الدخول المدرسي ينعش عروض "إعادة شراء القروض" ويفاقم مخاطر الائتمان

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

كرست المجموعات البنكية الدخول المدرسي كموعد فريد وثابت في أجندتها التجارية، وتجاوزت مستويات استغلاله من تسويق عروض القروض الكلاسيكية إلى منتجات “إعادة شراء القروض” rachat de crédit، التي تراهن عليها البنوك في رفع قيمة عمولاتها وتحقيق أرباح مهمة، تمتد إلى فروع تابعة لها، مثل شركات التأمين، مستغلة حاجة الأسر الملحة إلى الاقتراض، ورغبتها في الاستفادة من تمويلات جديدة، رغم عدم استكمالها سداد أقساط قروض سابقة. ويتعلق الأمر بحل ائتماني مربح للبنك ومحفوف بالمخاطر بالنسبة إلى الزبون.

ولمواجهة تحملات الدخول المدرسي والنفقات المرتبطة به، في ظل هذا السياق التضخمي الصعب، المطبوع بارتفاع الأسعار وتضرر القدرة الشرائية، لم تجد كثير من الأسر سبيلا إلا الاستغراق في الاقتراض، والبحث عن عروض ائتمانية أقل كلفة بين عشرات العروض المروج لها في السوق من قبل البنوك وشركات القروض، التي لم يكبح مؤشر ارتفاع قيمة القروض معلقة الأداء مسارها في رفع وتيرة توزيع القروض، وتحقيق أرباح مهمة عن القروض الاستهلاكية، التي تعتبر الأكثر طلبا خلال المناسبة المذكورة.

وتتيح منتجات “إعادة شراء القروض” للأسر جمع قروضها المتنوعة، مثل قروض الاستهلاك والتجهيز، في قرض واحد، يكون عادة مصحوبا بتمديد فترة السداد وتعديل معدل الفائدة، نظريا؛ فيما يساعد هذا الحل التمويلي في تخفيف الضغوط المالية الفورية عن الأسر، من خلال خفض قيمة الأقساط الشهرية. ومع ذلك فإن هذا التمديد في مدة السداد يزيد من التكلفة الإجمالية للقرض، باعتبار اكتتاب الزبون في ملف قرض جديد وعقد تأمين ملحق به، وكذا مصاريف أخرى، مرتبطة في حالات كثيرة بباقة بنكية حديثة، يجري وضعها شرطا من أجل الاستفادة من القرض.

“المديونية المفرطة”

غالبا ما يتجاهل زبائن البنوك أن إعادة شراء القروض تترافق مع تكاليف إضافية، قد لا تكون واضحة عند توقيع عقد الاقتراض. ويعتبر بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، شركات القروض فاعلا رئيسيا في توريط الأسر في “المديونية المفرطة” surendettement، مشددا على أن المغرب يعتبر بين الدول القليلة التي لا تتوفر على إطار تشريعي ينظم هذا الجانب، الذي يتعين تضمينه ضمن القانون 31.08، القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك.

وأضاف الخراطي، في تصريح لهسبريس، أن معظم الزبائن يجهلون حقوقهم وواجباتهم عند الاستفادة من المنتجات البنكية، موضحا أن البنوك تفرض تكاليف إضافية لمعالجة ملفات إعادة الشراء، إلى جانب التأمينات الإلزامية التي غالبا ما تكون مرتفعة، فضلا عن العمولات المتنوعة، مشددا على أن معدلات الفائدة التي تبدو جذابة على المدى القصير تتراكم على مدى فترة طويلة، ما يزيد من التكلفة الإجمالية للقرض بشكل ملحوظ، منبها إلى أن العديد من المقترضين لا يدركون تماما شروط هذه العمليات، الأمر الذي يؤدي بهم إلى التورط في مواقف صعبة.

وتابع رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك: “من الضروري أن يخصص المستهلكون الوقت الكافي لقراءة الشروط وطرح الأسئلة حول تفاصيل عقد الاقتراض، ذلك أنهم في كثير من الأحيان يركزون فقط على تخفيض الأقساط الشهرية دون الانتباه إلى تمديد فترة السداد والتكاليف الإضافية”، مشيرا إلى ضرورة إخراج نصوص قانونية أكثر صرامة وزيادة المعلومات المقدمة للمستهلكين قبل الاكتتاب في المنتجات الائتمانية، خصوصا المرتبطة بعمليات إعادة شراء القروض وغيرها من أشكال التمويل.

تأثيرات مستقبلية

تفاقمت الأوضاع المالية للأسر بشكل ملحوظ، إذ بلغت مديونيتها مستوى قياسيا إلى 411.6 مليار درهم، ما يمثل 28 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو مستوى أعلى من مثيله في الدول النامية وبعض الاقتصادات الناشئة. ورغم تباطؤ نمو الدين فقد راكمت هذه الأسر رصيدا من الديون المتعثرة بلغ 41.8 مليار درهم، مسجلا زيادة بنسبة 6.5 في المائة، ليصل معدل التخلف عن السداد إلى 10.2 في المائة، وهو أعلى مستوى تم تسجيله تاريخيا في المغرب، وفقا للتقرير السنوي حول الاستقرار المالي.

وبالنسبة إلى محسن سراطي، مستشار وخبير في المعاملات البنكية، فالتقرير المشار إليه حمل إشارة مهمة تتعلق باعتبار القروض الاستهلاكية الأكثر تعرضا للتخلف عن السداد بنسبة 13 في المائة، ما يعكس الضغط المالي المتزايد على الأسر، خاصة في ظل المصاريف المتزايدة المرتبطة بالدخول المدرسي، موضحا أن “أحد أبرز المشاكل التي يواجهها الزبائن عند الاستفادة من منتجات إعادة شراء القروض هي نقص المعلومات والتوعية حول حقوقهم، فإذا كانت البنوك ملزمة بالشفافية فالمستهلكون مدعوون إلى المطالبة بتوضيحات حول شروط عقودهم”.

وحذر سراطي، في تصريح لهسبريس، من أن بعض البنوك تلجأ إلى تقديم إعادة التفاوض أو تمديدات إضافية للقروض عندما يواجه المستهلك صعوبة في السداد، مؤكدا أن هذه الحلول، رغم أنها قد تبدو مفيدة على المدى القصير، يمكن أن تؤدي إلى دوامة من الديون التي يصعب الخروج منها، منبها إلى أن عمليات إعادة شراء القروض قد تبدو كحل فوري للتخفيف من الأعباء المالية التي تواجهها الأسر خلال الدخول المدرسي؛ ولكن، على المدى البعيد، يمكن أن تكون هذه العمليات مكلفة جدا، ومشيرا إلى أن تمديد فترة السداد يعني في كثير من الأحيان زيادة التكلفة الإجمالية للقرض، وهو ما قد يؤدي إلى مشاكل مالية إضافية للأسر في المستقبل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق