قصة القديس القمص ميخائيل البحيري المحرقي الكنيسة تحتفل بتذكار نياحته

صوت المسيحي الحر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تحتفل الكنيسة بذكرى نياحة القديس القمص ميخائيل البحيري المحرقي يوم ٢٣ فبراير ٢٠٢٤م.. ١٥ أمشير ١٧٤٠ش.

القديس القمص ميخائيل البحيري المحرقي

القديس القمص ميخائيل البحيري المحرقي

سيرة القديس القمص ميخائيل البحيري المحرقي

وُلد القديس القمص ميخائيل البحيري المحرقي عام 1847 ميلادية في قرية أشنين النصارى التابعة لمركز مغاغة بمحافظة المنيا. نشأ في كنف والدين مسيحيين تقيين، اشتهرا بالصلاح والتقوى وكانا ممتلئين بنعمة الله، محبين للخير، ومشهودًا لهما من الجميع بالفضيلة. عندما بلغ الثانية عشرة من عمره توفي والده، وبعد أربع سنوات تبعته والدته في الوفاة.

خلال هذه المرحلة من حياته، يروي القديس القمص ميخائيل البحيري المحرقي أنه بعد وفاة والده أخذه أقاربه إلى أحد المنازل المجاورة لحمايته من تأثير الحزن على صحته. وأثناء جلوسه في عزلة على سطح المنزل، رأى والده في رؤيا يصعد إلى السماء محاطًا بالملائكة المضيئة. تعرّف عليه وناداه: “يا أبي، يا أبي”، فردت عليه الملائكة قائلة: اطلب أن تكون نهايتك كنهايته. ثم اختفى المشهد من أمامه.

كان الأب القمص تاوضروس المحرقي أحد الرهبان الذين اعتادوا زيارة قرية أشنين النصارى، حيث جمعته لقاءات منتظمة مع شاب يدعى ميخائيل. في هذه اللقاءات، كان ميخائيل يستمع بشغف إلى القصص عن سير القديسين وعمق الحياة الرهبانية التي تُعتبر طريقًا ساميًا مكرسًا للرب. تأثر ميخائيل بشدة بهذه الكلمات فبدأ بممارسة تداريب روحية بإرشاد من أب اعترافه، مما جعله يتذوق طعم الحياة الرهبانية حتى وهو في غرفته الخاصة.

القديس القمص ميخائيل البحيري المحرقي

القديس القمص ميخائيل البحيري المحرقي

رهبنة القمص ميخائيل البحيري المحرقي

عندما بلغ ميخائيل عمر العشرين، قرر الترهُب في دير السيدة العذراء بالمحرق خلال فترة رئاسة القمص بولس الدلجاوي (القديس أنبا إبرآم المعروف كأسقف الفيوم). سار على نهج معلمه الأنبا إبرآم، متحليًا بفضائل مثل التواضع والمحبة. من بين الأمور التي برع فيها في الدير كانت مهارة تجليد الكتب، فساهم بذلك في صيانة الكتب القديمة بمكتبة الدير. كان الزوار أيضًا يجلبون له كتبهم لأجل تغليفها، وكان يقبل أجرًا بسيطًا يوزعه على الفقراء من الرهبان وسكان المنطقة. تأثرت شخصيته بحبه للكتب وشغفه بالمعرفة، مما دفعه لتشجيع الرهبان الآخرين على القراءة والتثقيف.

دورة خروج رفات القديس القمص ميخائيل البحيري المُحرقي

دورة خروج رفات القديس القمص ميخائيل البحيري المُحرقي

خلال فترة رهبنته، تتلمذ ميخائيل على يد القمص الجليل صليب العلواني المحرقي، حيث تلقى تعليمًا عميقًا وتدريبات روحية ساعدته على النمو الروحي داخليًا وخارجيًا. وفي شهر طوبة من سنة 1591 ش (1874 م)، اقترح معلمه على رئيس الدير سيامته قسًا. تمّت سيامته بالفعل على يد الأنبا أثناسيوس أسقف صنبو وديروط وقنا. لاحقًا، رُقي إلى رتبة قمص وأصبح أب اعتراف ومرشدًا روحيًا لكثير من الرهبان في الدير.

سلك حياة زهد شديدة، مُكرِّسًا نفسه للنسك والتعبد، ووهبه الله مواهب جليلة منها القدرة على السيطرة على الوحوش، وكذلك سلطانًا على الأرواح الشريرة والسحرة والمشعوذين. واجه خلال حياته تجارب متعددة من عدو الخير، لكنه استقبلها بثبات وعزيمة. كان يتعامل مع ظهور الشياطين برسم علامة الصليب والتواضع العميق، ويصارعها بلا كلل، حتى أنه فقد بصره بسبب صراعاته المستمرة. وكان يعزز قوته الروحية بالصيام المكثف والصلاة.

تميز بتواضعه الكبير، إذ ظل يقوم بأعمال بسيطة حتى بعد ترقيته إلى رتبة القمصية. كان يُعنى بنظافة كنائس الدير دون شعور بالتعالي، كما اهتم بزراعة بستان الدير بنفسه. وما زالت شجرتا نخيل تُعرفان “بنخلتي أبينا القديس ميخائيل البحيري” قائمتين حتى الآن في الجهة الغربية من القصر المؤدي إلى الكنيسة الأثرية بدير المحرق.

دورة خروج رفات القديس القمص ميخائيل البحيري المُحرقي

دورة خروج رفات القديس القمص ميخائيل البحيري المُحرقي

القمص ميخائيل البحيري المحرقي فقد بصره

في أواخر حياته، تدهورت حالته الصحية حيث فقد بصره تقريبًا وضعف سمعه بشدة، وأصبحت قواه الجسدية واهنة. ومع ذلك، احتفظ بروح الشكر لله واستمر في عبادته اليومية بالصلاة والعطاء. وعلى الرغم من تزايد صعوبة التنقل، ظل مواظبًا على حضور الكنيسة كل يوم. وعندما سأله أحد أبنائه الذي كان يساعده للوصول إلى الكنيسة عن سبب استمراره في الذهاب رغم عدم قدرته على السمع أو الرؤية، أجاب قائلاً: “يا بني، عندما أذهب إلى الكنيسة أشتم رائحة البخور، وهذا يملأني بالعزاء، فأرى ما لم تره عين وأسمع ما لم تسمعه أذن”.

وخلال حياته كراهب، كان القديس دائمًا يردد عبارة “اذهب يا مبارك” كلما دخل أحد الرهبان إلى قلايته. وظل هذا التعبير لغزًا حتى جاء أحد أبنائه الروحيين وسأله بإلحاح عن سر العبارة. قال له الابن: “بحق أبوّتك، أخبرني من هو هذا المبارك؟ هل يوجد أحد يخدمك أو يزورك باستمرار هنا؟” وعندها تأثر القديس وبكى قائلاً: “ويحي أنا الشقي… سأريك السر الآن.”

القمص ميخائيل البحيري المحرقي وحكاية تعال يا مبارك

ثم نادى القديس القمص ميخائيل البحيري المحرقي: “تعال يا مبارك، لا تخف يا ابني.” وإذا بثعبان ضخم، يبلغ طوله حوالي مترين، يظهر من خلف خزانة الطعام. قال القديس: “هذا هو صديقي الوفي. يشارك معي طعامي، وأجد الراحة في النوم على جسده حيث أضع رأسي فوقه.” وبعد أن كشف السر، قال للثعبان: “اذهب يا مبارك”، فعاد الثعبان إلى مخبئه. المدهش أنه بعد انتقال القديس إلى السماء، غادر الثعبان القلاية بحزن شديد وبدأ يتلوى في التراب حتى مات من شدة الحزن على صديقه.

القديس القمص ميخائيل البحيري المحرقي

دورة خروج رفات القديس القمص ميخائيل البحيري المُحرقي

انتقال القديس القمص ميخائيل البحيري المحرقي واعتراف الكنيسة بقداسته

أما عن انتقال القديس واعتراف الكنيسة بقداسته، فقد تنيح يوم 23 فبراير عام 1923م، خلال الأسبوع الثاني من الصوم المقدس، بعد حياة مليئة بالجهاد استمرت 56 عامًا في الدير، وكان عمره حينئذ 76 عامًا. عاش منها 20 عامًا في العالم و56 عامًا في حياة الرهبنة والجهاد الروحي. وعند لحظة نياحته، شهد أحد شيوخ الرهبان الأثيوبيين الذين كانوا يقيمون في الدير مشهدًا رائعًا، حيث رأى روح القديس الطاهرة ترتفع نحو السماء وسط ملائكة أطهار يترنمون بألحان عذبة وتراتيل شجية ملأت أرجاء الدير.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق