تمثّل قمة المناخ كوب 29، التي من المقرر عقدها في أذربيجان (11-22 نوفمبر 2024)، لحظة محورية في العمل المناخي، وفرصة لحلّ القضايا العالقة المرتبطة بالمادة 6 من اتفاقية باريس عام 2015، بعدما شهدت تأجيلات خلال القمم السابقة.
وتنطوي أهمية هذه المادة في كونها مسارًا للتعاون الدولي للحدّ من الانبعاثات من خلال تداول أرصدة الكربون.
ويمكن لسوق الكربون العالمية، التي تدعمها المادة 6، أن تعمل على تسريع الجهود العالمية للحدّ من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، وتحقيق أهداف المناخ.
بيدَ أن تحقيق هذه الجهود يتوقف على التوصل إلى إجماع بين الدول، وهو ما تهدف قمة المناخ كوب 29 إلى تحقيقه، بحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
ما هي المادة 6؟
تمثّل المادة 6 واحدة من أكثر أقسام اتفاقية باريس تعقيدًا، وهي تحدد كيفية تعاون الدول مع بعضها لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات المنصوص عليها في مساهمتها المحددة وطنيًا عبر آليات تداول أرصدة الكربون، بحسب ما جاء في تقرير صادر عن منتدى الطاقة الدولي.
ورغم إبرام الاتفاق منذ سنوات، لم تتفق الدول المشاركة بعد على بعض تفاصيلها المهمة.
وتقدّم المادة المعنية آليات للتعاون بين البلدان، أهمها:
- الفقرة 2 التي تسمح بتداول أرصدة الكربون بين الدول مباشرة.
- الفقرة 4 التي تقدم آلية لتداول الكربون بين البلدان تحت إشراف الأمم المتحدة، وتخلق نظامًا يُعرف بـ"آلية تسجيل أرصدة الكربون في اتفاق باريس" يضمن نزاهة سوق الكربون، وأن تعكس ائتمانات الكربون خفضًا حقيقيًا في الانبعاثات.
- الفقرة 8 التي تحدد الفرص غير السوقية في المساهمات المحددة وطنيًا، وتعزيز التعاون من خلال التمويل ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات.
وخلال مؤتمر بون لتغير المناخ الذي عُقد في يونيو/حزيران من عام 2024، بُذلت محاولات لمعالجة المسائل غير المحسومة، إلّا أن الدول المشاركة فشلت في التوصل إلى اتفاق حيال موضوعات مهمة تتعلق بالمادة 6، ما يعوق تنفيذ آليات تجارة الكربون، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
قضايا ملحّة
تأتي في طليعة المناقشات المطروحة على طاولة قمة المناخ كوب 29 قضيتان رئيستان، وإيجاد حلول لهما سيؤثّر في مستقبل أسواق الكربون العالمية.
القضية الأولى تتعلق بما إذا كانت جهود تجنُّب إطلاق الانبعاثات مؤهلة للحصول على ائتمانات الكربون، إذ ينشأ الجدل الدائر حول تجنُّب الانبعاثات من أن السماح بهذه الأساليب قد يؤدي إلى تقويض نزاهة سوق الكربون، وإغراق السوق بمشروعات منخفضة الجودة تفشل في تحقيق خفض حقيقي للانبعاثات.
بينما ترتبط المسألة الأخرى بهيكل حوكمة آلية تسجيل أرصدة الكربون في اتفاقية باريس، فقد انقسمت الأطراف المعنية حول ما إذا كان ينبغي أن تخضع بعض فقرات المادة 6 لسيطرة مركزية من قبل هيئة ذات سلطة، أو تديرها كل دولة على حدة.
وقد أدى متطلب إجماع البلدان إلى إبطاء تبنّي هذا النهج المركزي مقارنة بالنهج التعاوني.
تحديات ضخمة
يمثّل تنفيذ المادة 6 من اتفاقية باريس أحد أهم التحديات في مكافحة تغير المناخ، ومع تفاقم الآثار المناخية يصبح إيجاد حل للمسائل المحيطة بالمادة 6 أمرًا بالغ الأهمية لتعزيز التعاون الدولي في الحدّ من الانبعاثات.
وتبرز أسواق الكربون بصفتها أداةً حاسمةً للتصدي لتغير المناخ، خاصة أنها تخلق آلية فعالة للدول لتداول أرصدة الكربون عالية الجودة.
ولا يعزز هذا النظام كفاءة الحد من التحديات المناخية والتكيف فحسب، بل لديه -أيضًا- القدرة على تعبئة موارد مالية ضخمة للدول النامية.
ومن خلال تسهيل الاستثمارات في تقنيات ومبادرات الطاقة النظيفة، مثل احتجاز الكربون وتخزينه، يمكن لأسواق الكربون أن تسهم في الحدّ من الانبعاثات العالمية، إلى جانب خفض التكاليف المرتبطة بتنفيذ المساهمات المحددة وطنيًا.
وتشير التقديرات إلى أن الاستفادة الفعالة من أسواق الكربون من شأنه أن يوفر قرابة 250 مليار دولار بحلول عام 2030، ويسمح ذلك للدول من تحقيق خفض أكبر بنسبة 50% في انبعاثات الكربون مقارنة بأهدافها الأصلية دون تكبُّد أيّ تكاليف إضافية، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ومع ترقُّب انعقاد قمة المناخ كوب 29 في باكو، فإن حل القضايا العالقة بهذه المادة يشكّل لحظة حاسمة للمجتمع الدولي، وفرصة لخلق إطار موثوق يضمن نجاح أسواق الكربون.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
0 تعليق