باحثون يثمنون حملة "ارجع تصلي" مع ضرورة نهج "الخطاب الديني الوسطي"

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

ثمّن باحثون في الشأن الديني الحملة التي أطلقها نشطاء مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار “ارجع تصلي” لتشجيع الشبان والشابات على الصلاة والمواظبة عليها، معتبرين أنها “تترجم غيرة مطلقيها على الدين الإسلامي واجتهادهم لتحويل هذه المواقع من محفّزات للانحراف الأخلاقي والقيمي إلى وسائل لتعميق تديّن الشباب المغربي، وهو ما يعضد الجهود الرسمية في هذا الإطار”.

غير أن الباحثين الذين تحدثوا لهسبريس تمسكّوا بضرروة تبني هذه الحملة “خطابا مرنا يتماشى مع النموذج المغربي في التديّن، ويغلب بعد الترغيب على الترهيب، ما يفرض فهما دقيقا للنصوص الشرعية المؤطرة للصلاة”، لافتين إلى أن التعامل مع “الخطاب التوعوي الديني في هذه المسائل، يتطلّب حذرا حتى لا يتم استثمار هذه المبادرات العفوّية لبث مضامين تبعد الشباب المغربي عن خصوصيات المذهب المالكي”.

“مرونة الخطاب”

معلقا على الموضوع، قال عبد اللطيف الوزكاني، باحث في العلوم الشرعية، إن “هذه الحملة بادرة طيبة ومحمودة ستكون لها بلا شكّ ثمار جيدة على الشباب المغربي، على اعتبار أنها تدعو إلى المواظبة على الصلاة التي هي مفتاح لتحصين الشباب من الفاحشة والانحراف وعصيان الوالدين وتبنيه لمجموعة من القيم النبيلة التي وردت في وصايا لقمان الحكيم لابنه بعد الصلاة”، معتبرا أن “نجاحها رهين بالتلاؤم مع التدين المغربي الوسطي الذي لا إرهاق فيه ولا غلو”.

وأوضح الوزكاني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المضامين التي يتم ترويجها داخل هذه الحملة ينبغي أن تظل مرنة ومتأطرة بالآية: [ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة]، وأن تركّز بشكل كبير على الترغيب والنأي في هذا الإطار عن تكفير المسلم غير المواظب على الصلاة”، موضحا أن “موضوع ترك الصلاة يحتاج إلماما دقيقا بالعلوم الشرعية؛ إذ على سبيل المثال بالنسبة لحديث [من تركها (الصلاة) فقد كفر]، يجب استحضار وجود تفسيرات عديدة قدمها العلماء للكفر غير المعنى الشائع، أي الخروج عن الدين الإسلامي”.

وأكد الباحث في العلوم الشرعية أن “أهمية تسخير الفضاء الرقمي في تعميق تدين الشباب المغربي من خلال مبادرات مثل هذه الحملة، مسألة لا نقاش فيها، ويظهر تفطن القائمين على الشأن الديني إلى هذا الأمر، من خلال الكبسولات التوعوية والتحسيسية التي تبث على صفحات الوزارة، أو من خلال إنشاء منصة محمد السادس للحديث الشريف بأمر من أمير المؤمنين، وكذا تطبيق المصحف المحمدي المغربي”.

إلا أن الوزكاني عاد ليشدد على “ضرورة تكيّف هذه الحملات مع النموذج المغربي في التديّن، والتماشي مع توجهات المذهب المالكي وفتاوى العلماء المغاربة المرتبطة بقضايا الصلاة، حتى لا يتم الحياد بها عن أهدافها النبيلة”، مشيرا في هذا السياق إلى أن “العديد من المغاربة الذين يتلقون مضامين دينية مرتبطة بالصلاة، على سبيل المثال، صادرة عمن يتبنون مذاهب أخرى، يقعون ضحية الانحراف ويصابون بالوسواس القهري المرتبط بالوضوء والصلاة”.

“عفوية.. وحذر”

خالد التوزاني، باحث في الشؤون الدينية رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي، ثمّن “هذه المبادرة العفوية التي تعكس غيرة الشباب المغربي على الدين وحرصه على إشاعة الالتزام بالمواظبة على الصلاة التي تعد سدا منيعا أمام الشبان والشابات من الوقوع في مصائد عدم اليقين الديني والانحلال الأخلاقي والقيمي التي تهدد هذه الفئة تحديدا”، معتبرا أن “هذه الحملة العفوية هي امتداد للحملات التي تجتاح وسائل التواصل الاجتماعي في بداية ونهاية شهر رمضان، وتحث الشباب المغربي على المحافظة طيلة السنة على عادة الموظبة على الصلاة في وقتها داخل المساجد التي يكتسبها خلال الشهر الفضيل”.

واعتبر التوزاني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “نجاح مثل هذه الحملات التي تعضد الجهود الرسمية لتعميق التدين الوسطي والمعتدل في أوساط الشباب المغربي، يعكس إمكانية تحويل الفضاء الرقمي من مصدر لانحراف الشباب إلى وسيلة لإصلاحهم وتهذيب سلوكهم وإعادتهم إلى الالتزام بمختلف الفروض الدينية، وليس فقط الصلاة وحدها”، مشددا على “أهميّة وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز تديّن الشباب بالنظر إلى استئثار هذه الوسائط بأغلب أوقاته وسهولة تلقي مضامينها والرجوع إليها”.

إلا أن رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي أكد بدوره أن “التعامل مع هذه الحملات يقتضي الحذر من استغلال بعض الدعاة حماسة الشباب المغربي للتدين لأجل تطعيمهم بالمضامين المروجة لمواقف محط خلاف بين المذاهب الأربعة بخصوص كيفية الصلاة، على سبيل المثال، هل هي بالسدل أو القبض، أو تعداد الآذان في يوم الجمعة، إلخ”، مشيرا إلى “ضرورة تأطير الخطابات المصاحبة لمثل هذه الحملات بخصوصيات المذهب المالكي في كل القضايا الدينية موضوع الحملة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق