اقرأ في هذا المقال
- الاكتشافات البحرية شكّلت 73% من الإجمالي العالمي خلال العقد الحالي.
- مشروعات النفط والغاز البحرية تهدد النظم البيئية.
- صناعة النفط والغاز ترى أن المشروعات البحرية تمتلك كثافة كربونية أقل.
- اتساع الفجوة بين الاستثمارات في الطاقة المتجددة والوقود الأحفوري.
تتزايد اكتشافات النفط والغاز البحرية بوتيرة غير مسبوقة، لتفتح شهية الشركات على موارد جديدة في أعماق المحيطات، بدلًا من التركيز على مصادر الطاقة النظيفة.
وقد تتعارض الطفرة في المشروعات مع الأهداف المناخية العالمية، وتمثل مخاطرة بيئية واقتصادية كبيرة، لكن على الجهة الأخرى يراها البعض ضرورة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة مع استبعاد وصول استهلاك النفط إلى ذروته.
وبحسب بيانات حديثة، اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، شكّلت اكتشافات النفط والغاز البحرية 73% من إجمالي الاكتشافات العالمية خلال العقد الحالي، مقارنة بـ60.4% في العقد الماضي.
وترى بعض المؤسسات، وعلى رأسها وكالة الطاقة الدولية، أن هذه المشروعات ستكون في أوجها مع اقتراب ذروة الطلب على النفط والغاز قبل 2030؛ ما قد يفاقم مخاطر الأصول العالقة.
طفرة اكتشافات النفط والغاز البحرية
بعد سنوات من التوجه نحو مصادر الطاقة المتجددة، تعود الشركات الكبرى إلى تعزيز اكتشافات النفط والغاز البحرية، رغم التكلفة الباهظة والمخاطر.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أوضح تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" عودة الاكتشافات البحرية، ليكون هذا العقد هو الأبرز في تاريخ هذه الاكتشافات، في حين أوضحت وكالة رويترز أن أنشطة الحفر بـالمياه العميقة في طريقها لتحقيق أعلى مستوى لها منذ 12 عامًا خلال العام الجاري.
وبالتوازي، توقّع تقرير صادر عن منتدى الدول المصدرة للغاز أن إنتاج الغاز من الحقول البحرية سينمو بوتيرة أسرع من إنتاج الحقول البرية، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويدعم التحول قرارات جريئة من عمالقة الطاقة، مثل شركة بي بي البريطانية التي سبق أن تعهّدت بخفض إنتاجها من النفط والغاز، وتراجعت عن هدفها وأعلنت استثمارات جديدة في خليج المكسيك، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
كما أعلنت شركة إكوينور تقليص استثمارات الطاقة المتجددة لصالح زيادة إنتاج النفط والغاز، مع التركيز على تطوير أحد أكبر الحقول البحرية النرويجية.
ويستعرض الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- أحجام اكتشافات النفط والغاز عالميًا خلال عامي 2022 و2024:
اكتشافات النفط والغاز البحرية تهدد المحيطات
بحسب التقرير الصادر عن منصة غلوبال إنرجي مونيتور، تمتد المخاطر المرتبطة باكتشافات النفط والغاز البحرية طول دورة حياة المشروع، وتهدد المحيطات والغلاف الجوي:
- مرحلة الاستكشاف:
- التلوث الضوضائي الناتج عن الدراسات الزلزالية يُعرّض الحياة البحرية للخطر.
- حفر الآبار الاستكشافية يؤدي إلى اختلال قاع البحر وفقدان الموائل وينشر سمومًا تهدد النظم البيئية.
- المناطق المحظورة تمنع الصيادين من الوصول إلى مناطق الصيد، وحرمانهم من مصدر رزقهم.
- مرحلة الإنتاج:
- الإغفال عن الأثر المناخي لإنتاج النفط والغاز البحري.
- التسربات النفطية الكبرى لها تأثيرات كارثية موثقة، في حين أن التسربات المعتادة تحدث دون الإبلاغ عنها.
وبعد استنفاد الحقول، قد تكون الآبار المهجورة معرّضة للتسرب وتُشكِّل تهديدًا طويل الأمد للبيئة حتى بعد مغادرة الشركات.

مبررات صناعة النفط والغاز
خلال السنوات الـ10 الماضية، أدى انخفاض تكاليف تطوير مشروعات النفط والغاز في المياه العميقة إلى النصف والتقدم التقني، إلى فتح فرص جديدة للتنقيب في مكامن كانت تُعد سابقًا بعيدة المنال اقتصاديًا وجيولوجيًا.
وترى الصناعة أن هذه المشروعات تتمتع بكثافة كربونية أقل من المشروعات القديمة؛ إذ تُعَد بمثابة حلول فعّالة للموازنة بين العوائد الاقتصادية وخفض كثافة الانبعاثات.
ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تُشكِّل انبعاثات النطاقين 1 و2 -الناتجة عن الاستخراج والمعالجة والتكرير والميثان والنقل- قرابة 20% و15% من إجمالي انبعاثات دورة حياة النفط والغاز على التوالي.
بينما تشكل انبعاثات النطاق 3 -الناتجة عن حرق النفط والغاز من قبل المستهلكين النهائيين- النسبة الكبرى؛ إذ تمثل 80% من انبعاثات النفط و85% من الغاز، وبناءً على ذلك؛ فإن تجاهل هذه الانبعاثات يُغفل التأثيرات المناخية للمشروعات، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وأشار تقرير غلوبال إنرجي مونيتور إلى أن الآثار البيئية لمشروعات النفط والغاز تتجاوز تأثيرها في النظم البيئية المحلية والتنوع البيولوجي؛ حيث تُسهِم الانبعاثات الناتجة عنها في تفاقم أزمة المناخ، وفي حالة السماح لتطوير حقول نفط وغاز جديدة سيُهدد ذلك أهداف الحد من ارتفاع درجات الحرارة.
وأضاف أنه رغم الحاجة الماسّة للاستثمار لتوفير إمدادات النفط والغاز وفقًا لسيناريوهات وكالة الطاقة الدولية؛ فإن الفجوة بين ما يجب استثماره في الطاقة النظيفة وما يُضخ في الوقود الأحفوري تتسع، وتوجيه الاستثمارات نحو مصادر الطاقة المتجددة يمثل الحل الأمثل.

هل اقتربت ذروة الطلب على النفط؟
رغم التحذيرات من أن التوسع في اكتشافات النفط والغاز البحرية يخاطر بأن تصبح هذه المشروعات أصولًا عالقة؛ فإن التقديرات تشير إلى أن العالم بحاجة إلى ضخ استثمارات جديدة في قطاع المنبع بين 2025 و2030 بقيمة 4.3 تريليون دولار، وفق بيانات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
ومع ذلك، هناك تباين واضح بين مختلف التقديرات حول حجم الاستثمار المطلوب؛ حيث ترى بعض الشركات البحثية، مثل وود ماكنزي وريستاد إنرجي، أن مستويات الاستثمار الحالية حول 500 مليار دولار قد تكون كافية، مستندةً إلى عوامل مثل الكفاءة الإنتاجية والانضباط الرأسمالي.
في المقابل، تؤكد جهات مثل أوبك ضرورة استمرار الاستثمار لضمان أمن الطاقة العالمي، محذرةً من أن توقعات ذروة الطلب التي تروج لها وكالة الطاقة الدولية قد تكون غير دقيقة.
وبدلًا من ذلك، رفعت المنظمة تقديراتها إلى 120.1 مليون برميل يوميًا بحلول منتصف القرن، من 105 ملايين برميل يوميًا في الوقت الحالي.
وتستند توقعات أوبك إلى نمو الطلب في الهند وآسيا وأفريقيا والشرق الأوسط؛ حيث يُتوقع أن يرتفع الطلب في هذه المناطق بنحو 22 مليون برميل يوميًا حتى 2050، مع استمرار الهند وحدها في قيادة النمو بمقدار 8 ملايين برميل يوميًا.
في المقابل، تواجه وكالة الطاقة الدولية انتقادات شديدة من مسؤولين أميركيين وشركات النفط الكبرى، وسط اتهامات بتقديم سيناريوهات مناخية غير دقيقة، أسهمت في استمرار أزمة الطاقة.
الخلاصة..
رغم الطفرة الحالية في اكتشافات النفط والغاز البحرية؛ فإن هذه المشروعات تحمل مخاطر بيئية ومناخية جسيمة، تتعارض مع الأهداف العالمية للحد من الانبعاثات، وبينما تبرر الصناعة توسعها بالتقدم التقني وتحسين كفاءة الإنتاج؛ فإن التأثيرات طويلة الأمد في المحيطات والمناخ لا تزال مثار جدل.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..
- مخاطر اكتشافات النفط والغاز البحرية من منصة غلوبال إنرجي مونيتور.
- رسم أحجام اكتشافات النفط والغاز في 2024 من وحدة أبحاث الطاقة.
0 تعليق