عدم القيام بشعيرة أضحية العيد يضع المغرب أمام إعادة هيكلة قطيع الماشية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تشكل الإهابة الملكية بعدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة خطوة ذات أثر اقتصادي واجتماعي واضح، إذ انعكست مباشرة على سوق اللحوم الحمراء، مما أدى إلى انخفاض أسعار الأضاحي بنسبة بلغت حوالي 50% في مختلف الأسواق المغربية. هذا التراجع لم يقتصر فقط على أسعار الأضاحي، بل امتد ليشمل لحوم الأغنام في المجازر، مما يعكس التأثير المباشر لهذه الإهابة على توازن العرض والطلب.

وفقًا لما يوضحه المهندسان الزراعيان التوالي عزيز والزراولي مصطفى، خريجا معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، فإن ما نشهده حاليًا هو عملية تصريف سريع لـ”خزان” الأغنام الذي كان مخصصًا للتسمين والتسويق بمناسبة عيد الأضحى، حيث أدى تدفق كميات كبيرة من الأغنام إلى الأسواق إلى وفرة في المعروض، مما انعكس على الأسعار. ولم يقتصر هذا التأثير على لحوم الأغنام فقط، بل شمل أيضًا باقي البروتينات الحيوانية مثل لحوم الأبقار والدواجن والأسماك، في إطار ما يعرف بالتأثير التعويضي (L’effet de substitution).

غير أن هذا الانخفاض في الأسعار لن يكون مستدامًا. فبمجرد استنزاف هذا “الخزان” المرحلي، المتوقع أن يتراجع بشكل ملحوظ خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر القادمة، ستعاود أسعار اللحوم الحمراء الارتفاع التدريجي حتى تعود إلى مستوياتها السابقة، خاصة مع استمرار قرار منع ذبح إناث الأغنام، مما قد يؤدي إلى نقص في العرض على المدى المتوسط.

أمام هذا الوضع، تبرز ضرورة تدخل وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات لاتخاذ إجراءات مستعجلة لضمان إعادة هيكلة القطيع الوطني وضمان استقرار السوق. ويقترح المهندسان التوالي عزيز والزراولي مصطفى مجموعة من التدابير الاستراتيجية لتحقيق هذا الهدف، أبرزها ضرورة التحرير الكامل لاستيراد إناث الأغنام، بما في ذلك الغنمات الأقل من سنة والنعاج الحوامل وغير الحوامل، وذلك لضمان تعويض النقص المتوقع في القطيع وتحقيق استدامة الإنتاج المحلي.

تقديرات الخبراء تشير إلى أن العدد الإجمالي المطلوب استيراده يجب أن يتراوح بين 3 و4 ملايين رأس، وهو ما سيمكن من إعادة هيكلة القطيع وتفادي أي أزمة نقص خلال عيد الأضحى لسنة 2026. وتقدر الكلفة المالية لهذه العملية بين 3 إلى 6 مليارات درهم، أي ما يعادل قيمة تصدير حوالي 6000 سيارة بسعر 100 ألف درهم للوحدة، وهي تكلفة قابلة للتحمل بالنظر إلى أن المغرب يسعى إلى تصدير مليون سيارة بحلول نهاية السنة الجارية وتحقيق صادرات بقيمة 200 مليار درهم بحلول 2026.

من الناحية العملية، يقترح المهندسان الزراعيان أن تكون عملية الاستيراد مفتوحة أمام جميع الفاعلين القادرين على تمويلها، شريطة احترام المعايير الصحية المعمول بها، ودون فرض حد أدنى لعدد الرؤوس المستوردة، مما يضمن مرونة أكبر في تنفيذ العملية. كما يجب أن يقتصر دعم الدولة على إلغاء الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة، مما سيساهم في تخفيف الأعباء المالية على المستوردين، ويضمن توفير الأغنام بأسعار معقولة.

إضافة إلى ذلك، يشدد الخبراء على أهمية الإبقاء على دعم الشعير المستورد للحفاظ على استقرار أسعار الأعلاف، وهو عنصر أساسي في ضبط تكاليف الإنتاج وضمان استقرار الأسعار في الأسواق. كما أن استمرار منع ذبح إناث الأغنام يعد إجراءً ضرورياً لضمان استدامة القطيع المحلي، وتعزيز قدرته الإنتاجية على المدى الطويل.

وتشكل الإهابة الملكية فرصة حقيقية لإعادة التفكير في سياسات تدبير قطاع الأغنام بالمغرب، وتحويل هذا القرار إلى محفز لإصلاح عميق ومستدام يضمن استقرار الأسواق، ويحمي القدرة الشرائية للمواطنين، ويعزز الأمن الغذائي الوطني، مع دعم الفلاحين والمربين لضمان استمرار النشاط الفلاحي في هذا القطاع الحيوي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق