الطاقة المتجددة لا تعوض الوقود الأحفوري رغم انخفاض تكلفتها (تقرير)

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تشير التقارير إلى أن مصادر الطاقة المتجددة، رغم انخفاض تكلفتها مؤخرًا، لا تحلّ محلّ الوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم) بالوتيرة اللازمة.

يأتي ذلك بعد أن عُدَّت التكلفة العالية للطاقة المتجددة، لسنوات عديدة، العائق الأساس أمام تبنّيها، بحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتحديثات القطاع.

وكان الوقود الأحفوري، على الرغم من أضراره البيئية، يُعدّ الخيار الأرخص ثمنًا والأكثر موثوقية لتشغيل الاقتصاد العالمي.

وقد تغيرت هذه الفكرة في السنوات الأخيرة، حيث أشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطاقة الشمسية أصبحت -حاليًا- "أرخص كهرباء في التاريخ".

كما أفادت وحدة الأبحاث "بلومبرغ نيو إنرجي فايننس" أن الطاقة المتجددة أرخص ثمنًا من نظيرتها القائمة على الوقود الأحفوري في 96% من أسواق الكهرباء في العالم.

ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة

يستمر الطلب العالمي على الطاقة في الارتفاع، وبدلًا من استبدال الفحم والنفط والغاز، غالبًا ما تعزز مصادر الطاقة المتجددة من هيمنة الوقود الأحفوري.

نتيجة لذلك، يظل استعمال الوقود الأحفوري مرتفعًا، على الرغم من زيادة نشر طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

وعلى الرغم من أن انخفاض تكلفة توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، فإن هذه المشروعات تقدّم إيرادات ضئيلة مقارنة بالوقود الأحفوري.

مزرعة أوكيندون للطاقة الشمسية بالقرب من العاصمة البريطانية لندن
مزرعة أوكيندون للطاقة الشمسية بالقرب من العاصمة البريطانية لندن – الصورة من وكالة بلومبرغ

بدورها، فإن معدلات الإيراد الداخلي لدى شركات النفط والغاز عادةً ما تبلغ ما بين 20% و50%، في حين تكافح مصادر الطاقة المتجددة لتحقيق إيراد داخلي يتراوح بين 5% و10%.

وينطوي هذا التفاوت في الربح على آثار عميقة في قرارات الاستثمار، خصوصًا في ظل نظام رأسمالي يعطي الأولوية لقيمة المساهمين على الاعتبارات البيئية أو الاجتماعية.

عدم استقرار قطاع الطاقة المتجددة

تفاقم الأسواق الفورية من عدم الاستقرار في قطاع الطاقة المتجددة، وعلى النقيض من الوقود الأحفوري، الذي يمكن حرقه عند الطلب، يعتمد إنتاج الطاقة المتجددة على الظروف الجوية.

فعندما تشرق الشمس وتهب الرياح، تغمر الطاقة المتجددة السوق، ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار.

وفي الأيام التي تغيب فيها الشمس وتهدأ الرياح، ترتفع الأسعار، حيث تملأ محطات التوليد العاملة بالغاز والفحم الفجوة.

ويؤدي هذا التقلب إلى جعل تدفّقات الإيرادات من الطاقة المتجددة غير متوقعة، ما يكبح الاستثمار الخاص.

وتزيد التكاليف الأولية المرتفعة لمشروعات الطاقة المتجددة من تفاقم التحدي، فعلى النقيض من محطات الوقود الأحفوري، حيث تُوزَّع التكاليف على مدى الوقت من خلال الشراء المستمر للوقود، تتطلب الطاقة المتجددة استثمارًا رأسماليًا كبيرًا في البداية.

محطة إرارينغ لتوليد الكهرباء من الفحم بالقرب من بحيرة ماكواري في أستراليا
محطة إرارينغ لتوليد الكهرباء من الفحم بالقرب من بحيرة ماكواري في أستراليا – الصورة من صحيفة الغارديان البريطانية

على سبيل المثال، يُتَحمَّل 80-90% من تكاليف عمر مزرعة الرياح أو الطاقة الشمسية خلال البناء.

لذلك، يفضّل العديد من المستثمرين استثمار أموالهم في مشروعات الوقود الأحفوري، التي تَعِد بأرباح أعلى وأكثر استقرارًا.

اتفاقيات شراء الكهرباء والدعم الحكومي

للتغلب على هذه التحديات، لجأ المطورون إلى آليات، مثل اتفاقيات شراء الكهرباء والدعم الحكومي.

وتمثّل اتفاقيات شراء الكهرباء عقودًا طويلة الأجل بين منتجي الطاقة المتجددة والمستعملين النهائيين، وعادةً ما تكون شركات كبيرة مثل أمازون أو غوغل.

وتوفر هذه الاتفاقيات استقرار الأسعار للمطورين وتأمين إمدادات الطاقة النظيفة للشركات، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

رغم ذلك، فإن اتفاقيات شراء الكهرباء تحوّل سلطة اتخاذ القرار إلى عدد قليل من الشركات العملاقة، وتركّز السيطرة على نشر الطاقة المتجددة في أيدي القطاع الخاص.

من ناحية ثانية، تؤدي هذه الاتفاقيات دورًا محدودًا في معالجة تقلُّب السوق والاعتماد على البنية الأساسية للوقود الأحفوري.

بدورها، دفعت الإعانات الحكومية، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية، وتعرفات التغذية، ومعايير محفظة الطاقة المتجددة، نمو الطاقة المتجددة.

مزرعة رياح ستورهيا في بلدية أفيورد بالنرويج
مزرعة رياح ستورهيا في بلدية أفيورد بالنرويج – الصورة من وكالة الصحافة الفرنسية

على سبيل المثال، استفادت الصين من الاستثمارات المدعومة من الدولة لتصبح أكبر منتج لطاقة الرياح والطاقة الشمسية في العالم، مضيفةً في عام 2022 ما يعادل بقية العالم مجتمعة.

وفي الولايات المتحدة وأوروبا، حفّزت الإعانات مثل تلك التي يوفرها قانون خفض التضخم التنمية على نحو مماثل.

الدروس المستفادة من تحول الطاقة

يقدّم تاريخ تحول الطاقة دروسًا أساسية لمواجهة تحديات اليوم، وخلال الثورة الصناعية، حلّت المحركات البخارية التي تعمل بالفحم محلّ عجلات المياه، ليس لأنها كانت أرخص، بل لأنها وفرت قدرًا كبيرًا من التحكم والمرونة لأصحاب المصانع.

وأصبح الوقود الأحفوري مهيمنًا، لأنه كان يتماشى مع دوافع الربح لدى رأس المال، وليس لأنه كان متفوقًا بطبيعته.

واليوم، ينطبق العكس على مصادر الطاقة المتجددة، فعلى الرغم من مزاياها من حيث التكلفة، فإن ربحيتها المنخفضة ومخاطرها الكبيرة تجعلها غير جذابة للمستثمرين الذين يهدفون إلى تحقيق الربح.

وهذا يؤكد أن الأسواق التي تحركها الأرباح غير مؤهلة لإدارة التحول الذي يعطي الأولوية للمصلحة العامة والبيئية على حساب المكاسب المالية قصيرة الأجل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق