ما يزال حقل الريشة للغاز في الأردن، يمثل فرس الرهان بالنسبة للمملكة، الباحثة عن سبيل لتزويد إمكاناتها الطاقية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، إذ إنها تشتري نحو 90% من احتياجاتها من الطاقة من الخارج.
وبحسب بيانات إنتاج النفط والغاز في الأردن، لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، فإن المملكة تسعى إلى تعزيز إمكاناتها الغازية، لا سيما بعد التوصل إلى اكتشافات جديدة في بعض آبار الحقل قبل أشهر، وآبار في مناطق أخرى.
إذ كشفت تصريحات رسمية عن وجود احتياطيات تجارية ضخمة في"الرشة"، تُقدَّر بنحو 10 تريليونات قدم مكعبة.
أعقب ذلك بيان من وزارة الطاقة يوم الجمعة 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، يؤكد أنه سيتم كشف كل التفاصيل في غضون أسبوعين، وأنه من المبكر الحديث عن تصدير الفائض من الغاز إلى الخارج.
وما يزال حقل الريشة هو حقل الغاز الوحيد المنتج في المملكة، وتستهدف الحكومة تعزيز إنتاجه بحفر آبار جديدة خلال العامين الجاري والمقبل 2024 و2025.
وللاطّلاع على الملف الخاص بحقول النفط والغاز العربية لدى منصة الطاقة المتخصصة، يمكنكم المتابعة عبر الضغط (هنا)، إذ يتضمّن الملف معلومات وبيانات حصرية تغطي قطاعات الاستكشاف والإنتاج والاحتياطيات.
معلومات عن حقل الريشة الغازي
قبل 38 عامًا، وتحديدًا في عام 1986، كان الأردن على موعد مع اكتشاف غازي عملاق، إذ اكتشفت سلطة المصادر الطبيعية حقل الريشة في شمال شرق المملكة، بحسب البيانات التي نشرتها وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية.
ويقع الحقل الغازي على مساحة تبلغ نحو 7 آلاف و500 كيلومتر مربع، تحاذي الحدود العراقية من جهة الشرق، والحدود السورية من جهة الشمال، بينما تحدها المملكة العربية السعودية من جهة الجنوب، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ولم يستغرق الأمر 3 سنوات حتى بدأ الإنتاج التجاري من حقل الريشة في عام 1989، إذ وجه الأردن معظم إنتاج الحقل من الغاز الطبيعي إلى قطاع الكهرباء، من خلال توليد الطاقة من محطة الريشة، الواقعة على بعد 300 كيلومتر شرقي العاصمة عمّان.
وكانت هذه المحطة، إلى جانب محطة أخرى لمعالجة الغاز الطبيعي، قد بدأت عمليات إنشائهما في أعقاب التوصل إلى اكتشاف الغاز الطبيعي في الحقل العملاق مباشرة، وذلك ضمن جهود المملكة لتسريع عمليات الاستفادة من الإنتاج.
وخلال المدة بين عامي 1986 و1995، كانت سلطة المصادر الطبيعية في الأردن تتولى عمليات الاستكشاف والتنقيب في حقل الريشة، قبل أن تؤسس المملكة شركة البترول الوطنية، وهي شركة مساهمة مملوكة للحكومة بنسبة 99.92%، ونقلت إليها امتياز الحقل، بهدف تولي مسؤولية إدارته وتطويره.
وضمن جهود المملكة لزيادة إنتاج الحقل وتطويره بشكل يتناسب مع إمكاناته، وقعت في عام 2010 اتفاقًا مع شركة النفط البريطانية "بي بي" لتصبح شريكًا إستراتيجيًا في امتياز حقل الريشة، وتضمن الاتفاق السعي لزيادة إنتاج الحقل إلى 50 مليون قدم مكعبة يوميًا خلال 3 سنوات.
إلا أن عام 2014، شهد قرارًا من الشركة البريطانية بإعادة حصتها من امتياز الريشة لشركة البترول الوطنية، بعدما فشلت في إضافة أي كميات إنتاجية خلال السنوات الـ3، بدعوى أن مكامن الغاز بالمنطقة محدودة الإمكانات والاحتياطيات.
احتياطيات حقل الريشة
على الرغم من عدم وجود أرقام رسمية دقيقة تتحدث عن احتياطيات حقل الريشة، فإن التقديرات غير الرسمية تشير إلى أن احتياطيات الحقل من الغاز الطبيعي -قبل الإعلان الأخير عن الاكتشاف الجديد- تبلغ نحو 300 مليار متر مكعب، وفق ما جاء في تقرير لمؤسسة الأبحاث "وود ماكنزي".
وفيما يتعلق بمستويات الإنتاج، فإن حقل الريشة قد سجل خلال عام 2023 إنتاجًا بلغ نحو 40 مليون قدم مكعبة يوميًا، بينما بلغت كميات الغاز المبيعة من الحقل لتوليد الكهرباء خلال عام 2022 نحو 5 مليارات و382 مليون قدم مكعبة، بمعدل 14.7 مليون قدم مكعبة يوميًا.
وكان الإنتاج التراكمي لحقل الريشة قد بلغ خلال المدة الزمنية بين عامي 1989 و2019، نحو 223.8 مليار قدم مكعبة، وفق آخر البيانات المتاحة بشأن إنتاج الغاز الطبيعي في الأردن، لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
يشار إلى أن البئر رقم 53 في حقل الريشة الأردني، تعد الأكثر إنتاجية بين مجموع الآبار الموجودة في الحقل، لا سيما أنها قادرة على إنتاج كميات ضخمة من الغاز الطبيعي، تصل إلى نحو 8 ملايين قدم مكعبة يوميًا.
جهود تطوير حقل الريشة
تسعى وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية إلى تطوير حقل الريشة، من خلال حفر مزيدًا من الآبار على مدى عامين، إذ كشفت عن خطط لحفر 18 بئرًا خلال عامي 2024 و2025، بهدف زيادة الإنتاج، منها 10 آبار تحفرها الشركة الكويتية للحفر، و8 آبار تحفرها شركة البترول الوطنية.
ويستهدف الأردن رفع إنتاج الغاز الطبيعي من الحقل غير التقليدي، وزيادة احتياطياته، على الرغم من صعوبة هذه العملية، في ظل وقوع الحقل في منطقة كتيمة، يصعب الاستخراج منها باستعمال التقنيات العادية، في وقت تقدر فيه كميات الغاز المتاحة بالحقل بنحو 31 مليون قدم مكعبة يوميًا.
يشار إلى أن الخطة الإستراتيجية لشركة البترول الوطنية، والتي تنتهي بحلول نهاية العام الجاري 2024، تستهدف زيادة إنتاج الغاز إلى 50 مليون قدم مكعبة يوميًا كمرحلةً أولى، بينما تعمل على زيادة الإنتاج إلى 200 مليون قدم مكعبة يوميًا بنهاية عام 2030.
وفي سبيل تحقيق هذه الخطة، تعمل وزارة الطاقة ممثلة في شركة البترول الوطنية، على حفر عدد كبير من الآبار، يتراوح بين 55 و70 بئرًا، إذ تسعى الوزارة إلى حفر أغلب هذه الآبار خلال 5 سنوات، بما يمكن أن يسهم في تحقيق أمن التزود بالطاقة في المملكة، وخفض الاستيراد، بحسب ما نشره موقع "أوفشور تكنولوجي".
يشار إلى أن المملكة الأردنية، تعتبر أن اشتراك حقل الريشة مع حقل عكاز العراقي جيولوجيًا، وكذلك مشروع غاز طريف السعودي، جنوب منطقة الريشة، يعد مؤشرًا مهمًا على احتمالات تكون الغاز المحصور في مكامن ذات نفاذية منخفضة جدًا بصحراء البلاد الشرقية.
اقرأ أيضًا..
0 تعليق