ما هي حصة مدينة القنيطرة من التجهيزات الرياضية الخاصة بكأس العالم 2030؟

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

قال عبد الكريم لشهب، أستاذ جامعي ولاعب سابق للنادي القنيطري، إن “منشآت وتجهيزات رياضية كبرى أنجزت في بعض المدن المغربية كالرباط والدار البيضاء وطنجة وفاس وأكادير في مختلف الرياضات، لكن مدنا أخرى لم تحظ بالعناية والاهتمام في المخططات الجماعية والإقليمية، منها مدينة القنيطرة، لأسباب تظل مجهولة إلى حد بعيد رغم أن للمدينة تاريخا رياضيا حافلا”.

واستعرض لشهب، في مقال له بعنوان “ما هي حصة القنيطرة من التجهيزات الرياضية الخاصة بكأس العالم 2030؟”، عددا من النقط التي قيّدت التعمير بمدينة القنيطرة، قبل أن يؤكد على “ضرورة دعم وتعزيز المنشآت السياحية بالمدينة التي تتوفر على مساحات واسعة على امتداد شاطئ المهدية ومنطقة الشليحات، مما سيكون دعامة لمشروع الميناء الترفيهي المقترح منذ سنوات”.

ولفت الأستاذ الجامعي إلى أن “مجاورة القنيطرة لمدينة الرباط، وتوفرها على كل وسائل النقل الحديثة، خاصة منها القطار فائق السرعة، يمكن أن يشكل دعامة لتخفيف الضغط عن المدن المستقبلة للتظاهرات الرياضية الكبرى، كما هو منتظر بمناسبة تنظيم المغرب لكأس العالم في كرة القدم سنة 2030”.

نص المقال:

تعتبر المناظرة الملكية حول الرياضة الوطنية، التي نظمت بالصخيرات في 24 و25 أكتوبر 2008، خارطة طريق لرؤية سياسية واضحة المعالم، تسعى إلى رسم مسار صحيح وجديد للرياضة في بلدنا، بتدبير محكم، وبحكامة جيدة، وبإقران المسؤولية بالمحاسبة، فكان شعارها “رؤية مشتركة، مسؤولية متقاسمة”، بمعنى أن نجاح أي مشروع رياضي رهين بانخراط كل المسؤولين في الشأن الرياضي، وكذا جميع القطاعات الحكومية والمؤسسة التشريعية والقطاع الخاص والمؤسسات العمومية، وذلك بتفعيل استراتيجية تعاون مشتركة بينها كما أكدت ذلك الرسالة الملكية: “وإننا لندعو بالخصوص الجماعات المحلية والقطاع الخاص لأن يكونوا شركاء، بكل ما يعنيه ذلك من حضور والتزام وفعالية في المخطط المندمج الجديد لتنمية الرياضة المغربية… وذلك في تضافر لجهودها مع السلطات العمومية، وهيئات الحركة الرياضية والأولمبية الوطنية”.

إذا أردنا أن نقدم تشخيصا موضوعيا لواقع المنظومة الرياضية، وتقييما لكيفية تنزيل الرؤية الملكية ومدى مساهمة الجماعات المحلية والسلطات العمومية، منذ إعلان المناظرة الملكية بالصخيرات إلى يومنا هذا، سنقف عند المنشآت والتجهيزات الرياضية الكبرى التي أنجزت في بعض المدن المغربية كالرباط والدار البيضاء وطنجة وفاس وأكادير في مختلف الرياضات، والتي أسهمت بشكل كبير في تحقيق نتائج جيدة فقط في بعض الأصناف الرياضية ككرة القدم، وكرة القدم المصغرة. ورغم حرص صاحب الجلالة على تعميم مقتضيات الرؤية الملكية السامية على جهات ومدن المملكة، فإن ما يبدو من خلال المعطيات أن مدنا أخرى لم تحظ بالعناية والاهتمام في المخططات الجماعية والإقليمية، منها مدينة القنيطرة، لأسباب تظل مجهولة إلى حد بعيد رغم أن للمدينة تاريخا رياضيا حافلا، ومسارات على المستوى الوطني لا يمكن إنكارها في جميع الأنشطة الرياضية، فقد ظلت دوما علامة بارزة ومتألقة على الصعيدين الجهوي والوطني، وهذا بشهادة هيئات محلية ووطنية بأنها مدينة الرياضات بامتياز. فإن كانت المدينة عرفت تنمية على مستوى البنية الصناعية الرياضية والاقتصادية (المنطقة الصناعية الحرة وموقعها على الشريط الحضري الساحلي الشمالي الغربي)، فهي لم تعرف تطورا واضحا للتنمية الرياضية، رغم وجود عناصر قوة لصياغة مخطط رياضي شامل يواكب هذه التنمية، ويعيد تأهيل وإحياء واستثمار بعض المنشآت القائمة رغم قلتها (ملاعب القرب، وقاعات كرة القدم المصغرة)، أو خلق منشآت جديدة بالفضاء الرحب للمدينة.

من جهتنا، نعتبر أن التنمية الرياضية تدخل في صميم التنمية المستدامة كما ينص على ذلك النموذج التنموي الجديد، وهي أيضا لا تقل أهمية في قدرتها على جلب الاستثمارات وخلق فرص الشغل وتطوير الكفاءات، وبالطبع لكي يتحقق ذلك يجب ربط مشروع التنمية الرياضية بمشروع مخطط تصميم التهيئة الذي تم تنزيله مؤخرا للبحث العلني (13 غشت 2024)، والذي يجعلنا ندلي برأينا فيما يتعلق بالجانب الرياضي والترفيه الخاص بالمدينة، حيث بدا لنا واضحا غياب رؤية وتخطيط دقيق قادر على اقتراح برنامج خاص لكل حي سكني، يتضمن تهيئة فضاءات للترفيه، وملاعب للقرب، علما أن بعض الأحياء تفتقر إلى هذه الملاعب (الإسماعيلية، والطيبية، والحوزية، والحدادة، وميموزا، وبئر الرامي الجنوبية والشرقية والغربية… واللائحة طويلة). ولعل ذلك راجع، في نظرنا، إلى سوء تدبير الهندسة المجالية بشروط الإقامة الحضرية العصرية، التي يجب أن تمزج بين البنايات والفضاءات الخضراء والترفيهية والمنشآت الرياضية، برؤية تحترم المعايير المعتمدة في تخطيط الأحياء السكنية (نسبة السكن والساكنة وعلاقتها بنسبة المساحات الخضراء وفضاءات الترفيه).

ظل التعمير في مدينة القنيطرة مقيدا بما يلي:

توجيه المنعشين العقاريين لمسارات العمران والتعمير بشكل غير معقول، حيث نلاحظ دوما أن المدينة كانت تعرف امتدادات عمرانية في قطاعات ومجالات مختلفة بشكل مستمر، ومن قبل نفس المنعشين إلى درجة إحساسنا بأن هناك تسابقا حثيثا بين تجار القطع الأرضية للاستحواذ على أكبر كعكة عقارية بالمدينة.

يفتقر التخطيط العمراني إلى رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار المجالات ذات الصلة بالترفيه والرياضة والأعمال الاجتماعية والثقافية، ولذلك كانت النتيجة مساحات إسمنتية ممتدة بشكل يخدش جمالية المدينة، ويحصر وظيفتها في السكن.

ظلت القنيطرة على مدى عقود، وبالنظر للصور التي تسجلها ذاكرتها، مدينة ينسجم فيها العمران بالفضاءات الخضراء والمساحات الرياضية، بشكل هندسي قلما نجد له نظيرا في مدن أخرى. ومن هنا كانت القنيطرة أشبه بالمدن الأوربية، بينما سينقلب الأمر بعد ذلك لتتراجع داخلها الفضاءات الرياضية والترفيهية..

لا بد إذن من ضرورة إغناء مخططات العمران والبناء ببنود تلزم المنعشين العقاريين بالتنسيق بين الكتلة المبنية والفضاءات المهيأة للترفيه والأنشطة الرياضية بمنظور حضاري وحداثي، تراعى فيه الاحتياجات الفنية والجمالية والسياحية، ويحافظ على مجاله الغابوي باعتباره ثروة اقتصادية وإيكولوجية، لكنه أصبح مهددا جراء الغزو العمراني الكثيف الذي ألحق به أضرارا بالغة، ويحتاج الآن إلى رؤية متبصرة لحمايته، وإعادة الحياة إليه بتدبير عقلاني لكي يؤدي وظيفته الترفيهية على أحسن وجه، ويصبح فضاء صديقا للبيئة، ولنا في هذا المقام نموذج المركب الرياضي الجامعي لجامعة ابن طفيل، الذي يعد قطبا بارزا على المستوى الوطني في تناسق منشآته الرياضية مع المجال الغابوي.

ينبغي العمل في هذا المجال على خلق تنسيق وتفاعل بين المواصفات العمرانية الحديثة ذات البعد الفني والجمالي، والفضاءات المخصصة للترفيه والرياضة في تناغم يراعي الوظيفة المتكاملة لحياة حضرية عصرية. وفي نفس السياق نسوق موضوعا له أهمية خاصة في نفوس القنيطريين، يتعلق الأمر بفضاء الفلين الموجود بشارع الرياضة، الذي يضم مختلف المنشآت الرياضية (رياضة الفروسية بما في ذلك القفز على الحواجز، حلبة لسباق الخيول، الملعب البلدي، ملعب أحمد الصويري، ملعب المسيرة، ملاعب كرة المضرب، مسابح، فضاء للترفيه، مقهى ومخيم دولي ذائع الصيت)، والذي اقترح تصميم التهيئة الجديد مضمار الفروسية لإنجاز بعض المنشآت السياحية داخل فضائه، وهو الأمر الذي نرفضه جملة وتفصيلا، علما أن هذه المنطقة تمثل فضاء رياضيا وترفيهيا متماسكا، وتؤثث لذاكرة وموروث رياضي أسس في الثلاثينيات. نعتقد أن مبررات الاختيار مجانبة للصواب، مع تقديرنا لضرورة دعم وتعزيز المنشآت السياحية بالمدينة، إذ إن المدينة تتوفر على مساحات واسعة على امتداد شاطئ المهدية ومنطقة الشليحات، مما سيكون دعامة لمشروع الميناء الترفيهي المقترح منذ سنوات، لذلك نرى أنه من الأفضل الحفاظ على الغايات الأولى التي وضع من أجلها المضمار، وهي غايات رياضية، لأن موقعها الاستراتيجي سيساهم في تمكين نسبة مهمة من الساكنة الاستفادة منها بالنظر لتصورنا لهندسة هذا المضمار، إذ نقترح أن يكون في شكل قرية رياضية يضم إلى جانب المنشآت القائمة:

مسبحا أولمبيا يمكن المدينة ومنطقة الغرب برمتها من إحياء بعض الرياضات مثل كرة الماء (الواتر بولو)، ورياضة القفز، إضافة إلى السباحة الفردية والجماعية.

قاعة مغطاة متعددة الرياضات وبمواصفات عالمية، علما أن موطن كرة القدم المصغرة هو مدينة القنيطرة التي أنجبت لاعبين حملوا راية المنتخب الوطني في ملتقيات دولية، وهم الذين ساهموا في بروز هذه اللعبة على المستوى الوطني.

ملعبا معشوشبا للتداريب مع مضمار خاص بألعاب القوى، وهي فرصة سانحة الآن في ظل سياق احتضان المغرب للتظاهرة الرياضية الكبرى لكأس العالم 2030، وتمكين الساكنة النشطة من استثمار طاقاتها الإبداعية بما فيه مصلحة المدينة والرياضة بوجه عام.

إننا نأمل من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بتنسيق مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ووزارة المالية، وفقا للتعليمات المولوية الرامية إلى الرفع من مستوى قطاع الرياضة، العمل على برمجة مشاريع رياضية تتماشى مع تاريخ القنيطرة الرياضي، وتستجيب لحاجيات المغرب في تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى، التي يمكن لمدينة القنيطرة أن تؤدي ضمنها وظيفة هامة، ليس باحتضان لقاءات رياضية فقط (خاصة في كرة القدم المصغرة التي نأمل أن تحتضن المدينة مركبا رياضيا في مستوى إنجازاتها)، ولكن كذلك باستقبال لقاءات تدريبية، وبتوفير مواقع للترفيه والإقامة المريحة لضيوفها، علما أن مجاورتها لمدينة الرباط وتوفرها على كل وسائل النقل الحديثة، خاصة منها القطار فائق السرعة، يمكن أن يشكل دعامة لتخفيف الضغط عن المدن المستقبلة للتظاهرات الرياضية الكبرى، كما هو منتظر بمناسبة تنظيم المغرب لكأس العالم في كرة القدم سنة 2030.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق