هل ينخرط "دي ميستورا" في الرؤية الأمريكية بدعم الحكم الذاتي في الصحراء؟

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

توقع معهد الآفاق الجيوسياسية (IGH) عدم تقديم ستيفان دي ميستورا استقالته من منصبه كمبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، بسبب ما وصفه بـ”التحول المفاجئ في موقفه عقب لقاء حاسم مع مسؤولة أمريكية رفيعة”، لافتا إلى أن “اللقاء كشف عن تقارب غير مسبوق مع الرؤية التي تتبناها واشنطن لحل هذا النزاع الإقليمي، والمبنية على دعم مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل وحيد وواقعي”.

ووفق مصادر دبلوماسية أمريكية، فإن هذا التحول اللافت جاء بعد لقاء حاسم جمع دي ميستورا بليزا كينا، الدبلوماسية الأمريكية البارزة، التي أبلغته بشكل رسمي وواضح بموقف الولايات المتحدة الأمريكية من ملف الصحراء وقدمت له “خارطة طريق” تتبنى بوضوح خيار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل وحيد واقعي ومستدام لهذا النزاع الإقليمي، مشيرة إلى أن “اللقاء كان نقطة تحول دفعت المبعوث الأممي إلى مراجعة موقفه والانخراط في الرؤية الأمريكية التي تدعو إلى تسريع الحل على هذا الأساس”.

وأكد التقرير أن هذا الموقف جاء منسجما مع التصريحات الصادرة عن الإدارة الأمريكية في 5 أبريل الجاري، على لسان وزير الخارجية ماركو روبيو، عقب استقباله لنظيره المغربي ناصر بوريطة، والتي أكد فيها دعم واشنطن الصريح لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، مشددا على أن مبادرة الحكم الذاتي تمثل “الحل الجاد والواقعي والوحيد القابل للتطبيق”، موضحا أن “واشنطن تدعو إلى مفاوضات فورية تنطلق من المبادرة المغربية دون غيرها كأساس وحيد للحل”.

وبخصوص “خارطة الطريق الأمريكية” التي تسلمها دي ميستورا خلال اللقاء ذاته، أكد التقرير أنها تشمل أربعة محاور رئيسية: أولها التخلي النهائي عن أي طرح بديل لمقترح الحكم الذاتي؛ وثانيها تحويل بعثة المينورسو إلى آلية لمواكبة تنفيذ هذا المقترح ميدانيا؛ وثالثها وضع جدول زمني صارم للمفاوضات؛ ورابعها إسناد دور محوري إلى مجموعة أصدقاء الصحراء بمجلس الأمن مع تقليص تأثير الأطراف المعرقلة، في إشارة إلى الجزائر.

قرار دي ميستورا بالاستمرار في مهمته، حسب التقرير، جاء أيضا في ظل ضغوط أمريكية متزايدة؛ أبرزها التهديد بمراجعة تمويل بعثة المينورسو، إلى جانب مواقف صادرة عن شخصيات وازنة في إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، من بينها دعوة النائب الجمهوري جو ويلسون إلى تصنيف جبهة “البوليساريو” منظمة إرهابية، ومقال للخبير مايكل روبين نشره في صحيفة “واشنطن إكزامينر” ينتقد فيه أداء البعثة الأممية منذ 34 عاما دون نتائج تذكر.

وإذا ما تم تأكيد تجديد مهمة دي ميستورا خلال اجتماع مجلس الأمن المرتقب منتصف أبريل الجاري، فإن ذلك سيمثل ـ حسب تقرير معهد الآفاق الجيوسياسية (IGH) ـ مؤشرا واضحا على بداية تحوّل في موقف الأمم المتحدة وتخليها الضمني عن خيار الاستفتاء بما يتماشى مع الطرح المغربي الذي يحظى بدعم قوي من واشنطن وعدد من العواصم الدولية.

وفي هذا السياق، توقع التقرير أن تلقى هذه الخطوة ترحيبا رسميا من الرباط، التي ما فتئت تؤكد انخراطها في المسار الأممي على أساس مبادرة الحكم الذاتي؛ في حين يُرتقب أن تواجه الجزائر و”البوليساريو” هذه التطورات بمواقف رافضة، معتبرة إياها انحيازا إلى الأطروحة المغربية.

ورجحت الوثيقة سالفة الذكر أن يشهد الموقف الأوروبي تباينا بين دول تدعم الحل السياسي الواقعي، وبين أخرى تفضّل الحفاظ على مواقف أكثر تحفظا.

وفي ظل تزامن هذه التطورات مع الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، يرى معهد IGH أن سنة 2025 قد تشكل منعطفا حاسما في تاريخ هذا النزاع، وسط مؤشرات متزايدة على تقارب دولي واسع حول الحل السياسي القائم على السيادة المغربية مع ضمانات موسعة للحكم الذاتي؛ وهو ما يشكّل ـ وفق التقرير ـ “قاعدة جديدة للمفاوضات الدولية، ويقرب ملف الصحراء من مخرجه النهائي”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق