اقرأ في هذا المقال
- توليد طاقة الرياح مرتبط بظروف الطقس ولا يتوافق مع ظروف الطلب.
- مشغلو الشبكات يشتكون من إدارة المعروض المختلط بالطاقة المتجددة.
- طاقة الرياح أكبر مصدر لتوليد الكهرباء في بريطانيا بنسبة 30%.
- تحليل بيانات العرض والطلب في يوم واحد أظهر نتائج صادمة بسبب خلل التوقعات.
- بريطانيا اضطرت لتصدير الكهرباء بأسعار سالبة رغم وفرة الرياح.
- تكرار الأسعار السالبة للكهرباء في أوروبا بسبب تقلبات الطاقة المتجددة.
كثيرًا ما تعرّضت طاقة الرياح لانتقادات بسبب طبيعتها التوليدية المتقلبة حسب ظروف الطقس اليومية والموسمية، لكن لم يخطر ببال أحد يومًا أن تفشل توقعات اليوم الواحد في أكثر البلاد الأوروبية تبنيًا لهذا المصدر من الكهرباء.
ورغم صعوبة تخيل حدوث ذلك في قطاعات الكهرباء الأوروبية التي تستعمل أحدث الأساليب العلمية في التنبؤ بالعرض والطلب؛ فإنها وقعت بالفعل في بريطانيا يوم الخميس الماضي (29 مايو/أيار 2025).
إذ كشفت بيانات لحظية حول توليد طاقة الرياح والطلب عليها على مدار هذا اليوم، عن كوارث في التنبؤ أدت إلى فوضى عارمة على مستوى شبكة الكهرباء البريطانية، فضلًا عن اضطرار بريطانيا لتصدير الكهرباء إلى فرنسا وبلجيكا ودول أخرى بأسعار سالبة، بحسب تحليل فني متخصص اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
والرياح هي أكبر مصدر لتوليد الكهرباء في بريطانيا، بحصة وصلت إلى 30% خلال العام الماضي، متجاوزة الغاز الطبيعي الذي حل في المركز الثاني بنسبة 26.3%، والطاقة النووية التي لم تتجاوز حصتها 14%.
أخطاء توقعات طاقة الرياح
رغم اكتساب بريطانيا خبرة متراكمة في إدارة طاقة الرياح على مستوى شبكات الكهرباء بالنظر إلى كونها المصدر الأكبر في توليد الكهرباء؛ فما زال نظام التنبؤ الخاص بمعدلات هبوبها وإنتاجها والطلب عليها يعاني الخلل.
وبصورة منتظمة، تصدر توقعات اليوم التالي في بريطانيا لمعرفة معدلات هبوب الرياح ومدى سرعتها، إضافة إلى التوقعات الموسمية على مدار العام.
ورغم أن هامش الخطأ في التوقعات اليومية يفترض أن يكون محدودًا، فقد أظهرت البيانات التي جمعتها شركة استشارات الطاقة البريطانية واط لوجيك (watt-logic)، وجود فوارق كبيرة في التنبؤ بتوليد طاقة الرياح في يوم الخميس (29 مايو/أيار 2025).

وكانت التوقعات اليومية تشير إلى أن إنتاج طاقة الرياح سيتجاوز 14 غيغاواط على مدار معظم اليوم، استنادًا إلى توقع معدلات هبوب عاتية.
ورغم ذلك؛ فقد أظهرت البيانات الفعلية أن التوليد كان أعلى من ذلك بفارق 3 غيغاواط في أثناء ذروة الصباح؛ إذ وصل الإنتاج إلى 17 غيغاواط.
كما اتسع هذا الفارق على مدار اليوم ليصل إلى 4.5 غيغاواط، مع وصول الإنتاج قرب 19 غيغاواط، ما يعني أن توقعات اليوم التالي كانت خاطئة إلى حد كبير، بحسب التحليل.
تصدير الكهرباء الفائضة بأسعار سالبة
رغم تحديث التوقعات بعد ساعات من صباح يوم الخميس (29 مايو/أيار 2025) نتيجة تغير ظروف سرعة الرياح؛ فإن زيادة الإنتاج كانت أكبر من قدرة مشغلي الشبكات على التحكم به أو تصريفه محليًا بسبب قيود الشبكة التي تمنع إعادة التوزيع المحلي.
وأدت هذه الظاهرة إلى حدوث فائض كبير في الكهرباء المولدة من طاقة الرياح؛ ما تسبب في هبوط أسعارها في بريطانيا إلى ما تحت الصفر، فيما يعرف بظاهرة الأسعار السالبة.
في الوقت نفسه، كان مشغل نظام الكهرباء الوطني في بريطانيا العظمى (NESO) قد أبرم 5 صفقات آنية لتصدير الكهرباء إلى دول الجوار عبر مزادات خطوط الربط البيني والتي تتداول فيها الكهرباء يوميًا بين الدول المشتركة.

وتصدر بريطانيا الكهرباء إلى فرنسا وبلجيكا والنرويج وأيرلندا عبر خطوط ربط إقليمية واسعة، كما تستورد عبر هذه الخطوط -أيضًا- على حسب الظروف.
وبحسب بيانات رسمية سنوية؛ فقد أسهمت واردات الكهرباء البريطانية من هذه الدول في توفير 14.1% من إجمالي استهلاك الكهرباء في البلاد خلال عام 2024.
ورغم وفرة ظروف طاقة الرياح في بريطانيا يوم الخميس (29 مايو/أيار 2025)، فقد اضطرت إلى استيراد بعض الكميات في الصباح الباكر، عندما كانت التوقعات أقل، قبل أن تُلبي التزامات صفقات التصدير في أوقات حدوث فائض إنتاج غير قابل للتصريف بسبب قيود الشبكات المحلية.
وعادة ما يدر تصدير الكهرباء عائدات مالية، لكن التصدير خلال هذا اليوم بالأسعار السالبة تسبب في خسارة بريطانيا 54 ألف جنيه إسترليني على الأقل (72.6 ألف دولار أميركي)، بحسب تقديرات شركة واط لوجيك لاستشارات الطاقة.
ويعنى هذا أن بريطانيا كانت تدفع لفرنسا وبلجيكا ودول أخرى لسحب فائض الكهرباء التي تعجز عن إعادة توزيعها محليًا بسبب قيود الشبكات في يوم عاصف.
تكرار ظاهرة الأسعار السالبة في أوروبا
تبدو ظاهرة الأسعار السالبة للكهرباء متكررة في أكثر من دولة أوروبية، بسبب طبيعة التوليد المتقطع لمصادر الطاقة المتجددة، وضعف توافقها مع معدلات العرض والطلب.
وكانت إسبانيا والبرتغال أكثر الدول المتضررة من ظاهرة الأسعار السالبة للكهرباء خلال العام الماضي، إذ سجلت الدولتان أكثر من 700 ساعة بأسعار سالبة في أول 10 أشهر من عام 2024.
بينما تكررت الأسعار السالبة للكهرباء في فنلندا لأكثر من 337 ساعة خلال الربع الثالث فقط، تليها السويد بنحو 290 ساعة، ثم هولندا بنحو 217 ساعة، وألمانيا بنحو 204 ساعات، بحسب بيانات شركة مونتل أناليتكس (Montel Analytics) المتخصصة في أبحاث الطاقة واستشاراتها.
وتخشى شركة الأبحاث من أن ضعف استيعاب الشبكات لفوائض الطاقة المتجددة في أوروبا، قد يؤدي إلى تكرار حدوث هذه الظاهرة كثيرًا؛ ما يهدد أرباح المنتجين ويضر الدول المتبنية لهذه المصادر.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- تحليل فشل التنبؤ بظروف طاقة الرياح في بريطانيا من شركة واط لوجيك المتخصصة.
- بيانات ظاهرة الأسعار السالبة للكهرباء في أوروبا من شركة مونتل أناليتكس.
0 تعليق