ائتلاف مدني: أرقام إعادة الإعمار حالمة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

على بعد يومين من حلول الذكرى السنوية الأولى لفاجعة الزلزال الأليم الذي ضرب ستة أقاليم مغربية في منطقة الأطلس الكبير، لا يبدو أن تنزيل الحكومة لورش إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من الفاجعة يحظى برضى فعاليات مدنية مهتمة بتنمية هذه المجالات الجبلية.

الفعاليات المنتمية إلى الائتلاف المدني لأجل الجبال، التي كانت تتحدث ضمن ندوة بعنوان “سنة على زلزال الأطلس الكبير، أية حصيلة؟”، احتضنها المقّر المركزي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، صباح الجمعة، وصفت الأرقام التي أوردتها الحكومة بخصوص حصيلة تنفيذها للبرنامج المذكور خلال السنة الماضية بـ”الحالمة”، موجهة في مداخلاتها “سهام النقد” إلى وتيرة صرف دعم السكن والمساعدات الاستعجالية، منبّهة أيضا إلى أن “التصاميم الممنوحة تنافي توجيهات الملك باحترام خصوصية المناطق المتضررة”.

“أرقام حالمة”

الحسين مسحات، عضو السكرتارية الوطنية للائتلاف المدني من أجل الجبل، قال إن “زلزال الحوز الذي شكّل فاجعة كبيرة جدا خلفت ما لا يقل عن 3 آلاف قتيل وأكثر من 5000 جريح، بالإضافة إلى تضرر ما يصل إلى 60 ألف منزل جزئيا أو كليا، كان مناسبة ليقف المغاربة عند واقع التهميش الذي تشهده هذه المناطق الجبلية بفعل الزلازل غير الطبيعية التي عرفها تدبير المجال الجبلي في المغرب رغم كون ساكنته تمثل 25 في المئة من الساكنة المغربية وفقا لإحصائيات سنة 2014″، مشيرا إلى أن “مسؤولية هذه الوضعية التي سبق أن نبّه إليها الفاعلون المدنيون في الائتلاف، تتحملها الحكومات المتعاقبة”.

وأضاف مسحات في كلمته أنه “غداة الهزة العنيفة، أعطت المملكة المغربية صورة مشرقة بفعل حث التوجيهات الملكية السلطات العمومية بشكل فوري على الاستجابة لاحتياجات الساكنة المتضررة، ولاحقا إشراف الملك على إعطاء انطلاقة برنامج التأهيل وإعادة الإعمار من جهة، ومن جهة ثانية تفاني المغاربة في التعبير عن حسّهم التضامني من خلال موجات القوافل الإنسانية التي تدفقت على المناطق المتضررة”، مشيرا في هذا السياق إلى أن “الائتلاف لم يكن شاردا عن هذا الزخم، بحيث نزل إلى الميدان منذ اليوم الأول، وتكفل بتوفير كميّات مهمة من المساعدات الإنسانية والمولدات الكهربائية لفائدة السكان المتضررين، بمساعدة من شركائه وأصدقائه من الجالية المغربية المقيمة بالخارج”.

مستندا إلى المتابعة الميدانية للائتلاف لتنفيذ ورش إعادة الإعمار ودعم الساكنة المتضررة، أورد المسحات أن “الحكومة الحالية تتحمّل وحدها المسؤولية في ما آلت إليه الأوضاع بهذه المناطق بعد الزخم المذكور”، مشيرا إلى أن حكومة أخنوش “بعثت في الأيام الأولى إشارة مهمة من خلال إحداث وكالة تنمية الأطلس الكبير في ظرف زمني وجيز، وهي المؤسسة التي طالما نادينا بها في الائتلاف”.

إلا أن المتحدث ذاته عدّ “الأرقام التي قدمها رئيس الحكومة بخصوص تقدم هذا الورش غير دقيقة، إن لم نقل إنها غير صحيحة أو حالمة”، مستغربا في هذا الإطار” تخصيص السلطات منحة مالية بقيمة 2500 درهم لساكنة بعض الدواوير المتضررة التي لا تصل إليها آليات البناء بفعل صعوبة التضاريس الجغرافية، من أجل إزالة الأنقاض، وهو المبلغ الذي لم يكف هذه الأسر بسب ارتفاع كلفة اليد العاملة”، وقال: “نتيجة لهذه الوضعية، فإن عمليّة إزالة الأنقاض لم تتجاوز في أحسن الأحوال 60 في المئة، في حين يتحدث أخنوش عن 97 في المئة”.

منتقلا للحديث عما رصده الائتلاف بخصوص تقدم منح الدعم المالي المخصص لإعادة البناء وتأهيل المنازل، ذكر المسحات أن “فئة قليلة من المتضررين تسلمت دعم 140 آلف درهم”، مشيرا إلى أن “جميع المتضررين بدوار في جماعة ثلاث نيعقوب لم يتوصلوا سوى بـ 60 ألف درهم من أصل 80 أو 140 ألف درهم”.

“تفنيد بالمحاور”

محمد الديش، منسق الائتلاف الوطني لأجل الجبل، قال إن “هزة الأطلس الكبير يوم الثامن من شتنبر أثبتت أن الحكومات المتعاقبة لم تستفد من الزلازل التي ضربت مجموعة من المناطق، وعلى رأسها زلزال الحسيمة، سواء في ما يخص الاستباق أو المعالجة أو تدبير مخلفات هذه الكوارث الطبيعية، وهو ما يترجم نقصا في اكتساب الحكامة في التعامل معها”.

وعلى غرار المسحات، أشاد الديش خلال مداخلته في الندوة ذاتها بإحداث وكالة تنمية الأطلس الكبير، موردا أن “الائتلاف ثّمن هذه الخطوة الإيجابية؛ إذ رغم إبداء تحفظه على شكل الوكالة، إلا أنه يعتبر أن الصلاحيات التي أوكلت إلى هذا الجهاز تؤهله لأن يضمن الإشراف على تنزيل البرامج القطاعية والتنسيق بين مختلف البرامج والسياسات العمومية الموّجهة نحو المناطق الجبلية”.

وبخصوص عمليّات إعادة الإعمار، أورد منسق الائتلاف الوطني لأجل الجبل، أن “الحكومة لم تحرص على تنزيل التوجيهات الملكية بضرورة المحافظة على الطابع المعماري والخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمناطق المتضررة خلال هذه العمليّات، وهو ما يظهر في تصاميم البناء المقدّمة إلى الساكنة أو من خلال المجالات المخصصة لإعادة الإعمار”، مشيرا في هذا السياق إلى أن “عمليّة إعادة الإعمار لم تراع ضرورة توطين الساكنة المتضررة في مجالات قريبة من مناطق سكنها الأصلي للحفاظ على ارتباطها بأنشطتها الزراعية والرعوية والمعيشية”.

مفصّلا في هذه النقطة، انتقد الفاعل المدني ذاته “اعتماد تصاميم بناء مفتقرة إلى الإبداع، يبدو أنها معدة مسبقا وتم العمل بها في السابق في برامج محاربة السكن العشوائي وغير اللائق ودور الصفيح”، مشددا على أنه “من غير المعقول أن تُقطِن المتضررين الذين اعتادوا السكن قبل الزلزال في فضاءات مفتوحة بمرافق مختلفة في منازل أشبه بالقفص، بالنظر إلى أن مساحتها لا تتجاوز 50 مترا مربعا”.

ولم يخف منسق الائتلاف المدني من أجل الجبل “عدم رضى الائتلاف عن الأرقام الحكومية المعلنة بخصوص وتيرة تقديم الدعم المخصص لإعادة الإعمار؛ إذ رصد كون نسبة كبيرة من الأسر المستفيدة من دعم إعادة البناء وتأهيل المنازل المتضررة توصلت بالدفعة الأولى فقط، المحددة قيمتها في 20 ألف درهم”، مبرزا أنه “بالنظر إلى غلاء أسعار مواد البناء وكلفة نقلها إلى الدواوير، لم تتمكن هاته الأسر من إنهاء إنجاز أساس المنزل المطلوب لأجل الاستفادة من الدفعة الثانية والدفعات الموالية”.

وانتقد المتحدث في هذا السياق “الشرط الذي وضعته الحكومة بربط الاستفادة من الدفعة الثانية بإنهاء الأرضية الأساسية للمنزل؛ لأن عدم كفاية مبلغ 20 ألف درهم لهذه العمليّة، كما أكد المتضررون وتقنيو البناء المتواجدون في الميدان، جعل مجموعة من الأسر تستفيد من الدفعة الأولى فقط”، موردا أن “المتضررين الذين استفادوا من دعم الدفعة الثانية لم يتجاوزوا ثلث مجموع المتضررين على أقصى تقدير”. وقال: “المستفيدون من الدفعة الرابعة على قلتهم لا يعني أنهم سيتمكنون من بناء منازلهم، فبالنظر إلى الغلاء كما أسلفت، سيكونون في حاجة ماسة إلى الاقتراض”.

وبخصوص المساعدة الاستعجالية الشهرية المخصصة للمتضررين، ذكر الديش أن “مبلغ هذه المساعدة المحدد في 2500 درهم غير كاف؛ لكونه سيصرف فقط لمدة اثني عشر شهرا”، متسائلا: “كيف سيتدبر هؤلاء مصاريف معيشهم اليومي ما بعد انصرام هذه المدة، خاصة وأن الأنشطة الاقتصادية التي كانوا يزاولونها لم تستعد عافيتها بعد وغير قادرة على أن تدر عليهم دخلا محترما؟”.

منتقلا إلى وتيرة تأهيل وإعادة بناء المدارس المتضررة من فاجعة الأطلس الكبير، لم يخف منسق الائتلاف المدني لأجل الجبل، في ختام مداخلته، “عدم رضى الائتلاف عمّا أعلنه وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي بخصوص ترقب جاهزية 1297 مدرسة بعد انتهاء أشغال التأهيل وإعادة البناء لاستقبال التلاميذ قبيل بدء الموسم الدراسي 2025/2026″، معتبرا أن “هذا يعني أن هذه المؤسسات التعليمية لن تكون جاهزة خلال هذا الموسم، وبالتالي سيمضي تلامذتها سنة أخرى من سوء التحصيل جراء متابعة الدراسة في الخيام، أو تحويلهم إلى المدارس المكتظة أصلا في المناطق القريبة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق