سجّلت تكاليف إنتاج الكهرباء في بريطانيا ارتفاعًا قياسيًا، بموجب سياسة تعرفة التغذية خلال المدة بين أبريل/نيسان 2023 وحتى مارس/آذار (2024).
وبحسب تحديثات قطاع الكهرباء لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن تعرفات التغذية هي أداة حكومية تستهدف نشر مصادر الطاقة المتجددة عبر تقديم سعر ثابت مقابل كل كيلوواط/ساعة يزوّد به منتجو الكهرباء الشبكة.
وفي آخر تقاريرها السنوية، أعلنت هيئة تنظيم الطاقة في المملكة المتحدة "أوفغيم" (Ofgem) ارتفاع إجمالي حجم المدفوعات السنوية إلى 1.84 مليون جنيه إسترليني، بما يعادل 105.4 مليون دولار أميركي.
وفي المتوسط، تتحمّل كل أسرة من دافعي الضرائب 65 جنيهًا إسترلينيًا، بسبب الزيادة القياسية لهذه التكاليف.
يأتي ذلك على الرغم من الهبوط القوي لإنتاج الكهرباء في بريطانيا من الطاقة الشمسية التي تشكّل المصدر الرئيس للإنتاج في المنظومة خلال العام المالي المنصرم.
إنتاج الكهرباء في بريطانيا
قدّم مستشار الطاقة الخبير في إدارة المشروعات ديفيد تورفر، تحليلًا عميقًا لبيانات هيئة الطاقة، متوقعًا استمرار زيادة تكاليف إنتاج الكهرباء في بريطانيا خلال السنوات المقبلة.
وبحسب البيانات المنشورة عبر موقع الهيئة الرسمي، تشكّل الطاقة الشمسية نحو 99% من التركيبات المشاركة بمنظومة تعرفة التغذية الكهربائية.
وتراجع إنتاج الطاقة الشمسية بنسبة 6.3% على أساس سنوي إلى 8.34 تيراواط/ساعة في العام المالي 2023-2024 المنصرم.
ويبدو أن السبب ليس في عدد التركيبات المنتجة، فرغم توقف 467 منشأة عن ضخ الكهرباء منذ العام المالي 2021-2022، فإن الكاتب أشار إلى اعتماد الهيئة 928 منشأة جديدة خلال المدة ذاتها.
*(العام المالي في المملكة المتحدة يبدأ في الأول من أبريل/نيسان وينتهي في 31 مارس/آذار من العام التالي له).
ثم أوضح، في مقاله الذي حمل عنوان "تعرفات التغذية الكهربائية ستُفلس البلاد": "يبدو أن التركيبات القديمة تتدهور ببطء وتنتج أقل سنويًا"، لكن الهيئة ذكرت أن زيادة المدفوعات ناتجة عن ارتفاع معدلات التضخم.
وبنهاية المدة المرصودة، كان هناك 869 ألفًا و857 منشأة مرخصة بالمنظومة، بإجمالي قدرات مركبة 6.94 غيغاواط.
وعلى نحو خاص، استحوذت الطاقة الشمسية الكهروضوئية على السواد الأعظم بين مصادر الطاقة النظيفة بنسبة 98.93%.
وتفصيليًا، أسهمت المنشآت متناهية الصغر (تنتج 50 كيلوواط أو أقل) بما إجماليه 99.21% من كل تركيبات المنظومة.
وفي التركيبات الأكبر (تنتج أكثر من 50 كيلوواط)، استحوذت الطاقة الشمسية أيضًا على النسبة الأكبر من القدرات الإنتاجية بنسبة 57.50%، ثم طاقة الرياح بنسبة 23.97%، والهضم اللاهوائي للنفايات 9.98%، والطاقة الكهرومائية 8.54%.
تفاوت بين الأغنياء والفقراء
يتوقع الكاتب ديفيد تورفر ارتفاع المدفوعات بموجب تعرفة التغذية الكهربائية خلال السنوات المقبلة بمعدلات كبيرة للغاية.
وقال محذرًا من تأثيرها في حياة الفقراء: "تلك التكاليف تؤثر على نحو غير متكافئ في الأكثر فقرًا في المجتمع، في حين يستفيد الأغنياء القادرون على تحمّل تكلفة وضع ألواح شمسية فوق أسطحهم".
وبالنظر إلى أن مدة العقود بين المنتجين والهيئة تتراوح بين 20 و25 عامًا، يُنذر ارتفاع معدل التضخم فوق مستوى توليد الكهرباء باستمرار التكاليف الإجمالية في المستقبل.
وقال: "سنستمر بالدفع فوق العادي حتى تُفلس البلاد.. نحتاج حقًا أن يمنح سياسيونا الأولوية للطاقة الرخيصة بدلًا من الإشارة إلى فضيلتهم الخضراء على الساحة العالمية".
ويُعد حزب العمال الحاكم بقيادة رئيس الوزراء كير ستارمر أحد أشرس المؤيدين للطاقة المتجددة وإزالة الكربون من الصناعات ولا سيما الكهرباء، وصولًا إلى هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وقبل وصوله إلى السلطة في صيف 2024، تعهّد ستارمر بمضاعفة قدرات الرياح البحرية والبرية وتسريع حظر المبيعات الجديدة لسيارات البنزين والديزل.
ورغم تجاهل معظم قادة دول العالم للمشاركة، أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، خلال فعاليات مؤتمر المناخ كوب 29 بأذربيجان، رفع مستهدفات خفض الانبعاثات إلى 81% (من 78% سابقًا) بحلول عام 2035، مقارنة بمستويات عام 1990.
لكن القائد السياسي الذي وعد الناخبين بخفض فواتير الكهرباء واجه عاصفة من التحديات، ومنها أن خطة إزالة الكربون من قطاع الكهرباء بحلول 2030 ستحتاج إلى استثمارات عامة وخاصة قدرها 116 مليار جنيه إسترليني (147.7 مليار دولار) على مدار 11 عامًا.
وستتحمل كل أسرة من دافعي الضرائب 150 جنيهًا إسترلينيًا بإجمالي 3 مليارات لتمويل بناء وتوسعات 9 مزارع رياح بحرية بين عامي 2027 و2031.
كما ارتفع حجم المدفوعات لمزارع الرياح، بسبب عجز الشبكة عن استيعاب الإنتاج الفائض فيما يُعرف باختناق الشبكة؛ إلى 1.3 مليار دولار حتى نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 6.2 مليار دولار بحلول 2030 إذا لم تُحل الأزمة.
تعرفة التغذية الكهربائية
تنقسم المدفوعات بموجب تعرفة التغذية الكهربائية إلى 1.762 مليون لمنتجي الكهرباء، و78 مليونًا لنقل الكهرباء إلى الشبكة، و18 أخرى لمديري المنظومة.
وبزيادة 7.2% على أساس سنوي، ارتفع إجمالي تلك المدفوعات إلى 1.858 مليون جنيه إسترليني، بما يعادل نحو 56 جنيهًا إسترلينيًا عن كل أسرة، وهو مستوى قياسي جديد بحسب كاتب المقال ديفيد تورفر.
وعن كل ميغاواط/ساعة، بلغت تكلفة كل من الإنتاج والنقل 221 جنيهًا، بزيادة 14.5 على أساس سنوي.
يزيد ذلك على متوسط السعر بموجب العقود مقابل الفروقات لإنتاج طاقة الرياح البحرية عند 150 جنيهًا لكل ميغاواط ساعة و113 للرياح البرية و110 للطاقة الشمسية.
وإجمالًا، بلغت تكاليف منظومة تعرفة التغذية منذ بدئها في عام 2010 إلى 16.389 مليون جنيه إسترليني.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
0 تعليق