مذكرة توصي بحرمان مرتكبي "جرائم الشرف" والمغتصبين من العقوبات المخففة

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

طالبت فيدرالية رابطة حقوق النساء بمراجعة مجموعة من المقتضيات الواردة في قوانين المنظومة الجنائية المغربية، لكونها تجرم أفعالا لا تتنافى بالضرورة مع مبدأي الضرورة والتناسب، ولا تجرم أخرى تعد من أبرز تجليات العنف ضد النساء، ونظرا “لاتساع الهوة” بينها وبين التطورات المجتمعية المتلاحقة، مشددة على حذف تلك التي تمنح مرتكبي جرائم الشرف أو مغتصبي الطفلات المتزوجين من ضحاياهم عقوبات مخففة، مع مناداتها بإباحة العلاقات الرضائية والإيقاف الإرادي للحمل.

وأوصت الفيدرالية في مذكرة تحت عنوان “من أجل منظومة جنائية عصرية ضامنة لحقوق النساء وللحريات الأساسية وملائمة للدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان”، قدمتها اليوم بالرباط، بـ”إلغاء جرائم الشرف في القانون الجنائي وإلغاء كل البنود التي تفرض عقوبات مخففة على مرتكبي جرائم الشرف”، ومنع اعتبار “الاستفزاز” الناتج عن القبض على أحد أفراد الأسرة بصدد ممارسة هذه الجرائم التي لا يعرفها القانون ولا يستعمل مصطلح شرف، لأنه خصص لها الفصول 418 و420 و423.

وسجلت الجهة ذاتها أنه بالرغم من إلغاء الفقرة الثانية من الفصل 475 من القانون الجنائي “التي كانت تتيح تمتيع المختطف أو المغرر بقاصر بعذر مخفف من العقاب في حالة زواجه بالضحية، فإن الواقع العملي كشف عن استمرار تفعيل هذا المقتضى من طرف بعض المحاكم”، مؤكدة “استمرار الأعمال الواسع للتنازل في قضايا اعتداءات جنسية ضد النساء الفتيات-سواء تعلق الأمر باغتصاب أو هتك عرض-في حالة إدلاء المتهمين بعقود زواج بالضحايا وبتنازلهن عن الشكايات”.

وطالبت في هذا الصدد بإضافة فقرة جديدة إلى الفصل 475 من القانون الجنائي تنص على أنه: “لا يؤدي زواج المختطف أو المغرر بالضحية إلى استفادته من عذر مخفف من العقاب”، موصية كذلك بـ”التنصيص في الفصل 146 من القانون الجنائي على عدم تمتيع المحكوم عليهم في جرائم الاعتداءات الجنسية من ظروف التخفيف”.

وأوصت الفيدرالية كذلك بمراجعة المقتضيات المتعلقة بتجريم الاعتداءات الجنسية، خصوصا الواردة في الفصول من 484 إلى 487، من القانون الجنائي، مقترحة “إعادة تعريف جريمة الاغتصاب لتشمل كل اعتداء على جسم إنسان بغض النظر عن جنس الضحية أو الفاعل عن طريق إيلاج عضو جنسي في أي جزء من جسده، مهما كان ذلك الإيلاج طفيفا، وذلك باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها، أو بالقسر، أو الإكراه أو الاحتجاز أو الاضطهاد النفسي أو إساءة استعمال السلطة، أو باستغلال محيط قسري، أو بالمباغتة، أو ارتكاب الاعتداء على شخص يعجز عن التعبير عن رضا حقيقي”.

وطالب المصدر عينه في هذا السياق بـ”تشديد عقوبة جريمة الاغتصاب الجماعي في حالة ارتكابها من طرف شخصين أو أكثر أو استعمال سلاح”، موردا مرة أخرى توصية ضمنها في تقريره السنوي حول العنف ضد النساء، تتعلق أساسا بـ”تجريم الاغتصاب الزوجي بنص خاص”، الذي ما يزال غائبا عن هذا القانون “رغم أن هذا النوع من الاغتصاب يعتبر شكلا من أشكال العنف ضد المرأة”، وفق المذكرة.

“رفع تجريم العلاقات الرضائية”

على صعيد آخر، طالبت الفيدرالية عينها بحذف الفصل 489 من القانون الجنائي الذي يعاقب على العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، معتبرة أن الاستمرار في تجريم هذه “العلاقات الجنسية الرضائية بين الراشدين انتهاك للحق في الخصوصية، وانتهاك للمعايير الدولية لحقوق الإنسان”.

وبخصوص جريمة الخيانة الزوجية، أوصت الفيدرالية بـ”حذف الفصلين 491 و492 من القانون الجنائي”، معتبرة أن تجريم “الخيانة الزوجية يعد منافيا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تعتبره مسا بمبدأ الحق في الخصوصية”، مبرزة أن هذه الفصول على أرض الواقع أفرزت “تمييزا بين الجنسين، بسبب استمرار العقليات الذكورية والصور النمطية، إذ إن الزوجات تتنازل لأزواجهن دون أي شروط، بينما لا يكون تنازل الأزواج لفائدتهن إلا بشروط، منها التنازل عن حضانة الأطفال أو التنازل عن المستحقات المالية المترتبة عن الطلاق أو التطليق”.

وخلق الفصل 492، على وجه التحديد، وفقا لمذكرة الجهة المدنية عينها، “مجموعة من المفارقات، إذ إن الطرف المتزوج يستفيد من تنازل زوجه، بينما لا يستفيد شريكه من التنازل”.

“تجريم العنف الاقتصادي والسياسي”

فيدرالية رابطة حقوق النساء سجلت كذلك وجود إشكالية في تكييف حرمان النساء من حقهن في الإرث، “إذ لا يعاقب القانون الجنائي على هذا الفعل، وإن كان يعاقب على أفعال أخرى، مثل التصرف بسوء النية في التركة أو جزء منها قبل اقتسامها”، موصية بـ”تجريم هذا العنف الاقتصادي بنص خاص واعتبار وقوع هذا الفعل في حق امرأة بسبب جنسها ظرف تشديد”، مع “تشديد عقوبة جنح انتزاع عقار من حيازة الغير (72)، والتصرف بسوء نية في التركة أو جزء منها قبل اقتسامها (73) في حالة ارتكاب هذه الأفعال في حق امرأة بسبب جنسها”.

ولاحظت الهيئة المدنية ذاتها أن القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء لا يشمل تجريم العنف السياسي رغم تجريمه لصور أخرى من العنف، وهو “ما يطرح إشكال تكييف هذا الفعل”، موردة في هذا الصدد أن القانون التونسي عاقب عليه “بغرامة قدرها ألف دينار وترفع العقوبة إلى ستة أشهر سجنا في حالة العود”. وطالبت اعتبارا لذلك بـ”تعريف العنف السياسي الممارس ضد امرأة بسبب جنسها وتجريمه”.

“توصيات المسطرة الجنائية”

فيدرالية رابطة حقوق النساء ضمنت في مذكرتها توصيات عدة تهم مراجعة مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، باستثناء جرائم العنف الجسدي والجنسي من إمكانية الصلح بشأنها”، “وتقييد إمكانية إجراء صلح في بعض قضايا العنف ضد النساء ما عدا قضايا العنف الجنسي والجسدي-بضرورة الإعمال الفوري والتلقائي لتدابير الحماية المقررة في قانون محاربة العنف ضد النساء”.

وأوصت الجهة المدنية عينها بـ”التنصيص على حق الطفل في رفع دعوى لإثبات النسب وتمتيعه بالمساعدة القانونية بقوة القانون لتشمل أيضا الإعفاء من مصاريف الخبرة الجينية وجعلها على عاتق الدولة، وترتيب كل الآثار القانونية المترتبة عن النسب الشرعي في حالة ثبوته بالخبرة الجينية”، مع “الإبقاء على حق الطفل الناتج عن اغتصاب في الحصول على تعويض مادي في إطار قواعد المسؤولية التقصيرية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق