يشهد قطاع الكهرباء في مصر، مؤخرًا، جهودًا كبيرة تستهدف تحسين كفاءة الطاقة وتقليل نسب الفقد، وتوطين صناعة المهمات، وبناء شبكة ذكية ومرنة تُحقق استمرار واستقرار التغذية.
ووفقًا لبيان طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، بحث وزير الكهرباء المصري محمود عصمت، مع السفير الفرنسي بالقاهرة، إيريك شوفالييه، فرص الشراكة الاستثمارية في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، إلى جانب متابعة المشروعات الجارية، في إطار خطة تطوير وتحديث الشبكة الموحدة للكهرباء.
أتي ذلك في لقاء عُقِد الثلاثاء 12 نوفمبر/تشرين الثاني، بمقر الوزارة، نوقشت خلاله فرص تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، وجذب الاستثمارات الفرنسية إلى قطاع الكهرباء في مصر.
كما نوقشت، خلال اللقاء، سبل دعم التعاون بين وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية والشركات الفرنسية في مجالات متعددة، ولا سيما تطوير وتحديث مراكز التحكم في الشبكة الكهربائية وتوطين صناعة المهمات الكهربائية.
دور الطاقة المتجددة
قال عصمت، إن الوزارة تسعى للاستفادة من الطاقات النظيفة وتعظيم دور الطاقة المتجددة ضمن إستراتيجية قطاع الكهرباء في مصر، مشيرًا إلى فرص التعاون في إنتاج الخلايا الشمسية، بفضل توفر المواد الخام محليًا وتوسُّع المشروعات المستدامة.
وتستهدف مصر رفع مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني إلى 42% بحلول عام 2030، وصولًا إلى 60%، في عام 2040، بحسب بيان نشره موقع رئاسة مجلس الوزراء المصري.
وأضاف وزير الكهرباء المصري أنه بالإمكان تصنيع جزء كبير من المعدات الكهربائية المستعملة في مشروعات الطاقة المتجددة محليًا، بما يسهم في خفض التكلفة ودعم الصناعة الوطنية.
وأوضح عصمت أن قطاع الكهرباء في مصر يواصل تنفيذ خطة شاملة تستهدف الوصول لأفضل التقنيات العالمية بأقل التكاليف، مشيدًا بالدور المهم الذي تؤديه الشركات الفرنسية في هذا الشأن، حسبما أورد بيان وزارة الكهرباء المصرية.
وأكد عصمت حرص وزارة الكهرباء المصرية على تقديم التيسيرات المالية اللازمة لتمويل مشروعات الطاقة النظيفة منخفضة الكربون، إلى جانب تعزيز تبادل الخبرات مع فرنسا والدول المتقدمة.
وفي السياق ذاته، قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحفي في سبتمبر/أيلول الماضي، إنه جرى إدخال أكثر من 4 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة، وتأمين استثمارات إضافية لقطاع الكهرباء في مصر، لرفع كفاءة الشبكة الوطنية.
وأكد مدبولي توقيع عدد من الاتفاقيات لتوليد الكهرباء من الطاقات المتجددة، التي ستضخّ مشروعات كبيرة حتى عامَي 2028 و2029، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
التعاون الاقتصادي بين البلدين
أكّد الوزير عصمت أهمية التعاون الاقتصادي بين البلدين، معربًا عن تقديره للعلاقات العميقة الرابطة بين القاهرة وباريس.
من جهته، أكد السفير شوفالييه على أهمية مصر بصفتها مركزًا استثماريًا إستراتيجيًا للشركات الفرنسية، مشيرًا إلى عمق العلاقات التاريخية الرابطة بين مصر وفرنسا.
ولفت إيريك شوفالييه إلى رغبة الشركات الفرنسية بتوسيع استثماراتها بمصر في مجالات التقنيات الحديثة، والطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، موضحًا أن هناك مشروعات جديدة قيد التخطيط.
وأشار السفير إلى دور الوكالة الفرنسية للتنمية، التي تدعم تمويل مشروعات قطاع الكهرباء في مصر، مؤكدًا ثقة فرنسا بقدرة القطاع على إدارة مشروعاته بكفاءة.
وعكسَ هذا الاجتماع مدى التزام القاهرة بتطوير قطاع الكهرباء، إذ تعمل الوزارة على استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وخلق شراكات تسهم في تحقيق النمو المستدام وتحسين أداء الشبكة الوطنية، بما يتماشى مع رؤية مصر لتعزيز الاعتماد على الطاقة المتجددة والحدّ من الانبعاثات الكربونية.
ومثّل اللقاء خطوة إضافية لتعزيز التعاون الثنائي في قطاع الكهرباء في مصر، إذ تسعى وزارة الكهرباء إلى تطوير واستحداث مشروعات تستهدف رفع كفاءة شبكة الكهرباء الوطنية.
أزمات قطاع الكهرباء في مصر
تتمثل أبرز أزمات قطاع الكهرباء في مصر بمشكلتين رئيستين، هما انقطاع التيار واللجوء إلى خطط تخفيف الأحمال، بالإضافة إلى سرقة الكهرباء، التي تؤدي إلى إهدار جزء كبير جدًا من القدرات المُولدة، فيما يُطلَق عليه "الفقد التجاري".
ورغم نجاحها في إقامة محطات وشبكات كهرباء بما يفي حاجة الاستهلاك المحلي مع وجود فائض كذلك، إلّا أن القاهرة عانت، لأكثر من عام، من انقطاع الكهرباء بسبب نقص إمدادات الوقود اللازم لتشغيل المحطات وأزمة موارد العملة الأجنبية.
ولحل هذه المشكلة، تطلّب الأمر تعاونًا وتنسيقًا بين كل من وزارة الكهرباء للعمل على ضمان كفاءة التشغيل، ووزارة البترول للعمل على زيادة الإنتاج ورفع الكفاءة التشغيلية، ووزارة المالية لتوفير الموارد المالية المطلوبة.
وفي 19 سبتمبر/أيلول (2024)، أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي انتهاء أزمة قطع الكهرباء بشكل كامل، موضحًا أن الحكومة خصصت 2.5 مليار دولار أميركي لضمان توفير الشحنات الخاصة من الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء.
وأشار مدبولي إلى أن ارتفاع حجم الطلب على الكهرباء سنويًا، نتيجة ظهور الكثير من المصانع الجديدة، والمناطق الصناعية، يمثّل تحديًا يواجه قطاع الكهرباء في مصر.
وقال، إن مصر تستهدف استعادة مستويات الإنتاج الطبيعي من حقول الغاز، وتخطط لتفعيل المرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، بحلول صيف العام المقبل 2025.
وفي هذا الإطار، اجتمع وزير الكهرباء محمود عصمت، في 30 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، مع رئيس شركة تشاينا إنرجي (china Energy) لمنطقة شمال أفريقيا ومصر، بسامي سو، التي تقود التحالف المسؤول عن تنفيذ الخط الهوائي لمشروع الربط الكهربائي المصري السعودي؛ لمتابعة مستجدات تنفيذ المشروع، وتأكيد الالتزام بالمخطط الزمني.
وبشأن ظاهرة سرقة الكهرباء، عملت الحكومة المصرية على التصدي لها من خلال عدّة محاور، إذ نفّذت حملات مكثفة، مؤخرًا، وجمّدت، مؤقتًا، الدعم المُقدّم لمن تُوقَّع محاضر ضدّهم، لحين انتهاء الفصل القضائي في هذا الأمر.
وتتخذ وزارة الكهرباء العديد من الإجراءات للحدّ منها، بما في ذلك زيادة الغرامة وتغليظ العقوبة على المخالفين، ومعالجة جميع التعديات على شبكة الكهرباء، وتركيب العدادات الكودية المؤقتة للمخالفين؛ لضمان قياس استهلاك الكهرباء قانونيًا.
وتدرس الوزارة إدخال تعديلات على قانون الكهرباء، تتضمّن تغليظ العقوبة بزيادة غرامة سرقة الكهرباء لتصل إلى مليون جنيهًا (20 ألفًا و323 دولارًا أميركيًا)، بالإضافة إلى تنفيذ عقوبة الحبس في حالة تكرار السرقة وعدم الالتزام بالشروط القانونية للتعاقد.
*الجنيه المصري = 0.020 دولارًا أميركيًا
وتبحث الوزارة إمكان تعميم تجربة منظومة التوزيع الذكي، التي طُبِّقت في نطاق عمل شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء، لحساب الاستهلاك وخفض الفقد الفني، والحدّ من ظاهرة سرقة الكهرباء، والحدّ من الفقد التجاري، والتي أظهرت نتائج تقييمها تراجع معدلات الفقد إلى نحو 7%.
وتدرس وزارة الكهرباء الاستعانة بأجهزة ذكية وأجهزة اتصالات، وتركيبها في نقاط محددة على مستوى شبكة التوزيع لحساب الكهرباء وكشف التلاعب في معدلات الاستهلاك حال حدوثه، واتخاذ قرارات فصل التيار في حالات الطوارئ.
وتسهم شركة هواوي الصينية في العديد من مشروعات قطاع الكهرباء في مصر، منها مشروع لاستعمال التكنولوجيا في مراقبة الأكشاك والمحولات والربط فيما بينها من خلال وسائل الاتصال، وإدارة بيانات جودة التغذية وتشغيل الشبكة والتحكم لخفض الفقد وتحسين معدلات الأداء ونتائج الأعمال.
وفي سياق متصل، تُطلق وسائل الإعلام المحلية حملات للتوعية بأهمية ترشيد الاستهلاك والتصدي لوقائع سرقة الكهرباء بالإبلاغ عنها حفاظًا على المال العام.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
0 تعليق