الدعم الفرنسي لمغربية الصحراء يمهد لفتح الأبواب أمام دول أوروبية إضافية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ماذا بعد الاعتراف الفرنسي الصريح بمغربية الصحراء؟ وكيف يمكن للمغرب استثمار هذا الحدث الكبير من أجل تعزيز موقفه ومراكمة نجاحات دبلوماسية أخرى على درب إنهاء النزاع المفتعل وطيه بشكل نهائي؟ عينة لأسئلة باتت تطرح نفسها بقوة وتجعل الأضواء مسلطة على عواصم أوروبية أخرى لا شك أن الموقف الفرنسي الجديد سيمثل مصدر إحراج كبير لها مع الرباط.

وبعد الأزمة التي عمرت طويلا بين الرباط وباريس، أنهت الزيارة التي قادت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب هذا الأسبوع الخلاف غير المعتاد بين البلدين، ودشنت بداية صفحة جديدة من العلاقات وفق قواعد متينة وجديدة، طبقا لما حدده الملك محمد السادس في خطاباته بخصوص ملف الصحراء المغربية الذي يمثل النظارة التي يرى بها المغرب علاقاته الدولية.

في قراءته للموضوع، اعتبر مصطفى الخلفي، خبير في ملف الصحراء وزير سابق، أن الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء يمثل “تحولا استراتيجياً كبيراً، وأهميته تتجاوز اعتراف الولايات المتحدة، سواء من حيث إطاره أو توقيته”.

وأضاف الخلفي أن الاعتراف الفرنسي جاء “قبيل قرار محكمة العدل الأوروبية، مما يجعل شروط هذا القرار أقل جدوى رغم المخاطر المرتبطة به”، مؤكدا أن الخطوة تشكل “تحولا استراتيجيا كبيرا يجب تقديره، وقد أتى بعد نضال وصمود استراتيجي بقيادة جلالة الملك”.

واستدرك الخلفي بأنه بالرغم من أن الموقف الفرنسي جاء “متأخرا، إلا أنه في جوهره تصحيحٌ للخطأ التاريخي الذي ارتكبته فرنسا، والذي أعاق استرجاع المغرب لصحرائه في نهاية الخمسينات” من القرن الماضي، مؤكدا أن ما جرى في مجلس الأمن خلال اليومين الماضيين، هو أن “تأكيد فرنسا على موقفها في أروقة المجلس كان تصحيحًا لمسار، وكان من المفترض أن يُحسم هذا الموضوع منذ استقلال المغرب قبل سبعين عاما”.

وسجل الخلفي أن التراكم الذي حققه المغرب أدى إلى انتقال القضية إلى “مرحلة جديدة، حيث أعلن المغرب بوضوح في خطاب ثورة الملك والشعب سنة 2021 موقفه الرافض للحياد الرمادي بشأن مغربية الصحراء مع شركائه التقليديين، مؤكدًا على أن الاستفادة من خيرات واستقرار المغرب لا يمكن أن تترافق مع مواقف مزدوجة تهدد استقراره”.

كما أشار إلى أن اتفاقيات الشراكة الاقتصادية، خاصة مع بريطانيا، ساهمت في تثبيت “المنتجات القادمة من الصحراء المغربية ضمن إطار هذه الشراكة”، معتبرا أن الموقف الفرنسي هو “تتويجٌ للمرحلة الحالية، وأعتقد أن النقاشات في مجلس الأمن تؤكد أهمية الحكم الذاتي كإطار مرجعي للحل السياسي”.

وشدد الخلفي على أن الموقف الفرنسي ستكون له “تأثيرات بعيدة المدى، رغم أن التحولات السريعة قد لا تحدث في المستقبل القريب”، مؤكدا أن هذا الموقف سيدفع دولا أوروبية أخرى، مثل “إيطاليا وبلجيكا وهولندا وألمانيا وبريطانيا، نحو اتخاذ مواقف مماثلة تدعم مغربية الصحراء، مما يجعل أي نزاع حول الاتفاقيات مجرد نقطة ثانوية في ظل اعتراف الدول الكبرى”.

ولم يقف الخلفي عند هذا الحد، بل ذهب إلى توقع أن يؤثر هذا التحول في الموقف الفرنسي على “الموقف الجزائري على المدى المتوسط”، وفق تعبيره.

من جهته، قال المحلل السياسي محمد شقير إن الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، يمثل “ورقة سياسية ثقيلة في يد الدبلوماسية المغربية، نظرا لأن هذه الدولة بوصفها عضوا دائما بمجلس الأمن، وكذا لكونها دولة مستعمرة سابقة للمغرب والجزائر، وتتوفر على كل الوثائق المتعلقة بخفايا وخبايا هذا الملف، مما قد يمكن المغرب من الدفاع عن قضيته بأدلة قانونية قوية”.

وأضاف شقير، ضمن تصريح لهسبريس، أن الوزن الذي تتمتع به فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي قد يلعب “دورا حاسما في إقناع دول الاتحاد التي ما زالت لم تحسم موقفها تجاه القضية الوطنية باتخاذ موقف مشابه لموقف فرنسا”، لافتا إلى أن “هذا الاعتراف أحدث “قطيعة في علاقة التوازن التي كانت تحكم تعامل فرنسا مع كل من الجزائر والمغرب، من خلال ترجيح الموقف المغربي، مما سيجعل الكثير من الدول، خاصة الإفريقية، تعيد النظر في اعترافها بالجمهورية الصحراوية وشرعية وضعها داخل الاتحاد الإفريقي”.

وفي إطار المنافسة بين الشركاء الأوروبيين، ذهب شقير إلى أن ما حصلت عليه فرنسا بعد اعترافها بمغربية الصحراء من “مكاسب اقتصادية من طرف المغرب، انعكست من خلال إبرام 22 اتفاقية وإنجاز عدة مشاريع استثمارية فرنسية بالمملكة، قد يدفع منافسين، خاصة بريطانيا، إلى سلك النهج نفسه”، خاصة وأن الاعتراف بمغربية الصحراء تبنته قبل ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق