عمارة مسجد أحمد بن طولون تشبه أهله المصريين، نفذها سعيد بن كاتب الفرغاني المهندس القبطي ولم يكن من المقبول في ذلك الوقت أن يقوم حاكم الدولة الإسلامية بالاستعانة بمسيحي ليقيم مسجدا.
لكن ابن طولون لم ينظر لكل هذا، اختاره بوصفه الأفضل، وأخرجه من السجن لينشئ المسجد.. ليكون نموذجا متحضرا لأقصى درجة من العمارة والإدارة في زمن لم يكن يعلم شيئا عن هذه المفاهيم.
على طراز مساجد سمّراء
مسجد أحمد بن طولون الوحيد الذي شيد على طراز مساجد سمرّاء من حيث المبنى الحلزوني أو الملوي والصحن الكبير فهو أكبر الجوامع الأثرية مساحة في مصر، ولا يعلم الكثيرين أن مأذنتة لا يوجد منها في الشرق كله سوى واحدة فقط في العراق، نظرا لأن أحمد ابن طولون تربى فترة من حياته في سمرّاء بالعراق فكان متأثرا بالعمارة الخاصة بها، ما جعله يطلب من المهندس أن تكون المأذنة على طراز مأذن سمرّاء، وفق سامح الزهار الباحث في الأثار الإسلامية والقبطية.
لم يكن المهندس سافر إلى هناك، ما جعل أحمد بن طولون يشرحها له، عن طريق ورقة قام بلفها حول بعضها ليبين له الشكل المخروطي الذي يحتوي على سلم يمكنه من الصعود لرؤية القطائع كلها من الأعلى، بينما حجم النقوش والزخارف المتواجدة بالداخل مبهرة لأقصى درجة.
بناء مهيب على مساحة 38 أف متر مربع
قبل 1140 عاما انتهى المهندس سعيد بن كاتب الفرغاني من بناء مسجد أحمد بن طولون المهيب على مساحة 38 ألف متر مربع (6.5 فدان)، بعد أن استغرق في تشييده عامين متواصلين، ليفتتح به فن العمارة الإسلامية في مصر، ويصبح ثالث أكبر مسجد أثري بعد سمراء في العراق وقرطبة في جنوب إسبانيا، من حيث المساحة.
ومسجد أحمد بن طولون هو ثاني أثر في مصر الإسلامية بعد مقياس النيل الذي كان منذ 247 وابن طولون 265، فيما جمع ابن طولون في المسجد بين الطراز العراقي والمصري، ويمثل النواة للطراز المصري الإسلامي، فالطابع القومي المصري يتمثل في الجذور الفرعونية والشخصية الإسلامية التي تشكلت خلال الـ 15 قرن الماضية، واكتسبت شخصيتها المصرية الإسلامية القوية في العصر الفاطمي ووصلت عصرها الذهبي في العصر المملوكي فكما يقول الأجانب على الطراز المملوكي انه الطراز القومي المصري، حسب د. محمد حمزة عميد كلية الأثار ومساعد رئيس جامعة القاهرة السابق.
أعلى مستوى من الترميم
ويرى د. مختار الكسباني أستاذ الأثار الإسلامية بجامعة القاهرة إن عمليات ترميم مسجد أحمد بن طولون ضمن مشروع تطوير القاهرة التاريخية كانت على أعلى مستوى بشهادة خبراء على مستوى العالم.
0 تعليق