هيبة الدولة في حماية رجل السلطة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

رجال السلطة متنوعون، من وزير الداخلية إلى القائد العام للدرك الملكي إلى المدير العام للأمن الوطني إلى الوالي والعامل والباشا والقائد إلى الدركي والشرطي والمخزني. لكن الأكثر احتكاكا بالمواطنين هم رجال السلطة الحاملون للسلاح، الذين يمثلون هيبة الدولة والقانون. على الورق نجدهم محميين بنصوص واضحة لا تأويل فيها، لكن في الواقع اليومي يحدث ما يندى له الجبين. أخطر ذلك استعمال سلطة عليا لكسر عمل هؤلاء، ماذا يفعل شرطي أمام جنيرال وماذا يفعل دركي أمام وكيل الدولة؟

الهيبة هنا لا نقصد بها القمع والتسلط ومنع التعبير عن الرأي والتظاهر القانوني والإضراب المشروع وغيره، وإنما إخضاع المجتمع بجميع طبقاته ومكوناته لسلطة القانون في كل القضايا التي تهم المغاربة، فلا يستقوي أحد بماله أو سلطته أو سلطة غيره على الناس.

في أحد شواطئ تطوان، تعرض دركي لهمجية مصطاف يقولون إنه من الوقاية المدنية، وهو لا يلبس بشكل رسمي. أي أنه كان مدنيا أثناء وقوع الحدث. ونحن نعرف أن رجال السلطة توكل لهم مهمة حفظ الأمن في الشواطئ، يمنع التعري ولعب كرة القدم والسباق بالدراجات النارية الرباعية والطبخ وابتزاز المصطافين وغير ذلك. وحين يأمرك أحد هؤلاء الرجال بزي رسمي بشيء فعليك الإذعان، اللهم إن كان هناك شطط، يشهد عليه الناس الأتقياء.

في هذه الحادثة استرعى انتباهي سلوك المواطنين الذين تجمعوا حول الدركي محتكين به مستقوين بعددهم، لا أحد وقف إلى جانبه ليحميه من القوة المعتدية، حتى رفيق الدركي، دركي آخر، ابتعد عن الصدام وترك صديقه يواجه العاصفة وحده.

هذه الحادثة ليست معزولة، بل هي واحدة من وقائع كثيرة بالصورة والصوت، خاصة مواجهة العصابات المسلحة بالسيوف والكلاب ومنحرفي الجماهير الرياضية، لكن أكثرها عددا يتعلق بعصيان السائقين لأوامر المراقبة الطرقية، وصل بعضها إلى القتل العمد والجرح الخطير، مثل حادثتي سيارة النقل المزدوج والدراجة ثلاثية العجلات.

ونحن هنا نسجل الحساسية المفرطة للحقوقيين الذين يستكثرون على رجال السلطة حماية أرواحهم حين يقتضي الأمر استعمال الأسلحة، وهو أمر غير موجود حتى في أعرق الديموقراطيات. وقد رأيت الشرطة الأمريكية تطلق النار على منحرفين لمجرد عدم إلقاء السلاح الأبيض والانبطاح أرضا.

يشهد المغرب اليوم إخلالا واسعا بسلطة القانون من خلال الاستمرار في خرقه، بمساندة الأعذار الاجتماعية الاقتصادية، فلا هيبة لرجل السلطة أمام البناء العشوائي واحتلال الطرق من أجل البيع والشراء الفوضوي والسياقة بشكل غابوي متوحش من طرف الجميع، حتى أصبحنا نشك في كون هذا التراخي في حد ذاته تجنب من السلطات لصداع الرأس مع المنحرفين. (كم حاجة قضيناها بتركها)

لقد تم اختصار حزم السلطات في حملات موسمية، مرة لحماية الملك العمومي ومرة من أجل إرغام مستعملي الدراجات النارية على التأمين ولبس الخوذة ومرة على مقاهي الشيشة إلى غير ذلك، وهذا مما يزيد من تآكل هيبة القانون بفعل عدوى تحدّيها ومواجهة الشرطة ورجال الدرك بعنف غير مسبوق.

الحزم في مواجهة انحراف المجتمع ليس عيبا ولا شططا ولا تسلطا، وإنما هو حماية لراحة المغاربة أينما كانوا، في مساكنهم وفي الشارع وأماكن العمل ومراكز الاستجمام وفي كل جزء من بلادنا، وإذا اضطرت الحكومة لزيادة عدد المتدخلين من رجال السلطة فلا بأس في ذلك، لأنه استثمار في هيبة السلطة وتعزيز لأمن المواطنين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق