في الوقت الذي تستعد المدن الساحلية لاستقبال المصطافين، تعيش مدينة المحمدية وضعًا مقلقًا بسبب الانتشار اللافت للكلاب الضالة، التي تجوب الشوارع والأزقة فرادى وجماعات، حيث تحوّلت الأرصفة والمدارات الطرقية إلى مجال تنقلها الرئيسي، في مشهد يثير مخاوف الساكنة، خاصة خلال فترات انخفاض الحركة كالصباح الباكر وساعات الليل المتأخرة.
وتتمدد هذه الظاهرة إلى محيط “السويقات” بالأحياء الشعبية، حيث تتسلل الكلاب الضالة بين أرجل المتبضعين، وهو ما دفع فاعلين محليين إلى التحذير من تنامي هذه الظاهرة، التي تهدّد سلامة المارّة من جهة، وتُقوّض جاذبية “مدينة الزهور”، التي تُراهن على موسم الصيف لإنعاش حركتها الاقتصادية من جهة ثانية.
ووثقت صفحات محلية على مواقع التواصل الاجتماعي حجم انتشار الكلاب الضالة بمقاطع وصور تُظهر تواجدها بمختلف الأحياء السكنية، مع إرفاقها بدعوات لتدخل عاجل من قبل الجهات المختصة، عبر اعتماد خطة فعالة ومستدامة تحفظ السلامة العامة وتعيد للمدينة رونقها قبيل انطلاق الموسم الصيفي.
نداءات تحذيرية دائمة
حسن حُمير، فاعل جمعوي بمدينة المحمدية، قال إن “تنامي ظاهرة الكلاب الضالة في المدينة والجماعات المجاورة، من قبيل بني يخلف وعين حرودة، يعود بالأساس إلى توقّف الجماعة عن تنظيم حملات الجمع والتعقيم، مما فاقم هذا الإشكال ووسّع دائرة انتشاره”.
وأكد حُمير، في تصريح لهسبريس، أن “المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على السلطات الجماعية، التي لم تُواكب الوضع بالنجاعة
المطلوبة”، مشيرًا إلى أن “جمعيات المجتمع المدني سبق لها أن وجهت عريضة إلى المجلس الجماعي، وقّعها أزيد من 300 مواطنة ومواطن، تطالب بإيجاد حلول واقعية ومستدامة، خاصة في ظل تزايد التجمعات العشوائية لهذه الكلاب في عدد من النقط السوداء التي تهدد سلامة الساكنة”.
وأضاف أن “الأمر لا يقتصر على الجانب الأمني، بل يمس كذلك الصحة العامة، بالنظر إلى أن الكلاب الضالة تُعدّ من الوسائط الرئيسية في نقل أمراض خطيرة كداء الكلب”، لافتا إلى أن “النهج الإنساني في التعامل مع هذه الحيوانات يجب أن يظل حاضرًا”. وسجل أن “المجتمع المدني ظل يطالب منذ سنوات بحلول عقلانية تحفظ كرامة الحيوان، وتقطع مع الممارسات القديمة، التي كانت تعتمد على التصفية بالرصاص أو السمّ”.
ضرورة المقاربة التشاركية
محمد سحيم السحايمي، فاعل جمعوي بمدينة المحمدية، قال إن “ظاهرة انتشار الكلاب الضالة باتت تؤرق الساكنة المحلية، خاصة خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبحنا نتعايش مع مشهد الكلاب في الأزقة والشوارع بشكل يومي، وهو ما يشكل خطرًا حقيقيًا على الأمن الصحي والسلامة العامة”.
وأرجع المتحدث ذاته جزءا من انتشار الكلاب المتزايد إلى “ما صاحب عمليات القضاء على أحياء الصفيح من تغييرات عمرانية”، مبرزا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا الوضع أتاح للكلاب الضالة فضاءات جديدة للتكاثر والانتشار”.
وعن دعوات القضاء على الكلاب الضالة، عبّر السحايمي عن رفضه فكرة “الإبادة الجماعية لهذه الحيوانات”، مؤكدًا أن “القضاء العشوائي والتعسفي على الكلاب الضالة مرفوض تمامًا، وهناك
طرق أكثر موضوعية وإنسانية يمكن اعتمادها، كما هو معمول به في عدد من الدول مثل التعقيم والإخصاء الجماعي”.
وأوضح أن “هذه الحلول تتطلب وقتًا وإمكانيات مالية وبشرية، لكنها تظل الأكثر نجاعة على المدى الطويل”، مشددًا على ضرورة “اعتماد مقاربة تشاركية تشمل مختلف الفاعلين، من سلطات محلية، وجمعيات المجتمع المدني المهتمة بالحيوانات الأليفة، والجماعات الترابية”.
وتابع قائلا: “ما نحتاجه هو تنسيق فعلي بين مختلف الأطراف المعنية، ووضع خطة عمل واقعية تأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات المتاحة، سواء من حيث الموارد أو البنيات، بما فيها توفير مآوٍ مخصصة لهذه الحيوانات، وتقديم الرعاية الضرورية لها”، مؤكّدا أن “الحل لا يمكن أن يكون إلا تشاركيًا، يبدأ بإجراءات عاجلة للحد من أعداد الكلاب الضالة، في أفق القضاء على الظاهرة بطرق إنسانية تحفظ التوازن بين سلامة الإنسان وحقوق الحيوان”.
0 تعليق