ورقة بحثية: توظيف الدين لأهداف سياسية ينعش خطابات الجماعات المتطرفة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

سلطت ورقة بحثية منشورة ضمن العدد الأخير من مجلة “قضايا التطرف والجماعات المسلحة”، الصادرة عن “المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية”، الضوء على جهود المغرب في مكافحة التطرف والإرهاب، مؤكدة أن “المغرب له نصيب وافر من مخططات ومحاولات جماعات التطرف تنفيذ هجمات إرهابية فوق أراضيه، فالمملكة ليست بعيدة عن مخاطر التطرف، إذ تعد من البلدان المعنية باستراتيجية التوجس من قبل جماعات التكفير”.

وأشارت الورقة البحثية ذاتها، التي كتبها يحيى بن عبد الوهاب، باحث في سلك الدكتوراه بجامعة عبد المالك السعدي، تحت عنوان “التطرف.. عوامله الخفية وخطاباته الفكرية وجهود المملكة المغربية للحد منه”، إلى أن “محاولات تنفيذ هجمات إرهابية في المغرب زادت مؤخرا نظرا لانتشار فروع تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الساحل والصحراء”.

وسجلت الورقة أن “المغرب من ضمن الأسماء الواردة في كتاب [إدارة التوحش]، لمؤلفه أبي بكر ناجي، هذا الكتاب الخطير الذي يُنَظّر إلى سياسة التوحش في البلدان العربية، يعتبر دستورا لجماعات التطرف الحديثة وموجها أسايا لسياساتها واستراتيجيتها وكيفية تعاملها مع المخالفين”.

وقال يحيى بن عبد الوهاب إن “المغرب تعاطى مع هذه المخاطر واتخذ إجراءات متنوعة مزجت بين الحل الأمني الاستباقي والحل القانوني والفكري عبر سن قوانين صارمة لمكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب”، مضيفا أن السلطات الأمنية المغربية تمكنت منذ سنة 2002 من إجهاض 500 مشروع إرهابي و215 خلية إرهابية وفق تقرير منجزات وزارة الداخلية برسم سنة 2023.

وبين المصدر ذاته أن “تفكيك معطيات الجماعات الإرهابية المتطرفة خلال السنوات الأربع الأخيرة، يقود إلى خلاصات هامة جداـ مفادها أن خطر التنظيمات يشمل كل جهات المملكة من الشمال إلى الجنوب، كما أن معظم أفراد هذه الخلايا هي من فئة الشباب التي تشكل محط اهتمام كل جماعات التكفير”.

على الصعيد الفكري، أشارت الورقة إلى إطلاق المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، سنة 2017، برنامج [مصالحة] الذي يستهدف الأشخاص المتابعين والمحكوم عليهم بقضايا الإرهاب والتطرف، والذي يروم [المصالحة مع الذات ومع المجتمع ومع النص الديني… وكذلك محاولة تأهيلهم علميا عبر تقديم دروس تعنى بالجانب القانوني وحقوق الإنسان، مع تخصيص حيز هام للفكر الديني عبر إيضاح وإزالة اللبس فيما يتعلق ببعض المفاهيم وإزالة الوهم فيما يخص تأويل النصوص الشرعية وكيفية توظيفها]”.

في المقابل، اعتبر كاتب الورقة أنه رغم الجهود المبذولة من قبل المغرب لمكافحة الفكر المتطرف عبر برنامج “مصالحة”، الذي بلغ عدد المستفيدين منه منذ تدشينه 322 نزيلا، إلا أن هذه الجهود “تبقى قاصرة لكونها لم تقتحم بعد عوامل التطرف وأسبابه الحقيقة، ولم تدخل بعد بشكل جدي في تفكيك فلسفة التطرف واستدلالاتها، فالمستفيدون من هذا البرنامج هم فقط المتعاطفون وليس كبار قادة الفكر المتطرف”.

وعن أسباب التطرف، أشارت الورقة إلى أنه “يرجع إلى عوامل متداخلة ومتعددة المشارب، فمنها ما هو ديني محض ومنها ما هو سياسي بامتياز ومنها ما له ارتباط بالجوانب الاقتصادية والتنموية ومنها ما هو مزيج من الدين والسياسة والاقتصاد، فهذه الحقول وإن تفاوتت نسبتها إلا أنها تعد الركائز المؤدية لظهور التطرف”، لافتة في سياق مماثل إلى أن “دعاوى التكفير وعدم التسامح مع الآخر تصدر من جماعات لها مطامح متعلقة بالحكم والسلطة ممزوجة بنظرية تكن العداء للعلم الخارجي، وينتج لنا هذا الأمر خطابا دينيا خاصا بها مقتبسا من سياقات منغلقة من التاريخ بما يتوافق وتوجهاتها الإيديولوجية والحركية”.

وخلصت الورقة البحثية إلى أن “الفكر المتطرف آفة مركبة تحتاج إلى تضافر الجهود على مختلف الميادين مع إيلاء أهمية كبرى للميدان الفكري، وبشكل خاص التراث والتاريخ الديني، باعتباره ركيزة أساسا وموجها لجماعات التطرف لجذب المتطوعين وتجنيد الأفراد”، مؤكدة أن “توظيف الدين والتلاعب فيه لأهداف سياسية ضيقة أسهم في تقديم خطابات مضادة ومبررات لهذه الجماعات التكفيرية، ما أدى إلى استقطاب فئات مهمة من الشباب مستفيدة في الآن ذاته من غياب سياسات ناجحة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأيضا انتشار القمع والتدخلات الخارجية في شؤون بعض الدول”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق