المغرب يستبق خطر "الإرهاب الفردي".. ودعوات إلى معالجة دوافع التطرف

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

بعدما أثبتت اليقظة الأمنية المغربية كفاءة عالية في تحييد الخطر والتهديد الإرهابي المتنامي، بشكل نال تنويهات وإشادات عالمية، أوقف المكتب المركزي للأبحاث القضائية على ضوء معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني 3 أشخاص موالين لتنظيم “داعش” الإرهابي (بين 18 و39 سنة)، للاشتباه في تورطهم في التحضير لتنفيذ عدة مشاريع إرهابية تستهدف المس الخطير بسلامة الأشخاص والنظام العام.

العمليات جاءت “متفرقة” بمدن وأقاليم مختلفة، وفق بلاغ لـ”البسيج”، لافتًا إلى أن تدخل عناصر القوات الخاصة استبَق “انخراطاً فعليا للمشتبه فيهم في التحضير لمشاريعهم الإرهابية من خلال اكتساب خبرات في مجال إعداد العبوات الناسفة، في أفق تنفيذ مخططاتهم التخريبية التي كانت تستهدف عدة مصالح حيوية بالمملكة في إطار عمليات “الإرهاب الفردي”.

وأسفرت عمليات التفتيش المنجزة بمنازل المشتبه فيهم عن “حجز مجموعة من الدعامات الإلكترونية، سيتم إخضاعها للخبرات الرقمية اللازمة، وكذا أسلحة بيضاء، علاوة على مخطوطات ذات طابع متطرف”، في مؤشر لافت على استفاقة بعض “الذئاب المنفردة” بالمغرب، غير أنها سقطت كـ”صيد ثمين” في شِباك اليقظة الأمنية المواكبة لتطور الظاهرة الإرهابية، في زمن تطور الرقميات.

وأعلنت السلطات الأمنية المختصة، في بلاغها، أنه “تم وضع المشتبه فيهم الثلاثة تحت تدبير الحراسة النظرية، على ذمة البحث الذي يجريه الـBCIJ تحت إشراف النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب، لكشف جميع مخططاتهم ومشاريعهم الإرهابية، ورصد التقاطعات والارتباطات المحتملة التي تجمعهم بالتنظيمات الإرهابية خارج المغرب”.

“تحركات منفردة”

تعليقاً على الموضوع وتفصيلا في أبعاده أبرز محمد عصام لعروسي، الخبير في العلاقات الدولية والشؤون الأمنية وتسوية النزاعات، أن “اكتشاف هذه الخلية تم خلال عمليات متفرقة، وهم ثلاثة أفراد ينتمون إلى مجالات جغرافية مختلفة”، وزاد: “إلى حين عدم التأكيد على وجود علاقة مباشرة بين أطراف هذه الخلية فإن البلاغ أشار إلى الإرهاب الفردي؛ وهو ما يؤكد أن تعريف الإرهاب ليس واحدًا، فهناك تعريفات متعددة وليس هناك إجماع على تعريف واحد من خلال كل الأدبيات السياسية المعروفة”.

المدير العام لمركز منظورات للدراسات الجيو-سياسية بالرباط قال، مصرحا لجريدة هسبريس، إن “الحديث عن الإرهاب الفردي يُحيل على مفهوم الذئاب المنفردة؛ أي الأشخاص الذي يتحركون بإرادة منفردة، أو شخص يريد توجيه العنف ضد الأشخاص أو توجيه هجمات إرهابية ضد الممتلكات، أو ربما القيام عمل إرهابي بإنتاج حالة الصدمة والذعر والتأثير على الصحة والسلامة العامة وعلى الأماكن العمومية باستخدام أدوات مختلفة”؛ معدداً “أنواع العمليات الإرهابية”: (عملية إرهابية باستخدام هجمات بيولوجية وهجمات كيماوية وهجمات باستخدام الإلكترونيك، بمعنى باستخدام أدوات عن بعد أو التحكم عن بعد…).

“لكن في هذه الحالة نتحدث عن إرهاب منفرد بما يُحيلنا على الفضاء الافتراضي الأساسي الذي يعدّ المؤثر الحقيقي والمتغيّر الأساسي في هذه العملية. ربما ليس هناك رابط إلا من خلال وجود بعض المؤشرات وبعض الأدلة التي تثبت وجود الانتماء إلى التنظيم نفسه (داعش)”، يستدرك المتحدث ذاته.

وتابع لعروسي: “ما يقع في الوقت الحالي هو صعوبة رصد التواصل أو التواصل الشبكي المعقد بين هؤلاء الأشخاص؛ لأننا حينما نتحدث عن خلية موحدة في الأماكن فيجب إثبات العلاقات الموجودة بين أعضائها. بينما حالة الإرهاب المنفرد تكون بإرادة منفردة لهذا الشخص الذي يريد إنزال تهديد بمؤسسة أو أشخاص، مع أهداف موضوعة لهذه العملية”.

دوافع تفتك بالشباب

محاولاً التحليل بدقة أكد الخبير الأمني “ملاحظة السن المتقارب/الشريحة العمرية التي تشمل الشبان، إذ يعانون أساسًا من شظف العيش أو يعيشون في مناطق على الهامش”، مع ضرورة “التركيز على الدوافع”.

“فضلا عن دوافع داخلية على أساس الفقر/الهشاشة هناك دافع ثانٍ هو الاستقطاب الذي يأتي من الخارج، ويعني أن هؤلاء الأشخاص تتم أدْلجَتُهم أو يتم تأطيرهم وترويضهم من قبل جهات خارجية، ما يؤدي بهم للوصول إلى الشروع في التنفيذ”، يرصد لعروسي، مسجلا أن “مناطق مختلفة لتواجدهم تعني أن العمليات المنفردة لا تتخذ منطق وجود خلية في مكان واحد؛ وهو أحد الترتيبات والتكتيكات المستخدمة من قبل داعش”.

واعتبر المتحدث أن “مناطق الساحل جنوب الصحراء، وكذلك ليبيا في منطقة شمال إفريقيا، تعيش إيقاعَ توترات مختلفة؛ مع بعض العوامل التي تساهم في انتشار أو إعادة هذه الظاهرة إلى الواجهة”، وزاد: “لكن تبقى المجهودات التي تُبذل من قبل قوات الأمن هامّة لاحتواء الظاهرة واكتشاف هذه الخلايا التي تهدد أمن وسلامة المجتمع”.

وأجمل الخبير ذاته: “المغرب استطاع أن يُثبت براعته وتراكم خبراته في القبض على هؤلاء المتطرفين في المجتمع، مع التأكيد أنهم ليسوا كثيرين ضمن وسط يغلُب عليه التسامح والاعتدال”، مشددا على “أهمية المجهود الاستباقي المبذول من قبل المصالح الأمنية بشكل عام، على أساس مواكبة الجريمة والتطورات في الجريمة الإلكترونية المنظمة”.

تأطير الشباب مدنياً

من جانبه أشاد محمد قمار، رئيس المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف، بالشق الاستباقي في المقاربة المغربية لتحييد مخاطر المتطرفين، قائلا إن “المرصد طالما نوه بعمل السلطات الأمنية وكل المؤسسات الأمنية التي تشتغل باحترافية وكفاءة طالما حازت احترام وتقدير العالم أجمع”.

واعتبر قمار، متحدثا لهسبريس، أن “الملاحَظ مع عودة الإرهاب المنفرد أن فئة من الشباب المغاربة مازالت ضمن دائرة المُغرر بهم عبر المواقع الاجتماعية”، داعياً إلى “عدم الاستهانة بتحركات الذئاب المنفردة، بل وجبت مضاعفة اليقظة والتأطير اللازميْن”.

وفي هذا الصدد نادى رئيس المرصد سالف الذكر بأهمية “تحرك المجتمع المدني والسياسي لاحتواء شباب مغاربة يسقطون في براثن الخطاب المتطرف، عبر دعوتهم للإيمان بالمؤسسات ورفع مطالبهم السوسيو-اقتصادية بعقلانية وكل مشروعية”.

كما شدد قمار على أهمية الدور الحاسم لـ”يقظة المجتمع المغربي وتذكيره المتجدد بالحذر من الأفكار الدينية المتطرفة الهدّامة”، مسجلا أن “بعض الشباب لقمة سائغة لهذا الخطاب، خصوصا عبر شبكات التواصل الغائبة عن الرقابة الأسرية أو القانونية”.

ولم يفت رئيس مرصد نبذ الإرهاب والتطرف أن يؤكد أهمية “اشتغال الدولة عبر أجهزتها الحكومية المختصة على محاربة مكامن الهشاشة الاجتماعية، خصوصا في المدن المتوسطة والصغرى وضواحيها، فضلا عن القرى”، مشددا على أهمية “خلق أجواء الأمل بدل زرع اليأس في النفوس، ما يدفع بالشباب إلى التردّي في مَهاوي شبكات التطرف”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق