في ظل الأجواء التي يعرفها فصل الخريف هذا العام، واقتراب فصل الشتاء الذي يتميز برياح قوية وهيجان الموج في المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، تعرف حركية المهاجرين والشبكات التي تعمل على نقلهم إلى الضفة الأخرى عبر شمال البلاد تراجعا كبيرا بسبب سوء الأحوال الجوية.
وبات هذا الأمر طبيعيا ومعتادا لدى الحالمين بالهجرة الذين يحجمون عن المغامرة وركوب الموج خلال هذه الفترة من السنة، مفضلين فصلي الربيع والصيف، حيث تكون الأجواء هادئة في المتوسط نوعا ما؛ الأمر الذي يسهل عملية العبور، ويقلل من حجم خطر المغامرة.
في تعليقه على الموضوع، سجل عبد الكريم بلكندوز، الباحث المختص في قضايا الهجرة وشؤونها، أن الشبكات التي تنظم الاتجار في البشر والمنخرطين فيها يعرفون الطرق التي يسلكونها إذا كانت المراقبة مشددة أو ساءت الأحوال الجوية في هذه الفترة من السنة.
وسجل بلكندوز، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن استمرار قضايا الهجرة والحوادث التي تقع بشكل مستمر “ليست واضحة ولم تنجز فيها أبحاث ودراسات علمية تجري تحت إشراف مرصد وطني حقيقي للهجرة”، مؤكدا أن غياب هذا النوع من الدراسات والأبحاث يؤثر حتى على صاحب القرار الذي يستدعي أن يبني مواقفه وقراراته على أمور ومعطيات “مضبوطة”.
وأشار الباحث المختص في قضايا الهجرة وشؤونها إلى أن “دول الضفة الأخرى يتفوقون علينا، لأنهم يمتلكون “المعلومة الدقيقة؛ فيما نحن المعطيات والمعلومات تغيب حتى عن المسؤولين بذاتهم”، لافتا إلى أن “من الصعب الحديث عن معلومات مضبوطة يمكن البناء عليها لتحديد دور الأحوال الجوية وإسهاماته في تراجع أو ارتفاع الهجرة الجماعية”.
وانتقد الأكاديمي ذاته غياب “نقاش حقيقي بين المسؤولين الحكوميين عن الهجرة والقضايا المرتبطة بها، وبين الباحثين في المجال ووسائل الإعلام”، معتبرا أن هذا المنطق يفوّت على المغرب “الكثير من الفرص لفهم الظاهرة والتعامل معها والدفاع عن مصالح البلاد بهذا الخصوص”.
من جهته، قال محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، إن علاقة الهجرة غير النظامية بالأحوال الجوية هي علاقة تأثير وتأثر، حيث تلعب الأحوال الجوية السيئة، خاصة بين شهري أكتوبر وفبراير من كل عام، دورا في “إبطاء وتيرة الهجرة غير النظامية من السواحل المتوسطية والأطلسية للمغرب”.
وأضاف بنعيسى، في تصريح لهسبريس، أنه رغم ذلك، تواصل شبكات الاتجار بالبشر نشاطها غير المشروع بشكل مكثف، إذ تركز على الأرباح الطائلة التي تحققها غير آبهة بأرواح المهاجرين، مؤكدا أن قرار المهاجر غير النظامي يبقى “محدودا، إلى حد ما، بوعيه بالمخاطر الناتجة عن هذه المغامرة غير محسوبة العواقب”.
وأشار الحقوقي ذاته إلى أن تصورا آخر يرى بأنه “لا توجد علاقة قوية بين الهجرة غير النظامية والأحوال الجوية، ويرتبط أساسا بمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين”، مبرزا أنه على هذا المستوى يتوقف قرار الهجرة غير النظامية إلى هاتين المدينتين بـ”درجة أكبر على الإجراءات الأمنية الحدودية”.
وزاد بنعيسى مبينا أن أية فجوة في الحراسة تُعد “فرصة ذهبية للهجرة، بغض النظر عن الظروف الجوية”، لافتا إلى أن هذا يظهر بشكل جلي مع ظاهرة الهجرة عبر “السباحة التي شهدتها مدينة الفنيدق في السنوات الأخيرة”، وفق تعبيره.
0 تعليق