النقل الجوي لمدينة الداخلة يحفز انتعاشة السياحة في الصحراء المغربية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أكد خبراء وفاعلون في القطاع السياحي أن الربط الجوي لمدينة الداخلة بمدينتي مدريد ولانزاروت الإسبانيتين، المرتقب أن يرى النور مطلع السنة المقبلة، سوف يمثل “تكريساً وترسيخاً عملياً للموقف المتقدم للجارة الشمالية للمملكة بشأن مغربية الصحراء”، ويعد بضخ دينامية وانتعاشة قوية للسياحة بهذه الوجهة التي تقوّت جاذبيتها في السنوات الأخيرة، نتيجة ريادتها في السياحة الشاطئية واحتضانها مؤتمرات دولية مهمة، على رأسها منتدى “كرانس مونتانا”.

ووقّع المكتب الوطني المغربي للسياحة، أمس الأربعاء بالداخلة، مع شركة الطيران الإيرلندية “رايان إير” اتفاقاً لتقوية الربط الجوي لمدينة الداخلة مع الأسواق الأوروبية الأساسية، يقضي بإطلاق أربعة خطوط جوية دولية جديدة؛ منها خطان سيربطان، ابتداءً من يناير 2025، “جوهرة الصحراء المغربية” بكل من العاصمة الإسبانية مدريد، ومدينة لانزاروت بجزر الكناري، بواقع رحلتين أسبوعياً لكل خط، بموجب المرحلة الأولى من الاتفاق.

ويؤكد خبراء وفاعلون سياحيون على الدلالات السياسية الرمزية القوية لإطلاق هذه الخطوط الجوية، المتمثلة أساساً في تأكيدها العملي على “دعم مغربية الصحراء في ظل تزايد مد المواقف المتقدمة للدول الأوروبية في هذا الإطار، ومواصلة المغرب الدفع بعجلة التنمية في الأقاليم الجنوبية موازاةً مع مضاعفة الجهود الترافعية عن ملف الوحدة الترابية”.

ويلفت هؤلاء إلى “وقع إيجابي مرتقب لهذه الخطوط على أداء القطاع السياحي بالداخلة، نظراً لوجود قرب بينها وبين المدن الإسبانية سالفة الذكر، وتحديداً لانزاروت، وكذا لكون السياحة الشاطئية التي تتفرد بها المدينة لا تخرج عن نطاق تفضيلات السياح الإسبان، فضلاً عن كون الجارة الشمالية للمغرب تعتبر من بين أكبر الدول المستقبلة للسياح الدوليين، ما يعني ارتفاع نسبة السياح الذين قد يقصدون الوجهة المغربية انطلاقاً من المدينتين الإسبانيتين”.

دلالة قوية وآفاق واعدة

مصطفى أماليك، الكاتب العام للكونفدرالية الوطنية للسياحة، قال إن “ربط مدينة الداخلة بهذين الخطين الجويين له حمولة ودلالة رمزية جد قوية؛ فهو ينطوي على اعتراف تام بمغربية الصحراء ودليل على أن منجزات ومكتسبات المغرب على مستوى ملف قضية وحدته الترابية لا تبقى حبيسة المجال الدبلوماسي أو السياسي، بل تتفعل على أرض الواقع من خلال مثل هذه الإجراءات العملية”، وفقه.

وأوضح أماليك، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذين الخطين الجديدين يعدان بتقوية دينامية السياحة بالداخلة وبالأقاليم الجنوبية المغربية عموماً، نظراً لمجموعة من الأسباب، على رأسها القرب الجغرافي بين جوهرة الصحراء والمدينتين الإسبانيتين، خصوصاً لانزاروت بجزر الكناري، وكذا كون إسبانيا ثاني أكبر البلدان المستقبلة للسياح على مستوى العالم، بما يفوق 90 مليون سائح سنوياً، ما يعني أن عدد السياح من الوجهات الإسبانية نحو باقي وجهات العالم سيكون مرتفعاً بشكل كبير.”

وشدد الكاتب العام للكونفدرالية الوطنية للسياحة على أن “الربط الجوي للداخلة بالمدينتين سالفتي الذكر سيكون له نفع عام ووقع جد إيجابي على مستوى النهوض بالتشغيل بالمنطقة، باستحضار أن السياحة تعد من بين أكبر القطاعات المشغلة لصحراويي هذه المدينة”، لافتاً إلى “دوره في استقطاب وجلب الاستثمارات الإسبانية والأجنبية عموماً في القطاع السياحي بهذه الوجهة السياحية، على اعتبار أنه لا يمكن تحفيز الاستثمارات دون ربط جوي”.

وأكد أماليك أن “القطاع السياحي بمدينة الداخلة يبصم على انتعاشة قوية وملحوظة في السنوات الأخيرة أساساً، نتيجة الجاذبية السياحية للوجهة، ولا أدل على ذلك من كون الرحلات الجوية بين الدار البيضاء وهذه المدينة تصل يومياً إلى إشغال بنسبة 100 في المائة، ما يعني أن إطلاق الخطين الجديدين سيرفع من وتيرة هذه الانتعاشة، مع ما يشكله ذلك من مداخيل مالية مهمة تنعكس على القطاع وعلى تنمية هذه الجهة ككل”.

انتعاشة سياحية

الزبير بوحوت، فاعل في المجال السياحي، قال إن “إطلاق هذين الخطين الجويين سوف يكون له تأثير على تدفقات السياح الإسبان والأجانب عموماً صوب الداخلة، التي أصبحت تحظى بإشعاع كبير جداً على مستوى العالم بعدما تم افتتاح عشرات القنصليات العربية والإفريقية والأمريكية اللاتينية”، مُردفاً بأنهما “سوف يساهمان في إنعاش مؤسسات الإيواء السياحية المتواجدة بهذه المدينة وبالمدن الصحراوية الجنوبية القريبة منها”.

وأضاف بوحوت، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “حظوظ نجاح هذين الخطين كبيرة، نظراً للقرب الجغرافي الكبير بين لانزاروت والداخلة، ولتفرد الأخيرة بمؤهلات سياحية عديدة، على رأسها احتضانها بطولات ودوريات عالمية كبرى في الرياضات الشاطئية”، مشدداً على “أهمية هذا المعطى، إذ إن السياحة الشاطئية تدخل في تفضيلات كل السياح على المستوى العالم، بخلاف بعض الأنماط السياحية بالمغرب التي تحظى بتفضيلات أسواق سياحية محددة، من قبيل الثقافية التي تغري الأمريكيين والفرنسيين والإسبان على وجه الخصوص”.

وشدد الخبير السياحي ذاته على أن “جهة الداخلة وادي الذهب تبصم على انتعاشة سياحية قوية، بعدما نجحت في استقطاب استثمارات كبيرة في القطاع السياحي لكونها رائدة ومتفردة بمنتج السياحة الشاطئية، نظراً لاحتضانها المسابقات العالمية الكبيرة الخاصة بركوب الأمواج في الداخلة”، لافتاً إلى “عوامل جذب سياحية أخرى لا يمكن إغفالها في هذا الصدد، تتمثل في احتضانها مؤتمرات دولية كبيرة على رأسها كرانس مونتانا، واستثمارات واعدة في الطاقات المتجددة، وتحديداً في الهيدروجين الأخضر”.

كما أكد بوحوت أن “إطلاق الخطين الجديدين سوف يبعث إشارة للفاعلين الاقتصاديين الأجانب والمغاربة الراغبين في الاستثمار في الداخلة بأن مشاريعهم الاستثمارية ستكون لها مردودية كبيرة، لأنه يؤكد اهتمام الدولة بتوفير البنية التحتية المناسبة والملائمة للمستثمرين بالمنطقة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق