فعاليات بيئية بيضاوية تطالب بتوفير 10 ملايين شجرة لمواجهة "زحف الإسمنت"

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

مازال الجانب البيئي لمدينة الدار البيضاء يثير الكثير من النقاش في أوساط الإطارات المدنية والبيئية المحلية، إذ رفعت سقف تطلعاتها، مطالبة بسن تدابير من أجل الوصول إلى 10 ملايين شجرة في أفق سنة 2050، من أجل مواكبة تحديات الصحة العامة بالموازاة مع التوسع العمراني الذي تشهده أكبر حواضر المملكة.

وليست هذه الإطارات بالراضية عن منسوب التشجير والمساحات الخضراء بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، إذ ترى أن المدينة “تعرضت منذ مدة لتمدد عمراني وإسمنتي جعل نصيب الفرد الواحد من العناصر البيئية الخضراء محتشما مقارنة مع مدن أخرى يرتفع فيها هذا النصيب، لاعتبارات تعود أساسا للمخططات التي تم اعتمادها منذ مدة في ضبط إيقاع نموها وتوسعها”.

وتم منذ سنوات إطلاق مشروع زناتة البيئية التي تضم تجمعات سكنية ترتكز أساسا على الاستدامة، إذ تأتي على مساحة 1830 هكتارا، 30 في المائة منها خصصت للمناطق الخضراء، وهي تجربة عادة ما يطالب نشطاء بيئيون، بمن فيهم النشطاء البيضاويون، بتعميمها والانطلاق منها لإبداع أفكار قابلة للتطبيق.

مطلب راهني

سليمة بلمقدم، مهندسة منظرية رئيسة حركة مغرب البيئة 2050، قالت في هذا الصدد: “إن ما نركز فيه عند طرحنا هذا المطلب الرئيسي والمهم هو أن معيارين أساسيين يجب أن تستجيب لهما كل مدينة، يتعلقان بالجانب المنظري والإيكولوجي الذي يحيل بشكل مباشر على معطى الصحة العامة؛ فلدينا بالمغرب مدن ذات تغطية مهمة من الأشجار والمساحات الخضراء، بما فيها شفشاون وطنجة والرباط؛ غير أن مدينة الدار البيضاء تبقى دائما الاستثناء بعدما استحوذ عليها الإسمنت بشكل كبير”.

وأضافت بلمقدم في تصريح لهسبريس: “منظمة الصحة العالمية تتحدث عن ضرورة توفير 10 أمتار مربعة من المساحات الخضراء لكل مواطن في المجال الحضري، في حين أننا اليوم لدينا تقريبا 1,5 متر مربع لكل ساكن بهذه المدينة المليونية، في وقت يتحدث المسؤولون عن تصورات لرفع هذا العدد إلى رقم 10 أمتار مربعة”، موردة أن “من بين التبريرات التي يتم تقديمها عادة في هذا الصدد قلة الوعاء العقاري وسط الأحياء، وبالتالي عدم وجود إمكانية استغلال ما تسمى البقايا العقارية”.

وتابعت المتحدثة شارحة: “كمهتمين بالشأن البيئي والمنظري البيضاوي نؤكد ونتبنى مطلبا مهما يتعلق بضرورة توفير 10 ملايين شجرة بالمدينة في أفق 2050. ونحن نعلم بصعوبة الرقم لكنه ضروري بالنظر إلى حجم الساكنة الذي سنصل إليه وقتها، إذ نتحدث عن 25 سنة من اليوم. غير أن اللازم حاليا هو أن نقوم بدراسات لنعرف كم لدينا أولا من المساحات الخضراء والأشجار كذلك قبل التفكير في إستراتيجيات في هذا الصدد”.

وأردفت الناشطة البيئية ذاتها بأن “مدينة الدار البيضاء التي تتوسع شيئا فشيئا تحتاج بشدة إلى مساحات خضراء”، مواصلة: “حتى إن استطعنا توفير 5 ملايين شجرة، بمعنى شجرة تقريبا لكل فرد، فسيكون ذلك مهما، خصوصا مع اشتداد التغيرات المناخية ووجود حاجة إلى التخفيف من حدة التلوث الهوائي بتقليص نسب ثنائي أوكسيد الكربون في الجو. هذا ما يجب أن يعي به المدبر الترابي بالمدينة، فيتواصل مع المتخصصين في المجال البيئي والمنظري قصد القيام بما يلزم”.

وجوابا عن سؤال لهسبريس حول علاقة هذا الموضوع بالماء أوردت المهندسة المنظرية: “هناك تعويل على أشغال تصفية المياه العادمة، فهناك اليوم حديث عن وجود خطوات لتشغيل محطة مُختصة، وهو أمر مهم وركزنا عليه منذ أن أكدنا لأول مرة أن العاصمة الاقتصادية للمملكة بحاجة إلى مخططات للتقليل من تداعيات الزحف الإسمنتي”.

لـ”مواجهة زحف الإسمنت”

مومن عماد، من الإطارات المدنية والبيئية بالدار البيضاء، أفاد من جهته بأن “العاصمة الاقتصادية للمملكة صارت غارقة في الإسمنت بشكل كبير، إلى درجة أن القاطن البيضاوي صار عليه الخروج إلى محيط المدينة من أجل الاستفادة من المساحات الخضراء، في وقت يستوجب الأمر تدابير عاجلة لتدارك ما يمكن تداركه”.

وبيّن مومن لهسبريس أن “هذه المدينة التي تعرف توسعا عمرانيا حادّا منذ مدة يمكن أن تصل إلى حالة مدينة القاهرة المصرية أو أكثر”، مردفا: “لا يختلف اثنان في أن إنقاذ المدينة البيضاوية من شبح الإسمنت ومن شبح التلوث الهوائي أمر مهم. ونحن مع أي مبادرات مدنية وجماعية تصب في هذا الاتجاه”.

كما أفاد المتحدث ذاته بأنه “يمكن الانطلاق من تجربة مدينة زناتة الإيكولوجية ومحاولة تعميمها على مختلف بقاع الدار البيضاء”، وزاد: “نحن نتحدث عن الصحة الجماعية أولا وعن التخطيط الحضري النموذجي ثانيا، ونأمل أن يساعد الجانب المائي في هذا الصدد، لكون توفير مساحات خضراء بطبيعة الحال يعني الحاجة إلى موارد مائية بشكل دائم”، مؤكدا في الأخير أن “الملف ذو أولوية، وعلى كل الإطارات المجتمعية والحقوقية والمدنية تبنيه، لما فيه من صالح للمواطن البيضاوي”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق