التقارب بين الرباط وباريس يمهد حصول المغرب على مروحيات عسكرية فرنسية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

من المرجح أن تضم القوات المسلحة الملكية إلى ترساناتها العسكرية المروحيات الفرنسية متعددة المهام من طراز “H225 M CARACAL”، التي تصنعها شركة “إيرباص”، حسب ما أفاد به قناة “BFM TV” الفرنسية التي أشارت إلى وجود صفقة قيد المناقشة بين الرباط وباريس على هذا المستوى.

وتشغل المروحية سالف الذكر مجموعة من دول العالم، أبرزها فرنسا والبرازيل والمكسيك والكويت وماليزيا والمجر وتايلاند، كما سبق أن استخدمت في تدخلات حلف شمال الأطلسي في ليبيا، وفي تدخلات الجيش الفرنسي في تشاد ومالي؛ وتتميز بالقدرة على العمل في مختلف الظروف والأحوال الجوية، وبتصميم معياري يضمن سهولة عملية الصيانة، كما يمكن استعمالها في مهام الإنقاذ والنقل التكتيكي وإجلاء الضحايا والجرحى من ساحات الحروب.

ويبدو أن حصول المغرب المرتقب على هذا السلاح الفرنسي يدعمه التقارب الدبلوماسي الأخير بين الرباط وباريس، إثر دعم الأخيرة مقترح الحكم الذاتي كأساس وحيد لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، بعد فترة برود دبلوماسي في السنوات الأخيرة صاحبها تراجع حاد في مبيعات السلاح الفرنسي إلى المملكة، بعدما كانت هذه الأخيرة وحتى وقت قريب من أكبر مستوردي العتاد الحربي من فرنسا على مستوى القارة السمراء، حسب ما تؤكده تقارير وزارة الجيوش الفرنسية.

تثبيت للعلاقات

في هذا الإطار قال هشام معتضد، باحث في الشؤون الإستراتيجية والعسكرية، إن “المغرب يسعى بشكل مستمر إلى تحديث وتطوير ترسانته العسكرية لمواكبة التحولات الجيوسياسية والتحديات الأمنية في المنطقة، وخاصة في ظل التقارب السياسي والإستراتيجي الأخير بين الرباط وباريس”، مضيفا أن “تعزيز التعاون العسكري مع فرنسا من خلال صفقات مثل H225M يمكن اعتباره جزءاً من إستراتيجية أوسع لتعزيز العلاقات الثنائية، إذ يلعب الجانب العسكري دوراً محورياً في تثبيت هذه العلاقات على المدى الطويل”.

وأوضح معتضد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه الصفقة المحتملة قد تحمل أبعاداً تتجاوز الجانب العسكري إلى تعزيز التفاهم السياسي بين البلدين، وخاصة في ظل التحولات الدولية التي تتطلب من الدول المتحالفة تقارباً أكبر في المجالات الإستراتيجية”.

واعتبر المصرح ذاته أن “اقتناء المغرب هذا النوع من الطائرات المروحية متعددة المهام يأتي ضمن إستراتيجية دفاعية تهدف إلى تعزيز قدرات التدخل السريع والردع في المناطق ذات التوتر الأمني، سواء في الداخل أو في المحيط الإقليمي”، مردفا: “المغرب يسعى إلى تعزيز قدرته على مواجهة التحديات الأمنية، خصوصاً تلك المتعلقة بالإرهاب والهجرة غير الشرعية، وكذا الاستجابة للكوارث الطبيعية، وبالتالي فإن هذه الصفقة ستشكل جزءاً من رؤية شاملة لتحقيق الأمن القومي من خلال تعزيز التعاون العسكري مع الشركاء الدوليين”.

وأكد الباحث في الشؤون الإستراتيجية والعسكرية أن “العودة المغربية إلى السلاح الفرنسي بعد فترة من التراجع تعكس تحولاً في الأولويات الإستراتيجية للرباط في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، رغم توجه المغرب في السنوات الأخيرة نحو تنويع مصادر تسليحه، انطلاقا من دول أخرى مثل الولايات المتحدة وتركيا؛ إلا أن العودة إلى الشراكة العسكرية مع فرنسا قد تكون مرتبطة بتغير الظروف السياسية الإقليمية وبروز تحديات جديدة تتطلب تحديثاً سريعا للقدرات العسكرية عبر صفقات مضمونة ومجربة”.

استعادة توازن

وتابع الباحث ذاته بأنه “يمكن أيضا أن يُفسّر هذا التحول برغبة المغرب في استغلال علاقته التاريخية مع فرنسا لتحقيق أهداف تكتيكية وإستراتيجية”، وزاد: “العودة إلى اقتناء السلاح الفرنسي تعكس أيضاً رغبة الرباط في استعادة توازن علاقاتها العسكرية التقليدية وتعزيز شراكاتها الإستراتيجية، بما يخدم مصالحها الوطنية”، مشيرا إلى أن “هذه العودة قد تكون أيضاً نتيجة اعتبارات تقنية، إذ إن التطورات التكنولوجية التي توفرها المعدات الفرنسية مثل مروحيات H225M تلبي متطلبات القوات المسلحة المغربية في هذه المرحلة الحرجة”.

في السياق نفسه شدد المتحدث على أن “المغرب يحتاج من الناحية الإستراتيجية العسكرية إلى تجهيز قواته المسلحة بمعدات حديثة وفعالة قادرة على الاستجابة لتحديات متعددة”، مضيفا أن “مروحيات H225M تُمثل إضافة نوعية للقدرات الجوية المغربية، إذ تتميز هذه المروحيات بالقدرة على أداء مهام متعددة، مثل النقل الجوي التكتيكي، الإنقاذ، والإخلاء الطبي؛ وبالتالي فإن تعزيز الترسانة المغربية بهذا النوع من الطائرات يعكس حاجة واضحة إلى تحسين كفاءة العمليات العسكرية، خصوصاً في ظل الأوضاع الأمنية المتقلبة في المنطقة”.

وسجل معتضد أن “تحديث القوات المسلحة بقدرات جوية حديثة يعتبر ضرورياً للحفاظ على التوازن العسكري في المنطقة”، مستطردا: “المغرب محاط بتحديات أمنية إقليمية معقدة، بما فيها النزاعات المسلحة، التهديدات الإرهابية، والهجرة غير الشرعية. لذلك يمكن القول إن الجيش المغربي بحاجة إلى هذا النوع من السلاح لتعزيز قدرته على الردع وتحقيق الاستقرار في المناطق الحيوية، وتأمين الحدود، والمشاركة في العمليات العسكرية المشتركة مع حلفائه”.

وخلص الباحث عينه إلى أن “اقتناء المغرب مروحيات H225M يحمل أبعاداً إستراتيجية متعددة، سواء من الناحية العسكرية أو السياسية”، وزاد موضحا: “من الناحية العسكرية فإن امتلاك هذا السلاح يزيد من القدرة التشغيلية للجيش المغربي، ما يعزز من مكانته الإقليمية كقوة عسكرية قادرة على التأثير في المعادلات الأمنية في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، ومن الناحية السياسية يشكل امتلاك هذا السلاح خطوة نحو تعزيز مكانة المملكة كحليف إستراتيجي لفرنسا ودول غربية أخرى، ما يمكن أن يترجم إلى دعم سياسي ودبلوماسي في المحافل الدولية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق