أخر تطورات المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في وقت مبكر من  أبريل الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استئناف المحادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي، في خطوة أعادت الملف إلى صدارة الاهتمام الدولي. 

وفقًا لتقرير نشرته “رويترز”، أشار ترامب إلى إمكانية إجراء حوار مباشر، بينما أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن المفاوضات ستكون غير مباشرة عبر وساطة عُمانية، مع بدء جولة أولية في 12 أبريل بمسقط. 

هذا التطور يأتي وسط توترات إقليمية مكثفة وضغوط دولية لمنع إيران من الاقتراب أكثر من امتلاك قدرات نووية عسكرية. 

ونستعرض أبرز التطورات في الملف النووي، مع التركيز على توقعات الخبراء حول مسار المفاوضات وتداعياتها، مدعومة بمصادر صحفية موثوقة.

السياق التاريخي للمفاوضات

يعود الجدل حول البرنامج النووي الإيراني إلى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن أنشطة تخصيب يورانيوم مثيرة للقلق. 

في عام 2015، توجت مفاوضات مكثفة بين إيران ومجموعة (5+1) – الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا، وألمانيا – بالتوقيع على الاتفاق النووي (الخطة الشاملة المشتركة)، الذي فرض قيودًا صارمة على البرنامج النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية. 

لكن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018 خلال ولاية ترامب الأولى أدى إلى تصعيد التوترات، حيث ردت إيران بتقليص التزاماتها وزيادة مستويات التخصيب. محاولات إدارة جو بايدن لإحياء الاتفاق عبر مفاوضات فيينا باءت بالفشل، مما جعل عودة المحادثات في 2025 نقطة تحول محتملة.

التطورات الحديثة في الملف النووي

عودة المحادثات عبر وساطة عُمانية: 

أكد تقرير "العين" بتاريخ 8 أبريل 2025 أن المحادثات ستُجرى في مسقط بمشاركة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. إيران أصرت على أن تكون المفاوضات غير مباشرة، مع التركيز على رفع العقوبات كشرط أساسي، وفقًا لتصريحات المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني لشبكة "الجزيرة" في 8 أبريل 2025.

تصعيد الخطاب الأمريكي: خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 7 أبريل 2025، أكد ترامب أن إيران لن تمتلك سلاحًا نوويًا، محذرًا من عواقب وخيمة إذا فشلت المحادثات.

هذا الخطاب، الذي نقلته "واشنطن بوست" في 8 أبريل 2025، يعكس استراتيجية تجمع بين الدبلوماسية والضغط العسكري.

تقدم إيران النووي: 

حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن إيران باتت تملك كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب بنسب مرتفعة، مما يثير مخاوف من اقترابها من إنتاج سلاح نووي. تقرير "نيوزويك" في 8 أبريل 2025 أشار إلى أن هذا التقدم يضع ضغطًا على الطرفين للتوصل إلى حل دبلوماسي.

موقف إيران التفاوضي: 

أكد عراقجي، في تصريحات نقلتها "الجزيرة" في 5 أبريل 2025، أن إيران لن تقبل التفاوض تحت التهديد، مشددًا على أن رفع العقوبات هو الهدف الأساسي. هذا الموقف يعكس نهجًا متشددًا قد يعقد المحادثات.

توقعات الخبراء حول المفاوضات

يبدي الخبراء تفاؤلًا حذرًا بشأن المفاوضات، مع إدراكهم للتحديات الكبيرة. بحسب تحليل نشرته "بي بي سي" في 9 أبريل 2025، يرى الخبير في الشؤون النووية كيلسي دافنبورت أن نجاح المفاوضات يعتمد على قدرة الطرفين على تجاوز انعدام الثقة المتبادل. 

وأضافت أن إيران قد تستغل المحادثات لتخفيف العقوبات دون تقديم تنازلات كبيرة، بينما تسعى الولايات المتحدة إلى فرض قيود طويلة الأمد على البرنامج النووي. دافنبورت توقعت أن أي اتفاق محتمل سيستغرق أشهرًا من المفاوضات المكثفة، مع احتمال التوصل إلى اتفاق مؤقت يركز على تجميد التخصيب مقابل تخفيف جزئي للعقوبات.

من جهته، أشار المحلل السياسي تريتا بارسي في مقال لـ"فورين أفيرز" بتاريخ 10 أبريل 2025 إلى أن ترامب قد يتبنى نهجًا أكثر مرونة مما يُظهر في خطابه العلني، مدفوعًا برغبته في تحقيق "انتصار دبلوماسي" يعزز صورته. 

لكنه حذر من أن الضغوط الداخلية في إيران، خاصة من التيار المتشدد، قد تعرقل أي تقدم. 

بارسي توقع أن إيران ستطالب بضمانات قانونية لمنع تكرار الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، وهو مطلب قد يكون صعبًا على واشنطن قبوله.

في السياق الإقليمي، يرى المحلل الإسرائيلي يوئيل جوزانسكي، في تصريحات لـ"هآرتس" بتاريخ 8 أبريل 2025، أن إسرائيل ستعارض أي اتفاق لا يتضمن تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية بالكامل. 

وتوقع أن تستمر إسرائيل في الضغط على الولايات المتحدة للحفاظ على موقف صلب، مما قد يؤثر على مرونة واشنطن في المفاوضات. 

ومع ذلك، أشار جوزانسكي إلى أن إسرائيل قد تقبل باتفاق قوي يتضمن تفتيشًا صارمًا وحدودًا طويلة الأمد على التخصيب.

في أوروبا، يرى الخبير الفرنسي برونو تيرتريه، في تحليل لـ"لو موند" بتاريخ 9 أبريل 2025، أن الدول الأوروبية ستدعم المفاوضات لأنها تمثل الخيار الوحيد لتجنب التصعيد العسكري. 

وتوقع أن تلعب أوروبا دورًا داعمًا من خلال تقديم حوافز اقتصادية لإيران، مثل استئناف الاستثمارات في قطاع الطاقة، إذا التزمت طهران بشروط صارمة.

التداعيات الإقليمية والدولية

توقع الخبراء أن نجاح المفاوضات قد يؤدي إلى تخفيف التوترات في الشرق الأوسط، خاصة بين إيران وخصومها الإقليميين مثل إسرائيل والسعودية. 

تقرير "الجزيرة" في 8 أبريل 2025 نقل عن مصادر دبلوماسية أن السعودية تتابع المحادثات بحذر، خشية أن يؤدي أي اتفاق إلى تعزيز نفوذ إيران في المنطقة. في المقابل، يرى المحلل الروسي فيتالي نعومكين، في تصريحات لـ"تاس" بتاريخ 9 أبريل 2025، أن روسيا ستدعم أي اتفاق يعزز الاستقرار، لأنه سيسمح لها بالتركيز على قضايا جيوسياسية أخرى.

على الصعيد الاقتصادي، توقع تقرير "بلومبرغ" في 10 أبريل 2025 أن رفع العقوبات عن إيران قد يؤدي إلى عودة النفط الإيراني إلى الأسواق، مما يخفض أسعار الطاقة العالمية. لكن التقرير حذر من أن فشل المفاوضات قد يؤدي إلى تصعيد عسكري يرفع أسعار النفط بشكل حاد، مما يؤثر على الاقتصاد العالمي.

التحديات أمام المفاوضات

يتفق الخبراء على أن المفاوضات تواجه عقبات كبيرة، أبرزها:

انعدام الثقة: إيران تطالب برفع العقوبات كشرط مسبق، بينما تصر الولايات المتحدة على تقليص البرنامج النووي أولًا. هذا التناقض قد يطيل أمد المفاوضات.

الضغوط الداخلية: في إيران، يعارض التيار المتشدد أي تنازلات، بينما يواجه ترامب ضغوطًا من الجمهوريين المتشددين لعدم التنازل عن شروط صارمة.

التدخلات الإقليمية: إسرائيل وحلفاؤها قد يسعون لعرقلة المفاوضات إذا شعروا أن الاتفاق لا يلبي مطالبهم الأمنية.

وتمثل المفاوضات الحالية بين الولايات المتحدة وإيران فرصة لتجنب التصعيد العسكري وتحقيق استقرار نسبي في الشرق الأوسط. 

ورغم التحديات، يرى الخبراء أن هناك نافذة للتوصل إلى اتفاق مؤقت يلبي الحد الأدنى من مصالح الطرفين. ومع ذلك، فإن نجاح هذه المحادثات يعتمد على المرونة المتبادلة والقدرة على تجاوز عقود من العداء. سواء أسفرت المفاوضات عن اختراق دبلوماسي أم واجهت طريقًا مسدودًا، فإنها ستظل محورًا للاهتمام الدولي في الأشهر المقبلة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق