه في نهاية المطاف أحسن من عدمه، حيث تبقى المادة الرابعة حاليا واضحة”.

وتابع المحامي سالف الذكر: “سبق أن نادينا، منذ صدور مدونة الحقوق العينية سنة 2011، بضرورة إيجاد حلول وتعديلات لهذا المشكل المرتبط بالعقود الابتدائية وكذا الوكالات التي يكون موضوعها التصرفات العقارية بعدما نبهنا إلى أن مافيا العقار تشتغل باستخدام هذه الوكالات في جرائمها ضد المواطنين، بما يؤكد ضرورة تقييد جميع التصرفات القانونية التي تهدف إلى إنشاء حقوق عقارية أو إسقاطها أو إنشائها أو تعديلها وتحريرها ضمن محرر ثابت التاريخ”.

كما ذكر المتحدث ذاته أن الإشكال القائم في الأساس هو أن “شركات عقارية تفرض على الناس الذين تتعامل معهم التعامل في إطار عقود أو وصولات الحجز؛ وهو ما يشكل عادة موضوع عدد من الدعاوى القضائية تنتهي بالأحكام القضائية المتناقضة والتي تدفع بعض الأطراف فيها بكون هذه العقود باطلة، لأنها يجب أن تُحرر من طرف مهني، سواء أكان موثقا أو عدلا أو محاميا مقبولا لدى محكمة النقض، في وقت توجد أحكام أخرى تستند إلى الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن العقد شريعة للمتعاقدين”.

وخلص الخبير القانوني إلى أنه “بصدور هذا التعديل سوف تكون المحاكم أمام وجوب تطبيق نص قانوني واضح يحمي الأطراف المتعاقدة ويحمي الملكية العقارية، على الأقل العقار المحفظ. أما المشاكل الحقيقية فهي في العقار غير المحفظ والتي عجز التشريع عن إيجاد حلول ناجعة له. وننتظر إرادة سياسية قوية لتصفية هذا الملف، خصوصاً في سوس التي تعرف الآن نقاشاً حاداً حول ما سمي بالمنتزه الذي ترفضه الساكنة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق